يجيء الاحتفال بعيد الأم هذا العام مختلفاً حيث انكمشت مظاهر الاحتفال به.. فأمنا مصر تعيش أصعب أيام تاريخها: مظاهرات.. احتجاجات.. انقسامات بين أبنائها.. أحداث دامية بين لحظة وأخري.. سقوط شهداء علي أرضها لا تلبس أن تجف دموعها حتي يسارعها خبر من هناك وهنك يهدد سلامتها وأمنها ويباعد بينها وبين أملها في استعادة مكانتها وحضارتها التي أنارت العالم.. إن أمنا مصر تكتم صوتها وهي تري معاناة نسائها "زوجات أو أمهات أو أخوات" من التعرض لأشكال عديدة من العنف والتحرش بداية من اغفال حقهن في الميراث.. وزواجهن قاصرات.. وتعرضهن للختان.. واستنكار دورهن في المشاركة المجتمعية والتعليم والصحة بهدف التقليل من شأنهن وإضعاف إرادتهن وثقتهن بالنفس وهن اللاتي عرفن دوماً بأنهن أصحاب قدرة كبيرة علي تحمل المشاق والمسئولية في أصعب الظروف وهو ما يلاحظ الآن في ظل عدم الاستقرار وارتفاع الأسعار.. ناهيك عن الظروف الأمنية مما تسببه لهن من توتر وقلق ينعكس علي تعاملهن مع أفراد الأسرة فتكثر الخلافات وتزداد المشاكل وترتفع نسبة الطلاق وأطفال الشوارع والحوادث مما يدفع بالوطن إلي التأخر والفقر.. أليست المرأة هي نصف المجتمع وراعية لنصفه الآخر.. فإذا لم يتوفر لها السبل لحياة كريمة لا تفرق بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات ولا تستهين بكرامتها كإنسانة.. فإن الوطن لن يتحقق فيه الاستقرار. هذه حقيقة يجب أن ندركها جيداً بعيداً عن هؤلاء الذين يضعون العراقيل أمام المرأة.. وفي مناسبة عيد الأم علينا جميعاً أن نتفاءل بأن القادم سيكون أفضل فالثورات دائما تقوم علي أكتاف النساء وأن المرأة هي الجناح الأول للنهضة.. وسيعترف الجميع بضرورة وجود مواد قانونية تجرم العنف ضد المرأة وسيعترفون بأن ما حصلت عليه من حقوق ومكتسبات.. هي حقوق شرعية ونتيجة نضال وكفاح سنوات.. سيزداد عطاء ومشاركة النساء في جميع ميادين المجتمع.