هتافات صارخة.. أصوات نسائية تنطلق من أحد الجوانب تلفت أنظار الجميع لتظهر سيدة فى العقد الرابع من عمرها داكنة البشرة، صارمة الملامح، ضخمة البنيان، ترتدى عباءة سمراء، تغطى رأسها بإيشارب صغير يكشف عن قرط كبير فى أذنيها. حرصت هذه السيدة على ارتداء مشغولات ذهبية فى يديها، ظهرت فى المقدمة بصحبة 10 سيدات خلفها، يهتفن جميعاً لصالح أحد المرشحين، تجمعن على هيئة دائرة أمام مقر لجنة التصويت مرددات الشعارات ليجذبن انتباه الحاضرين. "عفاف"... التى تقترب صورتها من الفنانة عبلة كامل فى فيلم (خالتى فرنسا) اعتادت الذهاب إلى الدوائر الانتخابية كل دورة لمناصرة أحد المرشحين وترى أن لها دوراً مهماً فى وصوله إلى كرسى البرلمان. ظهورها فى الدائرة الانتخابية وسط قريناتها يكون على أسس مدروسة بالاتفاق مع المرشح، فهى تظهر قبل انتهاء الانتخابات بساعة واحدة فى حالة تأكد المرشح من حصوله على النسبة الأكبر من الأصوات، التى ستقوده إلى الفوز ولا يتعدى دورها الهتافات والتصفيق للمرشح، أما فى حالة سخونة الدائرة وحدة المنافسة بين المشرحين تظهر عفاف فى الساعات الأولى من الانتخابات، وهنا يبدأ دورها من الهتافات ليصل إلى السب والقذف والضرب مع أنصار المرشح المنافس. عفاف التى ترفض لقب "بلطجية"، وتفضل "الشرشوحة وناصرة الغلابة" ترى أن مهنتها لا تختلف عن مهنة الطبيبة أو المدرسة وغيرهما من المهن، فدورها لا يتوقف عند تغطية الانتخابات البرلمانية فقط، وإنما تعمل على مدار السنة، وتقول عفاف: "جوزى مات من عشر سنين وساب لي 5 عيال باجرى عليهم، وشغلتى شرف ليا طالما مابعملش حاجة تغضب ربنا، فدورى مابيقفش عند الانتخابات بس، ولكن أنا بجيب حق الغلابة اللى مالهمش ضهر، وبدل ما بتروح الست للقسم وتتبهدل مع الضباط بتجيلى وأنا باخد لها حقها، علشان كده أنا باعتبر نفسى نصيرة الغلابة فى البلد دى". وعن يومها فى الانتخابات البرلمانية تحكى عفاف قائلة: "اليوم ده بحضر قبله بأسبوع مع المرشح اللى ههتفله، وأجرتى بتختلف فالشتيمة غير الضرب، وكله حسب الأوامر، أول حاجة بعملها أدرس المنطقة كويس علشان لو الخناقة كان فيها ضرب أعرف أكت منها بسرعة مع الناس اللى شغالة معايا، اليوم لو عدى بشتيمة بس يكون حسابى 1000 جنيه فى الليلة، غير الناس اللى معايا كل واحدة منهم بتتحصل على 100 جنيه، لكن لو حصل ضرب بيننا وبين المرشح المنافس يكون حسابى الضعف مرتين". وعن اختلاف الانتخابات الحالية عن سابقاتها بتنافس مرشحى الحزب الوطنى على المقاعد وانسحاب نواب الوفد والإخوان المسلمين، قالت عفاف: "والله مش فارق معايا كتير وطنى من غيره، أهم حاجة إنى بقبض فى الآخر، ده حتى بتوع المعارضة بيقرفونا على ما نقبض، أما بتوع الإخوان مابيحتاجوش لنا أصلاً، وأكتر ناس بتدفع بتوع الوطنى". وعن أصعب المواقف التى عاشتها عفاف تذكر أنها فى الدورة البرلمانية السابقة اتفقت مع أحد النواب على 500 جنيه مقابل التعرض لزوجة المرشح المنافس وسبها أمام منزلها، إلا أنها فوجئت بعد القيام بذلك وفوز المرشح فى الانتخابات بمماطلته لها فى دفع المبلغ المتفق عليه، فسارعت إليه وهددته بفضح أمره على صفحات الجرائد وبرامج التليفزيون، فدفع المبلغ وأضاف إليه 500 جنيه.