الاستفتاء بنعم علي مشروع الدستور الحالي لن يكون نهاية المطاف للجدل السياسي والدستوري والقانوني المطروح حالياً علي الساحة الشعبية والسياسية والحزبية حيث ان الجدل سوف يستمر ليس بين فريقي "نعم" و"لا" ولكن حول تفسير وتطبيق عدد من نصوص الدستور الجديد خاصة النصوص المستحدثة والتي ستطبق لأول مرة. وفي مقدمة الاجراءات والخطوات التي ستتم هي انتقال سلطة التشريع كاملة إلي مجلس الشوري طبقا للمادة "230" من الدستور ولأول مرة في تاريخ هذا المجلس منذ ظهوره وتأسيسه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1980 حيث منحه الدستور الجديد قبلة الحياة بعد ان كان قاب قوسين أو أدني من الاختفاء فحصل علي سلطات تشريعية كاملة في غيبة الشقيق الأكبر مجلس النواب وهو الاسم الجديد لمجلس الشعب. فمع سريان ونفاذ الدستور الجديد سوف يمارس مجلس الشوري خلال دور الانعقاد الجديد له والذي سيبدأ خلال أيام قليلة وبقرار جمهوري تلك السلطة التشريعية وفي مقدمة التشريعات الجديدة التي سيتولي مجلس الشوري دراستها واقرارها واصدارها مشروع قانون انتخابات مجلس الشعب الجديد. ومجلس الشوري محكوم عند نظر واعداد هذا التشريع بالمادة "231" من الدستور بأن يكون النظام الانتخابي الجديد هو نفسه آخر نظام انتخابي شهدته مصر في نهاية عام 2011 حيث ستجري الانتخابات بواقع ثلثي المقاعد بنظام القائمة الحزبية والثلث للنظام الفردي مع منح الأحزاب حق الترشح علي المقاعد الفردية والمستقلين حق اعداد قوائم والترشح علي نظام القوائم. مشروع قانون الانتخابات الجديد والذي سيكون في مقدمة مشروعات القوانين التي سيناقشها مجلس الشوري لن يصبح نهائيا إلا بعد ارساله للمحكمة الدستورية العليا لمناقشته واقراره لممارسة الرقابة القضائية السابقة وليست اللاحقة علي هذا القانون لأول مرة في تاريخ قوانين الانتخابات طبقا للمادة "177" من الدستور الجديد. ولعل الاشكالية القانونية التي ستواجه مجلس الشوري عند اعداد هذا القانون تتعلق بتنظيم حق المستقلين من اعداد قوائم وعما اذا كان الأمر سوف يقتصر علي ان تضم القائمة مرشحا واحدا أو أكثر إلي جانب الاشكالية الخاصة بالعزل السياسي للمنتمين للحزب الوطني المنحل طبقا للمادة "232" من الدستور. كما ينظر مجلس الشوري أيضا تشريعا جديدا آخر وهو أحد التشريعات المكملة للدستور وهو خاص بتشريع مباشرة الحقوق السياسية حتي يتطابق القانون الجديد مع نصوص الدستور إلي جانب تعديل تشريعي آخر علي قانون الأحزاب السياسية الساري حالياً ليأتي مطابقا للمادة 51 من الدستور والتي نصت علي تكوين الأحزاب بمجرد الاخطار. أيضا من بين التشريعات المنتظرة ان يتصدي مجلس الشوري لنظرها واقرارها مشروع قانون خاص بالمحكمة الدستورية العليا بعد التعديل الجذري الذي تم ادخاله علي تشكيل واختصاصات المحكمة طبقا لما ورد في نصوص الدستور بالنسبة للمواد "176". "177". "233" .. وكما يناقش المجلس أيضا مشروع قانون خاص بمجلس الشوري في ضوء التعديلات الدستورية التي ادخلت عليه وفي مقدمتها ان تشكيله من 150 عضواً منتخباً وهو الأمر الذي يفتح الباب لكي يصبح العدد أكثر من ذلك وان سلطة رئيس الجمهورية قاصرة علي تعيين عشر الأعضاء المنتخبين فقط. وإلي جانب تلك التشريعات التي سوف تعرض علي المجلس سواء كمشروعات قوانين مقدمة من الحكومة أو اقتراحات تشريعية مقدمة من أعضاء المجلس فإن مجلس الشوري سينظر أيضا القرارات بقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية خلال غياب البرلمان وحله. قبل ان يمارس مجلس الشوري هذه المهمة التشريعية فلابد من تطبيق المادة "86" من الدستور والتي تنص علي أداء العضو اليمين الدستورية قبل ممارسة عمله خاصة ان النواب الحاليين المنتخبين أدوا اليمين الدستورية في ظل الاعلان الدستوري الذي تم الغاؤه. كما تفتح هذه المادة الباب أمام بعض الآراء القانونية والدستورية التي تطالب بأجراء انتخابات جديدة بهيئة مكتب المجلس وأيضا هيئات مكاتب اللجان خاصة في ظل اضافة 90 عضوا معينا إلي المجلس إلي جانب تعديل اللائحة الحالية لمجلس الشوري والمعمول بها منذ عام 80 بلائحة جديدة تتماشي مع نصوص الدستور الجديد خاصة ان المادة "97" من الدستور الجديد نصت علي ذلك إلي جانب المادة "99" من الدستور أيضا. ولعل من القضايا الأخري التي سوف تكون محلا للنقاش والجدل في حالة اقرار الدستور الجديد قضية المادة "139" من الدستور والتي نصت علي ان يختار رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة وطبقا لهذا النص وبعد اقرار الدستور تعد الحكومة الحالية في حكم المستقيلة ومن حق رئيس الجمهورية ان يعيد تكليف الدكتور هشام قنديل مرة أخري أو اختيار شخصية بديلة خاصة ان الدستور لم يتضمن مادة انتقالية تسمح باستمرار الحكومة الحالية. أيضا ومن بين القضايا ما تضمنته المادة "137" بشأن أداء الرئيس لليمين الدستورية أمام مجلس النواب والشوري ويكون أداء اليمين أمام مجلس الشوري عند حل مجلس النواب مما يعني أن الرئيس مرسي سوف يؤدي اليمين الدستورية الرابعة أمام مجلس الشوري في حالة اقرار هذا الدستور. أيضا من بين ا لقضايا المثارة قضية وضع المحافظين الحاليين خاصة ان المادة "187" نصت علي ان ينظم القانون طريقة اختيار المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية دون تحديد عما اذا كان سيتم بالانتخاب أو التعيين ولم يرد في الدستور نص يسمح باستمرار المحافظين الحاليين من مناصبهم. ولعل من أخطر القضايا التي تتطلب حسما سريعا بعد اقرار هذا الدستور قضية نائب الرئيس حيث ان نصوص الدستور الحالي خلت من وجود نائب للرئيس وبالتأكيد فان نائب الرئيس الحالي المستشار محمود مكي سوف يفقد منصبه وربما يشغل منصا آخر قد يكون داخل مجلس الشوري خلال توليه لسلطة التشريع.