نعرض عليكم هنا نموذجاً لمواطن مصري بسيط ينطبق عليه اثنان من الأمثال الشعبية: الأول "الشاطرة تغزل برجل حمار"، أما الثاني فهو "العين بصيرة واليد قصيرة"! فهو يكد ويعمل كل يوم منذ سنوات طويلة في مهنته كأسطى سروجي سيارات ماهر، لكنه ليس مجرد حرفي تقليدي، لكنه فنان لا يشق له غبار وصاحب هواية رائعة! يهوى المصري أحمد صابر البالغ من العمر 42 عاما تصنيع نماذج السيارات الفاخرة، ويبرع في ذلك بإتقان كبير، رغم ضيق ذات اليد وعدم توافر الخامات اللائقة التي تساعده على تنفيذ نماذجه. وذكرت جريدة المصري اليوم على لسان الحرفي الفنان أن عشقه لهذه الهواية بدأ منذ سنوات، عندما رأى في مجلة صورة لإحدى السيارات الفاخرة التي أثارت إعجابه لدرجة كبيرة، لكنه سرعان ما اندهش عندما اكتشف أن سعرها يتجاوز الملايين من الجنيهات، وهنا اكتفى بتواضع بأن يصنع لها نموذجا مصغرا. وقد ورث الأسطى أحمد صابر هواية تصنيع السيارات عن والده الذي كان يعمل هو الآخر كسروجي سيارات تمتليء ورشته يوميا بعشرات السيارات مختلفة الموديلات والتصميمات، مما منح الابن الفرصة لتفحص هذه السيارات عن قرب واكتشاف أسرارها، عاقدا العزم على تصنيعها يوما. ويقول الأسطى صابر إنه كان يبلغ من العمر 20 عاما فقط عندما صنع أول نموذج سيارة، وكانت جيب فور باي فور، استخدم في تصنيعها قطعاً من الخردة (مسامير وحديد وبواقي أخشاب) كان يجمعها من ورشة والده من سوق السيدة عائشة. وتصادف أن رأى صاحب أحد معارض السيارات النموذج الذي صنعه صابر، وحصل عليه ليزين معرضه كتحفة فنية. وحتى الآن تعددت السيارات التي صنعها الأسطى صابر بمهارته الكبيرة، وإمكاناته المادية المحدودة، فمنها نموذج BMW، وآخر لسيارة رولز رويس صنعها مؤخرا. الجميل في الأمر أن هذه النماذج لا تحاكي الشكل فقط، بل هي نماذج حقيقية تعمل من خلال محركات صغيرة الحجم. وعن السيارة الرولز رويس التي صنعها الأسطى صابر مؤخرا، فقد تكلفت حوالي 3 آلاف جنيه، واستخدم فيها بقايا من الأخشاب والحديد مع خردة ماكينة تصوير وطابعة قديمة! وفي النهاية أصبحت السيارة الصغيرة مطابقة للأصلية في شكلها، ويتم التحكم في أجزائها، كالسقف والكبوت أوتوماتيكيا! ويمتليء الأسطى صابر بالأحلام والطموحات التي لا تنتهي، لكن بالطبع ينقصه التمويل، فهو يؤكد قدرته على صنع سيارات حقيقية بحجمها الحقيقي، ويتمنى لو يتحقق قريباً حلم إنتاج سيارة مصرية. كما يتمنى صابر لو يستطيع تحويل هوايته محدودة النطاق إلى عمل تجاري على نطاق واسع يقوم من خلاله بتصنيع سيارات كهربائية مصرية للأطفال، لكن تبقى عقبة التمويل! والسؤال هنا في عصر "النهضة": أما من رجل أعمال مصري مقتدر يتبنى موهبة الأسطى صابر، ويحول حلمه إلى حقيقة؟!