ستظل مشاكل الشارع مستمرة. ويزيد احساس المواطن بعدم التغيير المنشود بعد الثورة. إذا لم تكثف الحكومة من اهتمامها بالملف الاقتصادي. هذا الملف الشائك هو الذي يرتبط بحياة الناس واحتياجاتهم اليومية من عمل وغذاء وملابس ونقل ومساكن وغيره. وأي تقدم فيه سينعكس قطعاً علي مستوي معيشتهم ويكون كفيلاً بتغيير شعورهم واحساسهم بالفرق بين العيش في ظل نظام سابق ونظام جديد. ملف الاقتصاد الشائك يضم موضوعات تتطلب إجراءات سريعة وحاسمة للتعامل معها. وخاصة موضوع البطالة التي تجاوزت أكثر من 12% من عدد السكان.. يعني أكثر من 11 مليون فرد وليس 2.3 مليون كما ذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يتسكعون في الشوارع بلا عمل. منهم من لديه الاستعداد لارتكاب أي فعل أو جرم للحصول علي المقابل.. وهذه البطالة أدت إلي تزايد نسبة الفقر بين المصريين إلي 25%. بينهم 5% يعيشون في فقر مدقع.. بمعني أن ربع سكان مصر لا يجدون قوت يومهم. الملف يضم أيضا هذا العجز الرهيب في الموازنة العامة للدولة الذي لن تفلح القروض والمنح في التغلب عليه إلا في الأجل القصير. بينما ستؤدي هذه القروض إلي تعقيد المشكلة في الأجل الطويل. في حين ان الحل الوحيد لهذا العجز هو العمل وزيادة الانتاج. ويرتبط بملف العجز في الموازنة موضوع الدعم. وهو الملف الملتهب الذي تخشي الحكومة الاقتراب منه رغم انه يأكل ربع موارد الموازنة. وتعجز الحكومة عن توصيله لمستحقيه. هناك أيضا مشكلة الأجور والفوضي التي يتصف بها نظام الأجور في مصر. وهي الدافع الرئيسي وراء كل الاضرابات والاعتصامات التي شلت الحركة في معظم المصانع والشركات وامتدت إلي المستشفيات والمدارس والجامعات. هذا الملف الشائك لا يمكن حله بالوعود ولا بالكلام المعسول ولا بالخطابة في المساجد ولقاءات المشايخ والعمد والقبائل. وانما يحل بسرعة اتخاذ القرارات الكفيلة بتشجيع المستثمرين وأصحاب رءوس الأموال لإقامة مشروعات جديدة تزيد من الناتج القومي وتوفر فرص عمل للعاطلين وترفع مستوي العاملين بها وتضيف موارد مالية جديدة للخزانة العامة. مطلوب من الرئيس والحكومة تشكيل مجموعة عمل وزارية جادة تهتم بالملف الاقتصادي وتضع برنامجا محدد الخطط والتوقيتات للإصلاح علي المدي القصير والمتوسط والطويل. وأن يتخذ الرئيس قرارات فاعلة وواضحة تعيد الحياة إلي المصانع التي توقفت بعد الثورة وشردت العاملين بها. وازالة الأعباء عن المستثمرين والتوقف عن التصريحات التي تثير الشك والمخاوف في نفوسهم من امكانية المصادرة أو التأميم. مجموعة الوزراء الحاليين المنوط بهم الوزارات ذات الطابع الاقتصادي هم من كبار الموظفين القادرين علي تسيير الأمور في وزاراتهم. لكنهم للأسف غير قادرين وليس لديهم المواهب والملكات والرؤية اللازمة لرسم خطط المستقبل وتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المأمول. عندي احساس ان ما يفعله الرئيس والحكومة الحالية أشبه بالجري في المكان.. وان المجهود الجبار الذي يبذله لا يتناسب مع المحصلة والنتائج والواقع الذي يتمناه المواطن وينشده. والذي قام من أجله بثورة يناير.