الإسلام دين جمع الناس على الحب والوفاء والإخلاص والتضحية، قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفى حفرة من النار فأنقذكم منها". وقال تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم". فالإسلام جمع صهيب الرومى مع سلمان الفارسى مع بلال الحبشى فجمعهم جميعاً على الحب، حب الله ورسوله لأن فى هذا المسلك إنما هو قوة للإسلام والمسلمين. وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أخى بين المهاجرين والأنصار وأصلح بين الأوس والخذرج الذين دامت بينهم الحروب سنوات طويلة، وأخذ العهود والمواثيق على يهود المدينة والهدف من ذلك أن يكونوا جميعاً على قلب رجل واحد، فانقاد الجميع إلى أمر رسول الله وقوية شوكة المسلمين ولكن اليهود لا عهد لهم ولا أمان، فلم يوفوا بالعهد ولم يلتزموا بوعد. أما ما نراه فى زماننا من تعدد الأحزاب وفواصل تفصل بين الأمة الإسلامية فهذا مصرى وهذا سودانى وذاك شامى وآخر عراقى، كل ذلك من صنيع الاستعمار الذى لا يتمنى أن تكون الأمة الإسلامية على قلب رجل واحد، فعندما رحل الاستعمار الإنجليزى من مصر قبل أن يرحل أنشأ الأحزاب التى كانت أشد خطراً على البلاد من الاستعمار نفسه فأصبح كل حزب بما لديهم فرحون، فلا يفكر فى وطن ولا يعلى شأن دين ولا تهمه شريعة، وإنما الذى يعنيه فقط كيف يعمل لنفسه ولحزبه. ومن هنا فإن الإسلام لا يعرف الحزبية، وما نراه فى زماننا إنما هو تفتيت وضعف وشرذمة وضياع للأموال والممتلكات وفساد فى الأرض والله لا يحب المفسدين.