رغم ان كل القوي السياسية وقبلها القوات المسلحة في بيانها الأول أكدت ضرورة عدم اقصاء أي فصيل من خريطة العمل السياسي في المرحلة القادمة إلا ان جماعة الاخوان ردت بإصرار غريب علي الانتحار السياسي وحرق كل الجسور حتي بعض أبناء التيار الاسلامي. والتأرجح بين لعب دور الضحية والشهيد أو المنتقم الجبار الذي يريد هدم المعبد علي الجميع! لم تبد الجماعة أي استعداد لمراجعة النفس والبحث عن أسباب فشل رئيسهم ودور قياداتها في افشاله حتي اللحظة الأخيرة ورفض كل الوساطات للتخلي عن العناد ونزع فتيل الأزمة ومنها العرض الخاص بإجراء استفتاء علي انتخابات الرئاسة المبكرة.. وبعد أن انتصرت إرادة الملايين استمرت الجماعة في سياسة تشويه صورتها بيديها والتي بدأت بالسماح لبعض المتطرفين بالتحدث باسمها وتوعد المعارضين بلغة الدماء وامتدادا مع زرع القناصة في مقر مكتب الارشاد ليقتلوا 11 بريئا بالرصاص وحتي احداث الحرس الجمهوري المدبرة!. وكانت ذروة المأساة الاخوانية يوم الجمعة الماضي عندما تخفي المرشد محمد بديع في زي المنقبات وظهر علي مسرح اعتصام "رابعة العدوية" وبدلا من أن يلوذ حتي بالاسلوب البراجماتي الذي يجيده الاخوان حتي تمر العاصفة ويستعيدوا تدريجيا ما خسروه من ثقة الناس بهم من خلال حرصهم علي حقن دماء المصريين بعد أن تأكد لكل ذي عقل ان العجلة لن تعود أبدا إلي الوراء.. بدلا من ذلك دعا المرشد أنصاره إلي الانتشار في ربوع مصر للانتقام واستعادة منصب الرئاسة بالقوة .. وبعد ساعات بدأ نهر الدماء الذي حصد أكثر من 36 قتيلا و1400 مصاب من المصريين الأبرياء... حتي وقت قريب لم يكن قطاع كبير من المصريين يصدق ما يقال عن ان قيادات الاخوان خاصة الصقور منهم لا يهمهم سوي تحقيق حلم استاذية العالم وسيطرة التنظيم الدولي وتتضاءل لديهم فكرة الوطن.. وللأسف سقطت في الأيام الأخيرة كل الأقنعة وتأكد للجميع ان الحفاظ علي كرسي الرئاسة الذي أضاعه هؤلاء بأيديهم أهم من حقن دماء المصريين والحفاظ علي أمن مصر بدليل استعدادهم للتحالف مع أشد الجماعات تطرفا رغم العداء التاريخي مع الجماعة التي كانت معتدلة ودعوتهم للقوي الخارجية للتدخل وحرمان مصر من المساعدات بحجة ان ما حدث هو انقلاب عسكري رغم ان ثورة 30 يونية هي مطلب للملايين بدعم من الجيش كما حدث تماما مع ثورة 25 يناير التي سرقوا ثمرتها ولكن الطمع والاستعجال ومرض الاستحواذ والتكويش أضاع كل شيء منهم بعد سنة واحدة! رغم كل ذلك يجب ألا نعطي الفرصة التي تتمناها هذه القيادات بأن يتحول أعضاء الاخوان والتيار الاسلامي عموما إلي ضحايا كما يزعمون للتيار العلماني بعد سقوط مرسي.. ومن هنا علي القوي السياسية أن تتحلي بالصبر وأن تحرص علي عدم اقصاء هذا التيار والتواصل علي الأقل مع شبابه الذين لم تغسل أدمغتهم بعد أو سلموا عقولهم لقيادات لا تتورع عن التضحية بأرواح هؤلاء الشباب في سبيل تحقيق أحلام الاستحواذ وهذه الدعوة مشروطة بأن يثبت هذا التيار انه حريص علي مصلحة مصر أولاً. وإلا فإن المواجهة السريعة ضرورية مع من يحصدون أرواح جنودنا كل يوم خاصة في سيناء ومع من يحتمون بالمتظاهرين ويزعمون انهم ينتظرون الشهادة ويهددون كما قال صفوت حجازي بخطوات تصعيدية لا تتخيلها لاستعادة عرش مرسي. ومع كل من يتعمد نشر الفوضي وإجهاض ثورة الشباب الثانية.. ولابد أن يقولها جيشنا العظيم لكل هولاء: للصبر حدود.