أثارت الزيارة التي قام بها مفتي مصر الدكتور علي جمعة للمسجد الأقصى موجة من الانتقادات من قبل علماء الدين داخل مصر. أعلن الأزهر عن اجتماع لمجمع البحوث الإسلامية الخميس من أجل مناقشتها، كما تظاهر المئات من طلاب جامعة الأزهر مساء الأربعاء احتجاجا على الزيارة وعدوها نوعا من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. وتظاهر الطلاب بمقر المدينة الجامعية، في حين شهدت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت دعوات من نشطاء إلى مظاهرات حاشدة الخميس داخل مقر الجامعة للمطالبة بإقالة المفتي. وقد ردد المتظاهرون هتافات تدعو للجهاد وتندد بالزيارة، كما رفعوا لافتات يتساءل بعضها عن مغزى القيام بمثل هذه الزيارة في هذا الوقت. وقد نأى الأزهر بنفسه عن الزيارة، وأعلن أن مجمع البحوث الإسلامية سيعقد اجتماعا طارئا لمناقشتها، في حين نقلت وسائل إعلام عن مصادر أزهرية أن شيخ الأزهر أحمد الطيب فوجئ بالزيارة ولم يستشر بشأنها. زيارة غير رسمية وحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، دافع جمعة عن الزيارة، مؤكدا أنها زيارة غير رسمية وتمت "تحت الإشراف الكامل للسلطات الأردنية ومن دون الحصول على أي تأشيرات أو أختام دخول إسرائيلية، باعتبار أن الديوان الملكي الأردني هو المشرف على المزارات المقدسة للقدس الشريف". الاخوان: الزيارة كارثية ومن جانبه رفض حزب الحرية والعدالة زيارة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية للقدس الشريف، وقال الدكتور أسامة ياسين، الأمين العام المساعد لحزب الحرية والعدالة ورئيس لجنة الشباب بمجلس الشعب - فى بيان صدر مساء أمس- إن الحزب يرفض بشكل قاطع زيارة المفتى، مهما كانت المبررات والأسباب، مؤكدا أنها تمثل كارثة حقيقية وضربة موجهة للجهاد الوطني، الذي نجح في إفشال كل محاولات التطبيع طوال السنوات الماضية. وقال: إن مفتي الديار المصرية عندما ذهب للمسجد الأقصى مخالفا في ذلك كل الفتاوى الصادرة من علماء المسلمين ومن بينهم الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، لم يكن يمثل نفسه، إنما يمثل أحد المسئولين في المؤسسة الدينية الرسمية، وبالتالي فإن ما قام به لا يقبل تبريره ولا يمكن تمريره بل يجب مساءلته بالشكل الذي لا يسمح بتكرار مثل هذا الموقف من أي شخصية اعتبارية رسمية بما فيه إضرار بالقضية الفلسطينية ولا يخدمها بأي حال من الأحوال. وأشار ياسين إلى أن النظام السابق، الذي كان يتمتع بعلاقات متينة مع قادة إسرائيل قد فشل في فرض التطبيع علي الشعب المصري، وبالتالي فإنه ليس مقبولا أن تحدث مثل هذه الزيارة بعد الثورة، التي شهدت توافقا بين الموقفين الشعبي والرسمي الرافضين لوجود أي علاقات مع الكيان الإسرائيلي، طالما استمر الاحتلال والاستيطان وحصار غزة. لماذا سمح له الاحتلال بدخول القدس دون الأجانب؟ وقال الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية فى الداخل الفلسطيني، إنه تفاجأ بزيارة الشيخ على جمعة، مفتى الديار المصرية، إلى القدس ووصفها بأنها فى غير توقيتها الطبيعي، مؤكدا أن السلطات الإسرائيلية هى التى تسمح أو لا تسمح بالدخول إلى المسجد الأقصى المبارك وليس الديوان الملكى الأردني، كما صرح مستشار المفتى. وأضاف فى مداخلة هاتفية مع الإعلامية منى الشاذلي ببرنامج العاشرة مساء أن الشخصيات الرسمية أمثال جمعة لن تدخل القدس إلا فى حماية أجهزة الأمن الإسرائيلية المتمثلة فى الشرطة والمخابرات، "أعيب على مفتى الديار المصرية أن يقع فى مثل هذا المطب"، وتساءل عن سبب عدم مجيء هذه الزيارة قبل الثورات العربية الأخيرة، وإذا كانت زيارة المفتى للمسجد الأقصي للإطلاع فقط وفقا لما صرح به الدكتور إبراهيم نجم، مستشار المفتى.. فهل يخفى على أي عربي أو مسلم ما يعيشه الأقصى من احتلال وتضييق؟ كما أكد على أن الاحتلال الذي تعيشه القدس مسئولية تتحملها الأمة العربية كلها وليس المفتى المصري أو الأردن وحدهما، مشيرًا إلى أن مثل هذه الزيارات تكررت أكثر من مرة، بما يمثل ظاهرة تريد المؤسسة الإسرائيلية من خلالها أن تؤكد للجميع أنها صاحبة السيادة على المسجد الأقصى. وحول اصطحاب الشيخ محمد حسين، مفتى القدس، للشيخ على جمعة في زيارته المفاجئة، أوضح الخطيب أن حسين موظف فى مؤسسة فلسطينية دعت من قبل إلى تكثيف زيارات العرب والمسلمين للقدس، ولكن هذه الدعوات كانت ردا على الفتوى الجريئة للشيخ القرضاوي، رئيس اتحاد العلماء المسلمين، حول زيارة المسلمين والعرب للقدس. ختم الخطيب حديثه قائلا: هناك من يقول أن مثل هذه الزيارات بمثابة دعم معنوي لأهالي القدس، ولكن لماذا يقف الإسرائيليون الآن بالمرصاد للمتضامنين الأجانب الذين يأتون لتقديم الدعم للفلسطينيين فى قضية الجدار العازل والمستوطنات.. لماذا يمنع هؤلاء الذين يأتون لمساعدة الفلسطينيين ويسمح لشخصيات فى مصر بزيارة القدس، وهذا يعني أن هذه الجموع العربية والإسلامية والفلسطينية أنها ستبقى تحت نظر وعين الاحتلال الإسرائيلي. وأن من يتصور أن وصول الآلاف من المسلمين العرب إلى القدس لخلق واقع جديد فهو مخطئ وواهم.