جاءت إلي "الجمهورية" من العتبة وبالتحديد من شارع البيدق ولسان حالها يكاد ينطق بأنها في محنة أو مأزق طلبت شيئا لم يطلبه أحد قبلها ولا بعدها ولا أدري ان كان حلمها قد تحقق أو لم يتحقق. فتاة شابة في مقتبل العمر قالت انها تعرفت علي شاب مغربي عن طريق زوايا التعارف التي تنشرها احدي المجلات العربية ونشأت بينهما قصة حب وانه يريد الحضور من المغرب إلي مصر لخطبتها لكنه لا يملك ثمن تذكرة الطائرة. طلبت الفتاة مساعدتها في الحصول علي التذكرة لترسلها إلي الشاب المغربي ليتمكن من الحضور إلي القاهرة والعتبة هي أكبر أسواق القاهرة وأكثرها تنوعا فكل شيء موجود بها ويباع بأسعار أقل بكثير من المناطق الأخري. يأتي اليها الآلاف يوميا في أحياء القاهرة وسائر المحافظات وهي أيضا قريبة من أسواق أخري مثل الأزهر والغورية والحسين والموسكي والحمزاوي وخان الخليلي. كانت خطوط الترام تتحرك منها إلي مختلف المناطق وكذلك التروللي باص الذي توقف في سبعينيات القرن العشرين. حمل ميدان العتبة عدة أسماء منها الأزبكية والعتبة الزرقاء والخضراء والملكة فريدة "صافيناز ذو الفقار" وعاد اسم العتبة بعد طلاقها من الملك فاروق. كما اطلق اسمها علي قصر "الطاهرة" لسيرتها الطيبة وأخلاقها القويمة. كانت العتبة الخضراء أرض فناء تملأها المخلفات وكانت تسمي "بطن البقرة" أهداها السلطان قايتباي إلي الأمير المملوكي أزبك الخازندار أحد قادة جيشه سنة 1475 عمرها ونشر الخضرة في أرجائها وملأ البركة بالماء من الخليج الناصري ونسبت اليه "الأزبكية" وعندما دخل العثمانيون مصر بقيادة السلطان سليم الأول 1517 ضربوا خيالهم حول بركة الأزبكية. وابان الحملة الفرنسية علي مصر 1798 1801 قتل الطالب السوري سليمان الحلبي الذي يدرس بالأزهر القائد الثاني للحملة "كليبر". يعود اسم العتبة الزرقاء إلي قصر بناه احد الأمراء بالمنطقة درجات سلم زرقاء. فسميت بالسراي الزرقاء وأنسحب الاسم علي المنطقة. وفي عهد عباس الأول "ابن محمد علي باشا" بني مكانها قصراً جديداً درجات سلمة خضراء فعرفت بالسراي الخضراء وسميت المنطقة بالاسم الجديد وكذلك الميدان وأصبح هذا القصر في عهد الخديوي اسماعيل مقراً للقضاء المختلط والمحكمة العليا حتي سار دار القضاء العالي بشارع فؤاد. بولاق سابقا و26 يوليو لاحقا. وربما جاء اسم العتبة الخضراء من الأشجار والحدائق التي ملأت الآن خاصة حديقة الأزبكية التي أنشئت في عهد الخديوي اسماعيل علي أرض بركة الأزبكية التي جفت وملأها الطمي المتراكم في فيضان النيل. وقد أعاد الخديوي اسماعيل تخطيط المنطقة ضمن مشروع القاهرة الخديوية الواقعة بين ميادين التحرير ورمسيس والعتبة وضمت حديقة الأزبكية عددا كبيرا من الأشجار والنباتات الأوروبية وكانت تروي مثل الحدائق الأوروبية الكبري. والعتبة قطعة خشب أو رخام أسفل باب البيت وتطلق علي درجات السلم وللدلالة علي الزوجة وعلي أضرحة آل البيت رضي الله عنهم. ومن معالم ميدان العتبة البوسطة المصرية والأوبرا القديمة "قبل حريقها" والمطافي وقسم الموسكي والسنترال ومقهي متاتيا وهو أشهر مقاهي العتبة ظهر مع انشاء العمارة التي تمثل نفس الاسم 1875 واستمر في سنة 1960 وتحول إلي محلات وتصدعت العمارة بعد زلزال 1992 وأزيلت الطوابق وبقيت المحلات حتي 1999 وتم تعويض أصحابها لتنفيذ نفق الأزهر "صلاح سالم العتبة". كان هذا المقهي هو ملتقي الثوار خلال الثورة العرابية 1881 ومنهم خطيبها عبدالله النديم وكانت به صورة لجمال الدين الأفغاني ولا يكتمل الحديث عن العتبة إلا بذكر سور الأزبكية الذي تخصص في بيع الكتب القديمة ويرتاده أهل العلم والأدب والثقافة حتي الآن وشارع البيدق أحد شوارع العتبة يقع به مسجد محمد البيدق وهي كلمة تركية معناها جندي المشاة وتطلق أيضا علي عسكري الشطرنج وطير جارح يشبه الصقر ودليل السفر. وفي سنة 1959 ظهر فيلم بعنوان "العتبة الخضراء" تأليف جليل البنداري وإخراج فطين عبدالوهاب وبطولة اسماعيل ياسين وأحمد مظهر وصباح. كانت المهرجانات والاحتفالات تقام بميدان العتبة في المناسبات المختلفة الدينية والوطنية ويجتمع الأهالي حول رواد السير الشعبية وأشهرها السيرة الهلالية. قدمت النصيحة لفتاة العتبة ونشر طلبها في صفحة "مع الناس" التي ناشدت فيه أهل الخير وأصحاب مكاتب السفر وشركات الطيران مساعدتها في الحصول علي تذكرة لترسلها إلي الشاب المغربي ليتمكن من الحضور إلي القاهرة لخطبتها.