كنت أطالع كتاب مقالات سياسية للإمام الشيخ محمد عبده التي كتبها عامي 1880 و1881 ودهشت لأنني اكتشفت ان هذه المقالات مازالت صالحة لزماننا وتعالج موضوعات مازلنا نعالجها وكأننا ندور حول البديهيات ولا نريد أن نخرج إلي آفاق أرحب. لقد كتب الشيخ محمد عبده عن القوة والقانون وعن المواطنة والوطنية والعلاقات بين مصر والحبشة وسياسة الخديوي توفيق لدعم العلاقات مع الحبشة كما كان يطلق عليها في تلك الأيام. إذا وضعنا علي هذه المقالات تاريخ اليوم لن تشعر انها تعالج موضوعات قديمة كيف نفسر هذا هل تراجعنا أم توقف الزمن ولم نلحظ هذا. لماذا نعشق الحديث والرغي حول البديهيات في أمور السياسة والدنيا والدين أيضا كنت في زيارة لمدينة دمياط أول أمس وذهبنا إلي رأس البر ودهشنا هناك لأن المكان كان جميلا ونظيفا لأننا تعودنا علي ثقافة القبح وأصبح الجمال والنظافة مدعاة للاندهاش. كما استوقفني هناك أحد الشباب الذي قدم كل حواسه وطاقته وعقله إلي شخص ما وأصبح لا يري في الدنيا إلا غيره مع ان الجميع يعلمون انه ضحل وكاذب ويملك شخصية مترهلة ولكن هذا الزمن جاد علينا بأمثاله في الحياة العامة. يبدو اننا نلهث وراء محاولات يائسة للايقاظ الوعي والبحث عن التنوير مثل حالنا عام 1880 تناقض واضح داخل مجتمعنا علماء كبار في مختلف التخصصات وناس تبحث عن شخصيات تعتقد انها المثل حتي تنقاد وراءها بدون أي تفكير رصين مازلت أري فكرة الخروج الآمن لكل من حاول تغييب الوعي ونصب شباكه للسيطرة علي شعب طيب يبحث عن طريقه. أما الموضوع الأخطر فهو ما يزعمه البعض بشأن تكفير المجتمع حتي وصل إلي تكفير الرئيس وإذا كان الرئيس ينتمي إلي تيار الإسلام السياسي فما بالك إذا كان ينتمي إلي التيارات الأخري وهنا أدعو الدكتور ناجح إبراهيم إلي إلقاء الضوء علي هذا الموضوع المهم.