حسام مصطفى إبراهيم - عيون ع الفن: الظاهرة الأكثر غرابة في الوقت الحالي، هي اتجاه معظم النجوم لتقديم البرامج التليفزيونية، خاصة مع انتشار القنوات الفضائية، الأمر الذي أصبح يشكل ظاهرة بالفعل، مع أن العُرف جرى على أن يكون المقدم إعلاميا، وليس فنانًا، وهذا حال معظم المقدّمين البارزين في العالم العربي والغربي. وقد فسَّر البعض هذا، برغبة الفنانين الدائمة في التواجد على الشاشة وفي منطقة الضوء، باستمرار، حتى في أوقات الكساد الفني، وعدم وجود أعمال سينمائية أو تليفزيونية معروضة لهم. والبعض الآخر، فسَّره بالسعي لجني مزيدٍ من الأموال، حيث تدفع القنوات الفضائية مبالغ طائلة لهؤلاء النجوم، من أجل تقديم برامج على شاشاتها، والذي يتم تعويضها بالطبع، من خلال كم الإعلانات الذي يتعاقدون عليه! وهناك رأي آخر، يدور حول كون الفيلم أو المسلسل، محكوما بسيناريو، ما يعني أن الفنان لا يستطيع أن يكون على راحته وهو يؤديه، ولا يمكنه كذلك التعبير عن نفسه ورؤيته للحياة، أما في حال البرامج، فيمكنه أن ينطلق كما يشاء، وينقل للجمهور رسالته الحقيقية، عبر وسيط وآلية مختلفين. وجهة النظر الرابعة تقول إن السبب في اتجاه الفنانين للبرامج التليفزيونية، هو الشعور بالغيرة الفنية، خاصة عندما ينجح أحدهم في جذب الأنظار، فيسعى الجميع لتقليده! لكن الأمر المؤسف بالفعل، أن هناك من الفنانين من لا يملكون الحضور الكافي لتقديم برنامج، ولا القدرة على إدارة حوار، بل إن الأمر يصل في بعض الأحيان، إلى عدم القدرة حتى على النطق بشكل سليم، وإخراج الحروف من مخارجها الطبيعية!! ناهيك عن أن معظم أفكار هذه البرامج -في الغالب- تكون مكررة، أو منسوخة، وغير ذات نفع، وتدور أغلبها حول التسلية والضحك والهزار، دون أن تسعى لتقديم قيمة، أو إيصال معلومة، فالاهتمام إنما يكون بالنجم نفسه، وشعبيته، وليس بما سوف يقوله!! كما أن هذا الاتجاه، سوف يقضي على "صناعة الإعلامي الشاب" حيث لم تعد القنوات الفضائية ترحب بمنح الفرصة للشباب، للظهور وعرض مواهبهم، وتُفضل اللجوء للأسماء الكبيرة، بحثا عن الإعلان المفضي لمزيد من الربح!! وهو ما سوف يؤدّي بعد فترة -تطول أو تقصر- إلى عدم وجود صف ثان من الإعلاميين، وعدم انتقال الخبرات من الأكبر سنا للأصغر، الأمر الذي سينعكس على صناعة الإعلام ككل. كما أنه وفقا للقاعدة التي تقول إن الشيء إذا زاد على حدِّه، انقلب لضده، فإن الجمهور سوف يتشبع مع القوت، ويملّ هذه النوعية من البرامج في نهاية المطاف، مما يؤدي لخسارة القنوات الفضائية لهذا الكارت الذي تلعب به، لكني لا ِأشك أنها سوف تلتف حول الأمر، وتحاول إيجاد وسيلة جديدة لإخراج النقود من جيوب المعلنين!! وعلى الفنان -الذي يحترم جمهوره وفنه- أن يُعيد حساباته، ويحدد الهدف الذي من أجله سوف يقدم برنامجا، حتى لا يظهر بصورة تسيء لتاريخه، ولا يقحم نفسه في منطقة، لا سيطرة له عليها!! فالإعلام ليس مهنة من لا مهنة له، وليس "سبوبة" وقتية، كما أنه ليس وسيلة للتلميع والبقاء تحت الكاميرات، لأطول فترة ممكنة، وإنما هو المصنع الذي يُخرج الأجيال، ويُعدِّهم لتحمل المسئولية، ويخلق بداخلهم القيم والعادات والتقاليد، فإن كان عاجزا ومعوَّقا، فما الذي ننتظره من شباب وأبناء مصر في السنوات القادمة؟!!