أنا فتاة عندي 25 سنة، من أسرة متوسطة الحال، ولا يوجد لديّ من أشكو إليه حالي، فهل من الممكن أن أجد لديكم حلاً، وهل أنا عاصية، ومخطئة، وكافرة، وأستحق الموت حرقاً؟! حكايتي متشعبة جداً، فوالدتي ووالدي مصابان بالصمم والبكم منذ ولادتهما، وبالرغم من ذلك، تمكن والدي من أن يؤمن لي أنا وأختي التي تصغرني ب 5 سنوات تقريبا حياة كريمة. وبسبب ظروف والدتي ووالدي، كنت أقيم أغلب الوقت لدى خالتي؛ لأتعلم مهارات الكلام الذي أفتقده.. وكان زوج خالتي رجلا حنونا جدا، يجلب لنا الحلوى دائما، ويعاملنا مثل أبنائه الذين لم يرزقه الله بهم لأنه غير قادر على الإنجاب. ولم أكن أعلم ان ما كان يفعله معي وخصوصا في غياب خالتي وأنا في عمر الثامنة هو الجنس، إلى أن كبرت وفهمت ما يفعله، وعندما بلغت 12 سنة من العمر حاول أن يعاشرني معاشرة الأزواج، إلا أنني رفضت وبشدة، وحاول أكثر من مرة التحرش بي وأنا نائمة، إلا أنني كنت أتنبه لذلك، وقررت عدم المبيت عند خالتي نهائيا، وأصبحت زيارتي لها مجرد ساعة او اثنتين على الأكثر، واقتربت من الله كثيرا. إلا أن أختي وقعت في شباكه، ولا يعرف ذلك سوى الله عز وجل، حاولت أن أنصحها أكثر من مرة، وفي كل مرة كانت تحاول الابتعاد عنه، ثم تعود له مرة أخرى! مشكلتي أنني مخطوبة الآن، من شخص متدين وقادر على الزواج، لكنني أجريت بعض الفحوصات الطبية لدى طبيبة أمراض نساء، حيث كنت أشكو من بعض الأعراض المرضية، فقالت لي "يا مدام فلانة"، وعندما قلت لها إنني غير متزوجة، نظرت لي نظرة احتقار، وأخبرتني أن لدي تهتكاً في غشاء البكارة وأنني لست بكرا، ولم أستطع أن أجري عملية حتى لا أغش هذا الإنسان، وابتعدت عنه، وتركته، إلا أنه مازال يطاردني لأنه يحبني، ماذا أفعل بالله عليكم؟! لا يوجد أمامي إلا الانتحار، ومع أني أعلم أنه كُفر، إلا أنه الخلاص الوحيد أمامي، فهل من الممكن أن تساعدوني؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول: بل إنك تستحقين وساماً يا صديقتي على ما فعلتِه، فعندما تنبّهت لوجود خطأ ما في طريقة معاملة هذا الرجل - الذي استسلم لشهواته، وضحى في سبيلها بكل معاني الرجولة والشرف والنخوة- وقفتِ في وجهه -بالإمكانات التي كانت متاحة لك وقتها- ورفضتِ استغلاله لك، وأخذت القرار بعدم المبيت في بيت خالتك مرة أخرى. وهو الموقف الذي أراه شجاعاً للغاية، خاصة في مثل هذه السن الصغيرة، والذي يدل على نقاء سريرتك، وقدرتك على التمييز بين الحلال والحرام، والانحياز للحلال في النهاية. والله سبحانه وتعالى لا يُكلّف نفساً إلا وسعها يا صديقتي، وعندما كنت أصغر سناً، لم يكن بوسعك أن تفعلي شيئاً، حتى إنك لم تكوني تفهمين ما يدور من حولك، لذا فإنه لا وزر عليك، ولا ذنب، ولا خطيّة، وإنما الوزر - كل الوزر- على زوج خالتك الذي استغلّ جهلك، واحتياجك للمبيت في منزله، ليفعل ما فعل! فلا تُحمِّلي نفسك ما لا تطيق، ولا تتعاملي مع جسدك على أنه مُدنّس، أو غير أهلٍ للحياة الكريمة، فإنه بريء من هذه التهمة، ولم يكن إلا ضحية رجل فاقد الأخلاق، وظروف معقدة، ساقها الله سبحانه وتعالى إليك، ليختبر شجاعتك، وصبرك على الابتلاء، وقد حان الوقت لتنجحي في هذا الامتحان بجدارة. أما عن آثار هذه الممارسات القميئة، التي استمرّت سنوات، وأدّت لانتهاك غشاء بكارتك في النهاية، فبما أنه لا ذنب لك فيها -كما قلنا- فإنه يمكنك شرعًا في مثل هذه الحالة اتخاذ جميع التدابير، التي من شأنها أن تعيدك إلى حالتك الأولى، وممارسة حياتك بعدها بشكل طبيعي. في نفس الوقت الذي أؤكد عليك فيه ألا تُخبري خطيبك بأي شيء، فإن ما لا يعرفه لا يؤذي شعوره، ومن ستره المولى سبحانه وتعالى، لا يفضح نفسه، خاصة وأن مصارحته لن تؤدي إلا إلى شقائك، وابتعاده عنك للأبد، الأمر الذي سيكون عقابًا قاسيًا لك، على جريمة لم تكوني طرفا فيها من الأساس. فاعتبري ما فات، تاريخًا قديمًا، واقتربي من الله سبحانه وتعالى، واطلبي منه المدد والعون، وهو القادر سبحانه على إزالة آثار العدوان من نفسك، ومنحك البداية الجديدة التي تستحقين. أما عن أختك، التي تأصلت الخطيئة في دمها حتى أدمنتها، فاستمري في نُصحها لفترة، فإذا واصلت رفضها، ورضوخها لشيطان الشهوة، فليس من حلّ إلا مصارحة خالتك بما يفعله زوجها، وخيانته للأمانة، وانتهاكه لحرمتكما، دون أن تأخذك به شفقة أو رحمة، ودون خوف من تدمير حياته العائلية، فمثله لا يستحق الأمان، ولا يستحق الستر، لأن كل ذلك سوف يعينه على مزيد من ارتكاب جرائمه. ومهما كانت العقبات التي تكتنف هذا الحل، فإياك أن تتركي أختك تغترف من هذا الحرام، وتستزيد من غضب المولى سبحانه عليها كل يوم، لكن.. مُدي إليها يديك، وأنقذيها، رغم أنفها، وحتى لو لم تكن تسعى لإنقاذ، فسوف تعرف بعد قليل الآثار المدمرة، لما أسرفتْ على نفسها فيه، وتندم، وقت لا ينفع الندم!! وربما في مرحلة تالية، يكون من الأفضل أن تخضعي -أنت وأختك- لجلسات إعادة تأهيل مع أحد الأطباء النفسيين، لكي يعيد معكما الأمور إلى نصابها، وتتمكنا من ممارسة حياتكما بشكل طبيعي بعدها. أهم شيء، أن تنفضي عن قلبك الإحساس بالذنب، وبأنك شريكة في الجريمة، فما حكيتِه دليلُ براءتك، وما تتمنينه الآن من حياة نظيفة وطاهرة، دليلٌ آخر على أنك تستحقين مثل هذه الحياة. هداك الله سبحانه وتعالى يا أختي، ويسر لك أمرك، وأعانك على ما ينبغي عليك القيام به. حسام مصطفى إبراهيم