علي الرغم من ان المجتمعين الأمريكي والإسرائيلي يعلو فيهما النداء بالحريات وحقوق الإنسان. وتعظم فيهما قيمة الفرد فوق كل الاعتبارات.. بل وتبادر ان احيانا بالتدخل في شئون البلاد الاخري في حالة وقوع أي انتهاكات لتلك الحقوق لكن ذلك لم يمنع انتشار ظاهرة التحرش الجنسي والاغتصاب بشكل لافت للنظر. والأمر الذي يجعل القضية أكثر خطورة في هذين المجتمعين ان تلك الظاهرة تزداد في أهم المؤسسات وهي المؤسسة العسكرية برغم ما يحمل الجيش من مكانة وطنية وأهمية أمنية وينظر إليه علي أنه فخر كل مواطن والدرع الحامية لوجود الدولة وكيانها. في الولاياتالمتحدةالأمريكية كشف تقرير جديد لوزارة الدفاع "البنتاجون" عن تزايد مطرد في حوادث التحرش الجنسي بالجيش الأمريكي تجاوز 30 في المائة خلال العامين الماضيين. وعقب وزير الدفاع شاك هاجل خلال مؤتمر صحفي بشأن التقرير: "التحرش الجنسي جريمة مقيتة وواحدة من أخطر التحديات التي تواجه هذه الوزارة.. إنها تهديد لأمن ورفاة شعبنا ولصحة وهيبة هذه المؤسسة والثقة فيها". وأوضح التقرير ارتفاع حالات التحرش خلال العام الماضي وبلغت 3374 حالة ورغم خشية القادة العسكرية من تردد الضحايا في الاقدام علي الابلاغ عن مثل هذه الجرائم خشية التعرض للانتقام. إلا أن تزايد الارقام يعتبر بمثابة مؤشر علي كسر المزيد من الضحايا حاجز الخوف. ودعا هاجل منذ توليه المنصب مؤخراً إلي عدد من التدابير لمواجهة ظاهرة التحرش المتفشية بالجيش. من جهتها انتقدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تنامي ظاهرة التحرش الجنسي داخل الجيش الأمريكي وقالت إن تغيير ثقافة العنف الجنسي داخل صفوف الجيش تتطلب جهودا أكبر من قبل وزارة الدفاع. وأشارت الصحيفة إلي ما أفرزته دراسة جديدة من أرقام وصفتها بال"مرعبة". ففي عام 2012 تم الابلاغ عن حدوث 26 ألف حالة تحرش واعتداء جنسي بينما كان في عام 2011 حوالي 19 ألف حالة تحرش. وهو الأمر الذي يدعو للقلق. وتابعت الصحيفة أن هذه الارقام الكبيرة والفضائح الجنسية الأخيرة داخل الجيش الأمريكي دفعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتحذير وزارة الدفاع وحثها علي اتخاذ إجراءات أشد ضد المخالفين لوقف هذه الجرائم. وقال إن الجيش الأمريكي مهدد في تماسكه بارتفاع معدل هذه الظاهرة. وأضافت الصحيفة أن هناك عددا من أعضاء الكونجرس تقدموا بمشروعات قوانين خلال الأيام الماضية لتعديل القوانين العسكرية لتشديد محاكمات قضايا التحرش. وأثار عدد من المسئولين تلك القضية مجددا في أعقاب الفضيحة الأخيرة التي تورط فيها ضابط في الطيران الأمريكي ورئيس وحدة مكافحة التحرش الجنسي جيفري كروسينيسكي حيث تحرش بفتاة مجندة وقد تم ايقافه عن العمل بعد تلك الفضيحة. وتتواجد تلك الظاهرة بشكل أكبر في الجيش الإسرائيلي حيث لا تكاد تخلو وسائل الإعلام الإسرائيلية أسبوعيا من الأخبار التي تتحدث عن فتح الجيش الإسرائيلي لعدد من ملفات التحقيق حول حالات التحرش بالمجندات سواء في الخدمة الاحتياطية أو الإلزامية. والتي عادة ما تأخذ هذه الحالات شكلا جماعياً أو فرديا. اضافة إلي كونها تمتد من أصغر المجندين إلي أعلي القيادات في جميع اسلحة وأفرع الجيش بلا استثناء. والتي كانت آخرها ما أوردته صحيفة "معاريف" الشهر الماضي عن حالة تحرش جنسي في إحدي القواعد الجوية شمالي إسرائيل. وكان البروفيسور "ايشيل ليفي" المتخصص في علم الاجتماع من جامعة بار ايلان. قد أشار في دراسة له حول هذه الظاهرة. أنه رغم تصرف النساء في الوحدات القتالية. مثل الرجال. كطريقة المشي وأسلوب الحديث. وارتداء ملابس الرجال إلا أن كل هذا لا يشفع لهن. ويجدن أنفسهن في النهاية. عرضة للنظرة الدونية. وسلوكيات أخري من قبل الرجال. من بينها تعرضهن للتحرش الجنسي. وقد شملت تلك الظاهرة أيضا تحرش المجندات بالمجندين إلي حد قيام مجموعة من المنظمات والأحزاب اليمينية الإسرائيلية بشن حملة لمقاومة ظاهرة التحرش في الجيش الإسرائيلي. والتي حملت عنوان "أيها المجند.. فلتحافظ علي عذريتك". وذلك في إشارة ضمنية إلي ان المجندات هن اللائي يتحملن مسئولية تفشي هذه الظاهرة. وقد قام المسئولون عن هذه الحملة بتوزيع "كراسات إرشادية" علي المجندين لتدريبهم علي كيفية مقاومة ما أسموه ب"الإغراء الجنسي المتعمد" من قبل المجندات. وهو ما يعيد للأذهان مرة أخري قضية "إغتصاب المجندات للمجندين في الجيش الإسرائيلي" التي هزت إسرائيل في عام .2004