في 1912 أي منذ مئة عام استقبلت مصر المسلمة السنية مسرحية محمد عثمان جلال الجميلة بعنوان "الشيخ متلوف" استقبالاً عظيماً ورغم أن المسرحية تناولت بالهجوم الشديد علي أحد رجال الدين إلا انها فرقت بين الدين وبين رجال الدين . تهكمت المسرحية علي التناقض بين الشعار النبيل الذي يرفعه الشيخ والسلوك الوضيع الذي يمارسه ولم يتم تحويل فناني المسرحية إلي المحاكم لأن الإسلام علمهم أن ما يفعل غير ما يقول هو منافق والمنافق هدف من أهداف الهجوم. وقد كشفه الفن أمام الجميع ولم يعترض الأزهر ولم تعترض أي جهة أخري علي المسرحية. لكن الآن في القرن الواحد والعشرين ظهر علي أرض الواقع مجتمع الشيخ متلوف فكان من الطبيعي أن يكون الفن هو عدوه الأول. فقبل أن يصوب الفن سهامه إلي قلوب المنافقين صوب المنافقون سهامهم المسمومة إلي الفن. لأن الفن يلعب علي أرضهم . أرض التناقض بين الشعار والممارسة. وفي محاولتهم هذه يلوون عنق الحقيقة وينسبون إلي الإسلام ما لاعلاقة للإسلام به . يدافعون عن أنفسهم في هجمتهم الشرسة ضد الفن بحجة بلهاء هي أن الفن يظهر المرأة غير محتشمة وكأن عدم احتشام المرأة وهو أحد دعائم الفن فالمرأة يمكن أن تكون غير محتشمة في أي مكان وليس في المسرح أو التليفزيون بالضرورة. فإذا ظهرت قناة غير محتشمة في إحدي المسرحيات فهل نغلق المسرح؟.. أن نطلب من الفتاة ترتدي رداء محتشماً وإذا صارت فتاة بلبس خليع في الشارع. هل الشارع هو الملوم وهل نغلق الشارع وإذا خرج كلام فاحش من أحد رجال الدين فهل تلقي الكلام؟.. أما القول بأن الإسلام يحرم الفن فقول خاطيء علمياً ومدان أخلاقياً إذ إننا ننسب إلي الإسلام ما ليس فيه.