الاعتصامات والاحتجاجات للمطالبة بالحقوق يشترط أن تكون مشروعة وتقرها الشريعة والاعتداء علي الآمنين وقتلهم إفساد في الأرض. وترويج الشائعات لأغراض معينة محرم شرعاً. كانت هذه أسئلة القراء نقدمها مع إجابات العلماء عنها. * تسألة القارئة ف.م.ع من الإسكندرية قائلة: ما حكم الدين في المعتصمين الذين يقومون بتعطيل الأعمال ويعتدون علي المنشآت العامة والخاصة؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور فتحي عثمان الفقي وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول: من حق الإنسان ان يعبر عن رأيه ويطالب بحقه وان يعترض كيفما شاء ولكن في حدود ما أحل الله عز وجل وأمر وبضوابط منها ان يكون الاعتصام والاحتجاج والمطالبة بالحق من قبل أي فئة في غير أوقات العمل الرسمية وعدم التعطل للطرق والشوارع لكي لا يترتب علي ذلك تعطيل مصالح الناس الضرورية والحياتية وهلاك الأنفس والأمثلة كثيرة علي هذا. ومعلوم من الدين بالضرورة ان درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح. ومن الضوابط أيضاً ان يكون موضوع هذه الحقوق المعتصم من أجلها مشروعاً تعترف به الشريعة وتقره وإلا حرم الاحتجاج والوقوف ألا يكون الاعاصام أو الاحتجاج للمطالبة بالحق بأسلوب فيه سب واتهام بدون أدلة يقينية وهذا منهي عنه شرعاً قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الله يبغض الفاحش البذيء ويغض الله عز وجل للفاحش البذيء أي إنزال العقوبة به وعدم إكرامه إياه" وبالنسبة لاتلاف الممتلكات العامة أو الخاصة إذا ترتب علي اعتصام واحتجاج هؤلاء اتلاف الأموال العامة أو الخاصة فهم ضامنون لها متضامنو. والله أعلم * يسأل القاريء عبدالباسط عمر السيد من طنطا غربية قائلاً: ما حكم الدين فيمن يقومون بأعمال البلطجة والإجرام لترويع الآمنين وقتلهم؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ علي عبدالباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية يقول: الاعتداء علي الآمنين بالقتل أو الترويع محاربة لله تعالي لأن الذين يقومون بهذا يقضون علي السلام والأمن في الكون ويزرعون الخوف ويزهقون الروح التي هي ملك لله تعالي ولا يحق لأحد ان يزهقها بغير حق. ومن الحقوق التي شرعها الله تعالي ان من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً فالله عز وجل حين خلق عباده منحهم نعمة الأمن والأمان ليستطيعوا تطبيق منهجه ويحققوا الخلافة المنوطة بهم في الأرض. فالأمن والأمان حق للإنسان لا يجوز الاعتداء عليه ولقد توعد القرآن الكريم من يقتل غيره عامداً بسوء المصير. فقال: "ومن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداًپفيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً". قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا جميعاً أهون علي الله من دم سفك بغير حق". فالاعتداء علي الناس دون وجه حق هو الظلم البين فعلي الأمم والشعوب ان تراجع نفسها قبل ان يتحول العالم إلي ساحة من العنف والإرهاب وعلي أولي الأمر ان يضربوا بيد من حديد علي أيدي هؤلاء ليسود الأمن والأمان الذي بهما يتم التقدم والازدهار. والله أعلم * يسأل القاريء أبوالفتوح حسن يوسف من أسيوط قائلاً: بعض الناس يروجون شائعات لأغراض معينة قد تضر بالصالح العام. فما حكم الدين؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور أحمد حسين محمد وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر يقول: الشائعة هي الذيوع والانتشار بغض النظر عن صدق الخبر في ذاته أو كذبه لكنها استخدمت في نقل الأخبار التي لا أصل لها بهدف التضليل والإفساد. ولقد وضع الإسلام ضوابط للكلمة باعتبارها أمانة ومسئولية فبها يدخل المرء إلي الإسلام وقد يخرج بها أيضاً منه. فالكلمة شيء عظيم لا يستهان بها "فرب كلمة يقولها الإنسان لا يلقي لها بالاً فتهوي به سبعين خريفاً في جهنم". لذا يجب علي المسلم ان يراعي كلامه ويضبط عباراته ويتكلم عندما يحتاج إلي كلامه ويسكت حينما يكون صمته بليغاً. فرب صمت أبلغ من الكلام ومن هنا طلب الإسلام الصدق في الحديث وجعله يهديپإلي البر الذي يهدي بدوره إلي الجنة وحذر من الكذب الذي يهدي إلي النار. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إليپالبر وان البر يهدي إلي الجنة ومايزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور وان الفجور يهدي إلي النار وما يزال الرجل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند بالله كذاباً". ولا يختلف العلماء ان ترويج الشائعات انما هو ترويج للكذب وإشاعة له وهو محرم شرعاً. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "كفا بالمرء كذباً ان يحدث بكل ما سمع". فالكذب من أكبر الكبائر ومن أخص صفات المنافقين التي ذكرها رسول الله في حديثه وعد منها ان آية المنافق ثلاث انه "إذا حدث كذب" وهذا يعتبر ترهيباً شديداً عن اقتراف جريمة الكذب أو الوقوع فيها أو الانجرار إليها بأي صورة ولو كان نقلاً عن آخرين. فالواجب ان نثبت في أقوالنا وأخبارنا حتي لا نقع في دائرة الكذابين ومروجي الشائعات. وإذا كان الكذب محرماً لما يترتب عليه من فساد وإضاعة للحقوق فإن ترويج الشائعات التي تضر بالصالح العام وتضر بالسلم الاجتماعي تدخل في دائرة الإفساد العام الذي نهي عنه القرآن الكريم. والله أعلم