أين استطلاعات الرأي فيما يجري من أحداث وقضايا عامة.. وأين استطلاعات مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التي تقيس توجهات الرأي العام ومؤشراته.. أليس هناك ضرورة الآن في معرفة آراء المواطنين فيما يحدث. وفيما يتعلق بمستقبلهم.. أليست توجهات الجماهير واختياراتها أداة مهمة في صنع القرارات لدي النظم الديمقراطية الحديثة.. وإذا لم تخرج مثل هذه الاستطلاعات الآن فمتي تصدر إذن..؟! 1⁄4 كنا نتمني أن يجري مركز المعلومات "الحكومي" استطلاع رأي موضوعيا حول حكومة د.قنديل. وما يريده الناس في التعديل الوزاري الذي طال الجدل حوله وخرج بعد طول انتظار.. وهل يكفي تعديل محدود لعدة حقائب وزارية أم أن الرأي العام يسير باتجاه تغيير جذري للحكومة بأكملها وعدم الاكتفاء بتغيير الشخوص والوجوه فحسب بل وإحداث تغيير آخر في السياسات والأهداف أيضا..! 1⁄4 استطلاعات الرأي التي تتبع المنهجية العلمية تفيد كثيرا في مثل هذه المواقف. وتكشف عن جوانب مهمة تغيب عن كثيرين مثل: هل يعرف الناس أصلا أسماء وزراء الحكومة الحالية.. وكم وزيرا يعرفون.. ولماذا.. وهل قدم هذا الوزير أو ذاك شيئا ذا قيمة في مثل هذه الظروف.. وهل يستطيع المواطن أن يصل بمشاكله إلي الوزير أو مساعديه بسهولة.. وهل التقي الوزير - أي وزير في الحكومة - بالناس مباشرة.. وكم مرة فعل ذلك.. وهل سعي لتحسين أحوالهم وتذليل الصعاب أمامهم.. وهل يجد الوزير وقتا لقراءة الصحف ومتابعة أهم ما تنشره أم يري الإعلام والصحافة شرا لا يطيق سماع اسمهما.. وهل لكل وزارة موقع إلكتروني تفاعلي يطالع الوزير بنفسه محتواه وردود أفعال زائريه علي قراراته وسياساته.. وماذا كانت درجة استجابته لمطالبهم.. وكم وزيرا يملك رؤية سياسية يحسن توظيفها في معاملة خلق الله.. أم أن الاستسهال والبيروقراطية وتحميل الآخر نتائج أي إخفاق في ظل غياب السياسات والأجندة المعلنة وجدول أعمال كل وزارة علي حدة. والأهداف العامة للحكومة ككل والملفات الاستراتيجية للدولة بغض النظر عن تغير الشخوص والأحزاب.. هو الطريق الأسهل؟! 1⁄4 تستطيع استطلاعات الرأي - وحبذا لو تنوعت مصادرها وأدواتها - أن تنقل نبض الجماهير ومدي رضائها عن أداء الحكومة. وأن تجيب عن أسئلة أكثر فعالية ودينامية مثل: هل قدم الوزير أفكارا مبتكرة لحل مشكلات مستعصية في وزارته خصوصا الوزارات الخدمية. كالتعليم والصحة والقوي العاملة والشئون الاجتماعية.. وهل يؤمن الوزراء بأهمية العمل الميداني وضرورة متابعة العمل في مواقع الإنتاج والالتحام بالجماهير ومعاينة الخدمات من صرف صحي ومياه شرب وطرق ومستشفيات علي أرض الواقع.. ومَنْ هم أحب الوزراء إلي قلوب المواطنين.. ومن أبغضهم إليهم.. من يتمنون خروجهم من الوزارة في أقرب تغيير وزاري.. ومن يتمنون بقاءهم في مناصبهم أو تصعيدهم لمناصب أعلي.. ومن هم الشخصيات العامة - خبراء. أساتذة جامعة. سياسيون- التي يتمني إسناد مناصب مهمة إليها..ولماذا؟! 1⁄4 أتصور أن مثل هذه الاستطلاعات المحايدة المنضبطة يمكنها أن تفك ألغازا كثيرة. وأن تسد هوة واسعة بين الحكومة والشعب وبين الرئيس والقاعدة العريضة من الجماهير.. ويمكنها أن تساعد في إنجاز أي تغيير وزاري وأن تنقذه من التعثر الذي يواجه أي قيادة سياسية بعد الثورة لكثرة العازفين والمعتذرين عن تولي المناصب الوزارية والعامة لأسباب يطول شرحها.. حتي بات من يقبل بها فدائيا رغم كثرة عبده مشتاق.. فالوزير ينال نقدا يبلغ أحيانا حد التطاول رغم أن منصب الوزير أو المحافظ لم يعد مغريا لا أجرا ولا أبهة وجاها.. وهو ما يفسر لماذا يتحرج البعض من قبول المناصب. ولماذا يصر البعض علي ترك منصبه.. الأمر الذي يخلق عقبة كئودا تبحث عن حلول جذرية حتي لا تستمر هذه الحالة فترة طويلة وتدفع بالبلاد نحو مزيد من تفاقم الأوضاع وسوء العواقب..!! 1⁄4 لقد ظن الشعب أنه أدي ما عليه حين قام بثورته للخلاص من حالة ركود سياسي دام عقودا طويلة.. ويتوقع تغييرا حقيقيا لم يلمس آثاره بعد.. ولم يكن من بين أحلام الثائرين الرافضين للنظام السابق استبدال شخوص بشخوص ولا وزراء بوزراء آخرين بينما المنظومة لا تزال علي حالها القديم. وقوام الدولة بأفكارها وكوادرها هو.. فمتي تتحول الثورة إلي دولة.. ومتي تترجم المطالب والأهداف إلي ممارسات ومؤسسات وسياسات يسير عليها أشخاص المسئولين - أيا ما كانوا - بقواعد وآليات ثابتة وقابلة للتطوير إلي الأفضل وليس الإلغاء والمحو والبدء من الصفر كما هي العادة. سياسات تستند لقوانين عادلة تحاسب المخطيء وتكافيء المحسن ويتم تطبيقها علي الجميع. الوزير قبل الخفير. وساعتها فلن يكون هناك قلق علي الدولة وأركانها. وسيقتصر دور المسئول - أي مسئول - علي استكمال الأهداف العليا للوطن وليس الأجندة الخاصة بأي حزب أو جماعة أو فصيل يصعد لسدة الحكم. ومن ثم بات لزاما علي الدولة أن تضع خطوطا حمراء وغايات عليا تحميها قوانين وتشريعات وتحرسها الجماعة الوطنية. وأن تكون المساحة المسموح بالحركة فيها هي هامش الإجراءات وليس صلب المرتكزات والأعمدة والثوابت الرئيسية للدولة..هكذا تفعل الدول العريقة ديمقراطيا!! أما اختيار الوزراء أو حتي رئيس الحكومة فينبغي أن يخضع لمعيار الكفاءة وليس الثقة. وأن يكون بين فريق العمل ككل أواصر وعوامل نجاح مشتركة فليس معقولا أن يكون هناك وزراء لا يجمع بينهم أي عامل مشترك من حيث التوجهات الأيديولوجية ثم نطلب منهم التنسيق والتعاون والنجاح.. ينبغي أن تتوفر فيمن يتولي منصب الوزير أو المحافظ قدرات ومواصفات خاصة أهمها الرؤية السياسية الواسعة والخبرة العريضة بالعمل الإداري وكيفية إدارة منظومة العمل وسعة الأفق وتقبل النقد والقدرة علي إجراء التقييم الراجع.. وليس كما هو الحال في أغلب وزراء حكومات ما بعد الثورة. فالقليل منهم انخرط في السياسة وشئون الحكم والإدارة في فترة مبكرة من حياته. وأكثرهم يمارسون سياسة لأول مرة في حياتهم. القليل منهم نال قسطا معقولا من التربية علي السياسة. والكثير منهم دخل إلي السياسة بمحض الصدفة. ولهذا فإن الندرة في الكفاءات هي المشهد السياسي الأبرز في عالم السياسة والإدارة. بدليل أن تغييرا محدودا لا يتجاوز 11وزيرا قد استغرق أسابيع.. فما بالنا بتغيير الحكومة بأكملها..؟! 1⁄4 لاشك أن التجريف طال كل شيء في حياتنا..ينطبق ذلك علي السياسة والاقتصاد والتعليم وكل شيء. لكن مصر لا تعدم الكفاءات أبدا. وإذا افترضنا وجود عناصر ذات كفاءة سياسية في صفوف المعارضة فإن هناك صعوبة في إقناعها بقبول أي منصب في الوقت الحالي لاختلاف الأهداف والتوجهات وضيق هامش الحركة وضعف الاستقلالية.. وتلك مشكلات تضاف إلي جملة مشاكلنا الكبيرة... وهي مشاكل لن يحلها إلا إعلاء صوت الدولة وأهدافها العليا وغاياتها المستديمة التي لا يجوز التفريط فيها أو تبديلها أو الالتفاف عليها أو تلوينها بأي صبغه حزبية أوأيديولوجية.. فاللعب فيها هو تذيب لمفاصل الدولة ومقومات وجودها.. وذلك أمر لا يقبله أي وطني يحب بلاده. عودة آل ساويرس 1⁄4 كان بإمكان عائلة ساويرس الاستمرار في الخارج معززين مكرمين. فلديهم مقومات النجاح في أي مكان.. لكنه الانتماء والحب لمصر التي هي وطن يعيش فيهم ولا يطيب لهم عيش خارجها.. فرغم ثرائهم المعروف فإن لسان حالهم يقول: وطني وإن شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه في الخلد نفسي. ومن يتابع مسيرة هذه العائلة الناجحة يجد أنهم لم يبلغوا هذه المكانة الرفيعة في عالم البيزنس والاقتصاد بسهولة.. بل كان الطريق إليها مليئا بتضحيات وكفاح وعرق ودموع.. فرب الأسرة المهندس أنسي رجل عصامي نحت في الصخر بادئا من الصفر. وتنقل بين بلدان كثيرة حتي استقر به المطاف في مصر.. أما أولاده فقد اختار بعناية ومهارة لكل منهم ما يناسبه من تعليم وعمل يلائم قدراته وميوله. ويلبي طموحاته حتي صار كل منهم علي رأس واحدة من أهم الشركات في مجالها بمصر والعالم أجمع. وربما لا يعلم كثيرون أن تلك الشركات هي الأكثر إسهاما في تمويل الخزانة العامة بأموال الضرائب المستحقة. فضلا عن توفير آلاف فرص العمل التي تدر ملايين الجنيهات علي العاملين فيها وأغلبيتهم مسلمون لا يجري التفرقة بينهم وبين غيرهم علي أساس الدين. لقد عاد آل ساويرس إلي أرض الوطن بعد حل خلافهم مع الضرائب. ذلك الخلاف الذي أخذ أكثر مما يستحق إثارة وتشويها لتاريخ العائلة. لكنها ضريبة النجاح التي يدفعها آل ساويرس عن رضا وقناعة حبا في وطنهم رغم ما طالهم من سهام التشويه وحملات الإساءة التي انهالت عليهم قبل الثورة وبعدها.. لكن ماذا تفعل مثل هذه المهاترات في هامات عالية لا تعرف غير الصدق والالتزام والنجاح وحب الوطن..؟!