لن أتحدث عن محتوي الفيديو القنبلة لشيخ مشايخ الطرق السلفية الدكتور ياسر البرهامي فقد قتل بحثاً وتحليلا وتناولته وسائل الإعلام المحلية والعالمية بشتي ألوانها وانتماءاتها.. ويقيني ان الحديث عن فيديو البرهامي سيستمر طويلا ولن يتوقف مادام دستور الإسلاميين حياً يرزق.. ولكن دعونا نطرح اسئلة كثيرة تتعلق بالشكل ربما تكون الاجابة عنها أكثر خطورة من مضمون الفيديو نفسه... وأتساءل: من هؤلاء الذين كان الشيخ البرهامي يخطب فيهم بغرض إقناعهم بأن الدستور الذي وضعه السلفيون والإخوان ليس كفراً ويخدم الشريعة وليس ضدها.. من هؤلاء.. ما فكرهم.. ماذا يعتقدون.. وكيف ينظرون إلي مستقبل مصر وما حكمهم علي المصريين.. وإذا كان البرهامي والذي يراه البعض الأكثر تشدداً وتطرفا يحاول بشتي الطرق والأساليب لاقناعهم بالدستور وأعتقد ان الرجل فشل في مهمته لأن المشايخ الذين رأيناهم حوله كانوا يشيرون بحركات وإرهاصات تنم عن غضب واستياء وسمعنا همهمات ساخطة ولم نشعر بحالة من الرضا علي وجوههم.. فماذا لو تخيلنا ان الدكتور البرادعي مثلا قد ساقه قدره للوقوف بين هؤلاء المشايخ وراح يحدثهم عن الليبرالية والحريات وحقوق الأقليات والمواطنة وان هذا الدستور ضد كل هذه المبادئ والقيم ويقودنا إلي الدولة الدينية.. أعتقد ان الدكتور البرادعي لن ينطق إلا بكلمات قليلة ثم تصعد روحه إلي خالقها ليس قتلاً أو خنقاً أو حرقاً علي يد مشايخ السلفية وانما حزناً واكتئاباً من الأوضاع التي آلت إليها مصر الآن وهي مغايرة تماما لأحلام البرادعي وأحلام المصريين التي راودتهم عندما حلق ثوار 25 يناير في سماء ميدان التحرير عقب تنحي مبارك ورأوا ملامح مصر الحديثة الديمقراطية المتقدمة التي نتوق إليها جميعا تبدو في الأفق القريب.. ثم من الذي سرب فيديو الشيخ البرهامي.. ولماذا بعد ساعات قليلة من انتهاء المرحلة الثانية للاستفتاء علي الدستور وانتصار الإسلاميين المظفر في غزوة الصناديق الثانية وقد جري اللقاء القنبلة قبل شهر تقريبا.. البعض يتهم الإخوان بتسريب الفيديو عمداً ومع سبق الاصرار والترصد رغبة في حرق التيار السلفي في الشارع المصري وخصماً من رصيد الأحزب السلفية لدي أعوانهم فقد شعر الإخوان بخطورة السلفيين علي مستقبلهم السياسي وانهم أي السلفيين يمثلون المنافس الأشد للجماعة في الانتخابات البرلمانية القادمة وأصحاب هذا الرأي يسوقون لفكرة أن السلفية باتت أكثر خطراً علي الإخوان من جبهة الانقاذ وأحزاب المعارضة مجتمعة! رأي آخر يربط بين فيديو البرهامي والزلزال الذي ضرب حزب النور في مقتل بعد انسحاب رئيسه عماد عبدالغفور وتحالفه مع الشيخ حازم أبو إسماعيل لتشكيل ائتلاف جديد ينافس بشراسة علي كعكة مجلس النواب القادم.. وهكذا أصبح أصدقاء وأشقاء الأمس أعداء اليوم وفرقاء الغد واعتقد ان تحالف حازم عبدالغفور يضع الإخوان والحركات والأحزاب السلفية بل الإسلامية عموما هدفا رئيسيا يجب ضربه والتفوق عليه قبل الحركات والأحزاب الليبرالية المعارضة.. فهل يموت حزب النور ثاني أكبر حزب سياسي في مصر بعد زحف مشايخه وقياداته وهرولتهم نحو تحالف أبو إسماعيل عبدالغفور.. من قبل قال "الزعيم" أبو إسماعيل في تصريحات كثيرة ان الإخوان يراوغون ولذلك يرفض التحالف معهم في الانتخابات المقبلة! انتظروا معركة انتخابية دامية شعارها تكسير العظام والضرب تحت الحزام بين السلفيين والسلفيين من ناحية وبين السلفيين وباقي التيارات الإسلامية ومنهم الإخوان من ناحية أخري. ولكن أين جبهة الانقاذ.. أين تحالف البرادعي الصباحي موسي.. أين أبو الفتوح.. بل أين الفلول.. هل يغردون جميعا خارج السرب أم انه الهدوء الذي يسبق العاصفة.