لا يستطيع أي شخص أن ينسى شخصية "عمو عزيز" الذي جسدها الفنان زكي رستم، في أروع أفلامه "أين عمري" الذي شاركته في بطولته الفنانة الجميلة ماجدة. ولد الفنان محمد زكي محرم محمود رستم في 25 مارس عام 1903 في قصر جده اللواء محمود رستم باشا بحي الحلمية. في عام 1920 نال شهادة البكالوريا ورفض استكمال تعليمه الجامعي وكانت أمنية والده أن يلحقه بكلية الحقوق، إلا أنه اختار الفن في عام 1924، وكانت رياضة حمل الأثقال هي هوايته المفضلة وفاز بلقب بطل مصر الثاني في حمل الأثقال للوزن الثقيل. حكايته مع الفن التقى بالفنان "عبد الوارث عسر" الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية وكانت هذه نقطة التحول في حياته. وبعد وفاة والده تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلنًا انضمامه إلى فرقة جورج أبيض، فطردته والدته من السرايا لأنه مثل سيئ لإخوته بعدما خيرته بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق فاختار الفن، فأصيبت بالشلل حتى وفاتها. أفلامه بلغ رصيده الفنى من الأفلام 240 فيلمًا ولكن المشهور منها والموجود 55 فيلمًا أشهرها "العزيمة" 1939 و"الشرير" 1942 و"عدو المرأة" 1945 1953 و"الفتوة" 1957 و"امرأة على الطريق" 1958 وآخر أفلامه "أجازة صيف" 1967. مذا قال عنه النقاد؟ كتب عنه جورج سادول المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي إنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة واختارته مجلة "بارى ماتش" الفرنسية بوصفه واحدًا من أفضل عشرة ممثلين عالميين. أطلق عليه "رائد مدرسة الاندماج". فكان نموذجًا رائعًا للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أي شخصية مهما كانت صعوبتها، فكان لا يكاد ينتهى من أداء موقف من المواقف أمام الكاميرا حتى تتصاعد موجة من التصفيق من كل الحاضرين في البلاتوه بمن فيهم من شاركوه تمثيل الموقف، فوالجدير بالذكر أن الفنانة فاتن حمامة كانت تخاف من اندماجه عندما يستولى عليه فتقول "يندمج لدرجة أنه لما يزقنى كنت ألاقى نفسى طايرة في الهواء". ارتباطه بالفن كان الفن عنده هو البلاتوه ولحظة خروجه منه تنقطع الصلة بينهما تمامًا ولهذا لم يكن له أصدقاء. صديقه الوحيد كان سليمان نجيب وكان معروفًا بابن الباشا وكان يحترم ويحب الفنان عبد الوارث عسر. عاش طوال حياته أعزب لا يفكر في الزواج لا يشغله سوى الفن. في سنواته الفنية الأخيرة عانى من ضعف السمع وكان يكره أن يستعين بسماعة من تلك الاختراعات الإلكترونية. كان يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عامًا وكلبه الوولف الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية. الجوائز التي حصل عليها في عام 1962 حصل على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس جمال عبد الناصر. في عام 1968 توقف الفنان زكى رستم تمامًا عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تدريجيًا وكان يقضى معظم وقته في القراءة. وفاته أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى مستشفى دار الشفاء وفى ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير عام 1972 وافته المنية. ولم يشعر به أحد و لم يمشِ في جنازته أحد.