عادت الدبلوماسية الشعبية إلي صدارة المشهد عقب ثورة 30 يونيه لتصحيح الصورة الذهنية السلبية التي تبثها الفصائل السياسية المتطرفة وتشرح الواقع الذي تعيشه مصر قبل وبعد الثورة وما يقتصر دورها علي الجانب السياسي فقط. بل يمتد إلي الجانب الاقتصادي وتشجيع الدول المصدرة للسياحة علي السماح لمواطنيها بزيارة مصر لتنشيط الحركة السياحية التي تعد طوق النجاة لكافة أزمات مصر الاقتصادية. أجمع الخبراء والمفكرون أن دور الدبلوماسية الشعبية مؤثر للغاية وأول وفد دبلوماسي شعبي كان بعد عدوان 56 وطالبوا بضرورة أن يعمل هذا النوع من الدبلوماسية من خلال منظومة متكاملة بالتعاون مع الجهات الرسمية لتحقيق أهدافها. يري المفكر القبطي جمال أسعد أن الظروف الاستثنائية فرضت دورا علي كل مواطن والوفود الشعبية تعمل علي تحسين صورة مصر وتصحيح المفاهيم الخاطئة أو تحسين العلاقات مع بعض الدول الخارجية خاصة في أفريقيا. ويشير إلي أن الدبلوماسية الشعبية لا يمكن أن تأتي بالنتائج المطلوبة بمفردها حيث تتحمل وزارة الخارجية وهيئة الاستعلامات دورا كبيرا ولكننا لا نجد لها دورا علي الواقع مشيرا إلي الدور الإيجابي الذي لعبته الهيئة بالتعاون مع الوفود الشعبية عقب عدوان 56 حيث كان لهما دور تاريخي لذلك لن تتمكن هذه الوفود من تحقيق النجاح المطلوب بعيدا عن الحكومة الانتقالية التي بدورها يجب أن تتسمك بتطبيق مباديء الثورة علي أرض الواقع لأنها رقم واحد في المنظومة ثم بعد ذلك تتكامل الأدوار لتحقيق الإرادة الشعبية التي قامت الثورة من أجلها. ويعتبرها الصحفي والمفكر صلاح عيسي سلاحا فعالا لتوضيح الصور غير الصحيحة ومواجهة الحملات التي يشنها التنظيم الدولي للإخوان في الخارج ولذلك تقوم الوفود الشعبية بدور كبير في الاتصال برجال الإعلام والمسئولين والبرلمانيين لشرح الواقع قبل وبعد 30 يونيو ولكن لابد أن تقوم الإدارة المصرية باتخاذ خطوات إيجابية لتأكيد مصداقيتها فيما يخص الدستور أو الاستفتاء عليه أو إجراء الانتخابات البرلمانية وحتي يكون لهذه الوفود مصداقية علي الصعيد الخارجي. في حين يري الدكتور عثمان محمد عثمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر أن الأساس في توضيح الموقف الرسمي للدولة مسئول عنه وزارة الخارجية أو جهة رسمية لكن عندما تحاول جماعة مثل الإخوان تشويه الصورة في الخارج لابد من تدخل طرف شعبي لتوضيح الحقيقة خلال تنظيم لقاءات مع مراكز الرأي العام المؤثرة في اتخاذ القرار في بعض الدول التي لديها انطَباع خاطيء عن الوضع المصري. ويوضح د.محمود العجمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة اسويس أن دور الوفود الشعبية يختلف تبعا للدولة التي يتم زيارتها إذا كان الرأي العام يؤثر علي الحكومة مثل أمريكا أو أوروبا سيكون تأثير الوفود جيدا لو اتصلت بالرأي العام لكن بعض الدول مثل روسيا والصين حيث تحكم بمركزية القرار يكون دور الوفود محدودا وهو ما حدث خلال زيارة الدبلوماسية الشعبية لبروكسل وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا حيث كان هناك ترحيب رسمي والتقوا بممثليَ الشعب والبرلمان لذلك كان لها صدي قوي. ويؤكد علي أن العلاقات لا تعود بمجرد الزيارات فقط ولكنها في حاجة إلي استثمارات وتعاون خاصة في دول أفريقيا وتحديدا إثيوبيا وأوغندا. ويشير اللواء مختار قنديل الخبير الاستراتيجي إلي ضرورة أن تكون للوفود أي مصالح شخصية حتي تتمكن من الدفاع عن مصالح الوطن فقط إلي جانب توفير نافذة إعلامية دولية لتوضيح الصورة المصرية أولا بأول كما يجب تفعيل دور هيئة الاستعلامات وأن تكون هناك زيارات رسمية من جانب وزير الخارجية وشيخ الأزهر والبابا لتحقيق الهدف المطلوب. ويشير د.كمال الهلباوي المفكر الإسلامي إلي أنه أثناء وجوده في لندن شارك ضمن وفد اللجنة المصرية لدعم الدولة الديمقراطية التي كان يرأسها د.مجدي اسحاق وكان الوفد يضم محمد النبوي ومحمد سلماوي ومني ذو الفقار حيث قامت اللجنة البريطانية باستقبالهم وتنظيم لقاءات لهم مع الدبلوماسيين والبرلمانيين هناك. ويري أن الوفود الشعبية هي جهد مشكور ومفروض علي مستويات عديدة بشرط أن يكون المشاركون فيها علي دراية جيدة بلغة أهل البلد لنقل وترجمة انطباعات وثقافة المصريين وأن ما حدث في 30 يونيو كان ثورة حقيقية.