شاهدته في أكثر من مكان متنقلا علي كرسيه المتحرك.. ساعيا بكل جدية لشرح القضية التي تؤرقه.. يتحدث بكل ثقة عن أزمة يعيشها يوميا حوالي 14 مليون معاق مصري طبقا لأحدث إحصائية للمجلس القومي لشئون الإعاقة.. رغم أنه من المعاقين القلائل الذين حصلوا علي وظيفة حكومية ويقيم في مسكن معقول إلا أن يحمل هموم إخوانه المعاقين الذين يعانون مرارة تعامل المجتمع معهم ولا يحصلون سوي علي نظرة شفقة لا تحل لهم أي مشكلة بل إنها تزيد من آلامهم.. يحزنه جدا استغلال بعض المعاقين لإعاقتهم لاستدرار عطف الناس وجعلها وسيلة للتسول لكسب المال.. ويحزنه أكثر سلوكيات أشخاص غير معاقين يتاجرون بقضية الإعاقة للهف الملايين من الجنيهات عبر مشاريع وهمية يزعمون أنها لإعانة المعاقين. لفت نظري بحضوره في مؤتمر بجامعة حلوان عن المستقبل السياسي لمصر عقب ثورة 25 يناير وشاهدته داخل قاعة في مجلس الشوري للمشاركة في جلسة استماع لمناقشة مشروع الدستور المصري الجديد.. إنه الشاب أحمد الجوهري منسق الحملة الشعبية لدعم وتمكين المعاق.. لم يعجزه الشلل النصفي عن العيش حياته والمشاركة في بناء مجتمعه.. واثق من نفسه لا يري في الإعاقة أي عيب بل إنها من وجهة نظره تنوع طبيعي للبشر. فمثلما خلق الله بشرا بيض وآخرين سودا. وبشرا طوالا وآخرين قصيري القامة. خلق سبحانه وتعالي بشرا معاقين وآخرين غير معاقين اعترف بأنني للمرة الأولي اسمع هذا المفهوم المنطقي والمقنع لقضية الإعاقة وأعلن إعجابي وتأييدي لهذا المفهوم وأدعو زملائي الإعلاميين والمفكرين لتناوله ونشره كي نعيد للمعاق ثقته بنفسه وأنه ليس أقل من غير المعاقين وأن الله بعدله وضع فيه من القدرات التي لو أحسن استثمارها فإنها تعوضه أكثر مما فقد وتوجد نماذج مشرفة من المعاقين رفعوا اسم مصر عاليا علي الصعيد الدولي في كافة المجالات لا يخفي الجوهري وإخوانه المعاقون مرارتهم ويأسهم من تعامل الحكومة مع قضية الإعاقة فأعلنوا تأسيس الحملة الشعبية لدعم وتمكين المعاق وتهدف لحصول المعاق علي كافة حقوقه الدستورية والقانونية انطلاقا من حق المواطن وليس من خلال التكافل الاجتماعي وإيمانا بأن المعاق مصري من الدرجة الأولي له كافة الحقوق وعليه ما علي غير المعاق من واجبات وتركز الحملة علي معالجة قضية الإعاقة وليس المعاقون كأفراد وعضوية الحملة مفتوحة للجميع معاقين وغير معاقين شرطها الوحيد الانتماء القوي لشعب مصر. ومما يشعرك بالجدية أن الحملة لم تقتصر علي الكلام وإصدار البيانات بل طرحت مشروعا عمليا لتمكين المعاقين يحمل عنوان "مدينة الأمل" تقام علي مساحة واسعة 15 فدانا علي الأقل بالقرب من أحد المجتمعات العمرانية الجديدة ويتم بناؤها بمواصفات خاصة تضم أماكن ذات إتاحة عالية للمعاقين مطابقة لمعايير الجودة العالمية وبها مركز طبي تعليمي متخصص يقدم الخدمات العلاجية لذوي الإعاقة مع تدريب الكوادر الطبية العاملة في مجال الإعاقة في مصر وخارجها ومركز للتدريب المهني لتدريبهم علي بعض الحرف كل حسب إعاقته وقدراته وتحتوي علي مركز لتصنيع وصيانة أجهزة الإعاقة وورش للنجارة ولصناعة الإكسسوارات والسجاد اليدوي وتضم أيضا نادياً رياضياً ومسجداً ومطعماً وكافيه وسينما ومسرحاً ومكتبة ومشتلا للنباتات. وفي حالة نجاح مدينة الأمل يتم تعميمها علي كافة المحافظات فأدعوكم جميعا لدعم هذا الأمل من أجل التمكين لشريحة غالية من أبنائنا وإخواننا وهي أيضا تمكين لمصرنا العزيزة. وقفة: رغم الظروف التي تمر بها مصر هناك الكثير من الشرفاء الذين يؤدون عملهم بإخلاص وجدية ومن هذه النخبة الأستاذ جمال مصيلحي مدير العلاقات العامة بمستشفي الهلال ذلك الصرح الطبي الحكومي العملاق الذي لمست بنفسي الخدمات التي يقدمها لآلاف المرضي يوميا بقيادة واعية ومهنية من الأستاذ الدكتور محمود الشناوي.