أكد خبراء سياسيون وقانونيون، أن إصدار قانون التظاهر من قبل سلطات الانقلاب العسكرى الدموى رغم كافة الانتقادات الموجهة إليه حتى من مؤيدى الانقلاب أنفسهم ومنظمات حقوقية عديدة، يكشف العديد من الحقائق أهمها استمرار الانقلاب فى محاولة تقنين ممنهج لعملية القمع الكامل والمتصاعد ضد رافضيه، تأكيد حالة الرعب الشديد لدى الانقلاب وقياداته من تصاعد أعداد رافضيه أفقيا ورأسيا وجغرافيا، كما أن القانون يوضح فى الوقت نفسه مدى ضعف والهوان والإفلاس الذى أصاب الانقلابيين فى مواجهة مؤيدى الشرعية الصامدين كل هذه الفترة للدفاع عن حريتهم وكرامتهم، بل وصفه البعض بأنه بداية العد التنازلى للانقلاب وأنه المسمار الأخير فى نعشه. وحذروا ل"الحرية والعدالة" مما وصفوه بالألغام والثغرات والذرائع بالقانون الانقلابى الذى يتضمن عقوبات وغرامات وحبسا مغلظة وغير مسبوقة تجهض جميع مكتسبات ثورة يناير، ويعطى صلاحيات واسعة لداخلية الانقلاب ويجعل يدها هى العليا، مع شروط تعجيزية تجبر المتظاهرين على تسليم أنفسهم مسبقا للقسم، ويتيح "حق الدفاع عن النفس" فى حال وجود مسلحين بشكل فضفاض يجعل الأمن من يفسر نية المتظاهرين وحالتهم، وحق إطلاق النار دون ضوابط محددة، مما يجعل السلميين عرضة للقبض والحبس والغرامة والقتل إذا اندس بينهم مسلح، ويضير حق الاعتصام الدستورى وينسفه. وكان المستشار عدلى منصور-المعين من سلطة الانقلاب- قد أصدر القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013، الخاص بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية. التظاهر حق أصيل فى البداية يرى المحامى خالد حنفى -عضو مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية- أن الدول بشكل عام تضع قانونا لتنظيم التظاهر وليس لحق التظاهر لأنه حق أصيل لكل أفراد المجتمع إذا ما كان يستدعى إبداءهم لرأيهم بشكل جماعى أو مكثف ضد قرارات أو مسئولى الدولة أو وزير اقتصاد أو داخلية أو رئيس هيئة أو مصلحة ما بشأن قرار ما، فأى مجموعة من حقها الاعتراض ضد رئيس مؤسسة أو وزير، من عمال أو موظفين يعبرون عن آرائهم للمناقشة والتوصل لحل وسط توافقى وهذا من أهداف التظاهر. وقال حنفى إن التظاهر الفعلى والقانونى فى المجتمع المصرى منذ ثورة 25 يناير للآن هو حق اكتسبه المجتمع المصرى بدماء وشهداء ومصابى الثورة، فلا يجوز للدولة أيا كان الحاكم الفعلى فى أى مرحلة تاريخية بعد الثورة أن يمنع حق المجتمع فى التظاهر، ولذلك لزاما على الدولة حين أرادت صياغة مواد قانونية لتنظيم حق فيجب أن تصب جميعا فى الصالح العام وليس مؤسسات الدولة والحكام فقط. وأضاف أن قانون التظاهر الحالى هو مضيق لحق المصريين فى التظاهر حيث نص على عدم الاجتماع فى مكان ما لمجموعة أكثر من خمسة أفراد إلا بإخطار الداخلية وهذا لا يجوز حيث إنه قد أصبح لدى المصريين حركات وجماعات ثورية لها توجه ثقافى يصب فى صالح المجتمع ويجب أن نترك الفرصة لها للتعبير بمنتهى الحرية ودون قيود أمنية. وتابع عضو مركز القاهرة للدراسات القانونية، أن من سلبيات هذا القانون أنه نص على عقوبات مشددة تمنع الكثير من عوام المجتمع المصرى، خاصة من أناس عاديين وبسطاء من التظاهر السلمى لأنه يخاف القبض عليه والتغريم بمبالغ مالية كبيرة تتفاوت بين 30 ألفا و50 ألفا و100 ألف جنيه، وهذا لا يجوز بعد ثورة 25 يناير، كما أن القانون يمثل قيدا على الثورة المصرية والموجات الثورية القادمة من رحمها، والمجتمع المصرى مصمم على تحقيق متطلبات ثورة 25 يناير العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ومهما كان سلوك الحاكم الفعلى سواء متسلطا أو متغطرسا لا يجوز فرض قوانين تمنع حق التعبير عن الرأى، وسيعبر المصريون عن رأيهم مهما كانت التضحيات. وعما يخص الغرامات بالقانون أوضح "حنفى" أن المادة الخاصة بالحبس فيما يخص استعمال أو حمل السلاح تعبر عن قيمة فى جوهرها يوافق عليها كافة المجتمع المصرى وهى لا تمنع الحق فى التظاهر الأصل فيه أنه تظاهر سلمى، ولكن وجود مواد تنص على عقوبات مالية غليظة لمن يلقى عليه القبض أثناء التظاهرات ولم يكن حاملا للسلاح وإن كان أحدا من المتظاهرين يحمله فسيعاقب هو بذنبهم ويحبس، مما يجعله يخشى التظاهر ولن يفكر فيه أصلا، فكان يجب تنظيم حق التظاهر دون تغريم مبالغ مالية وبدون عقوبة حبس لفرد لا يحمل السلاح ولا ضغينة ولم يشعل حريقا، مشيرا إلى أن القانون يقرر حبس الشخص السلمى إذا كان يسير بمظاهرة أخطأ فيها شخص آخر مثلا وضرب خرطوشا فسيتم فى هذه الحالة التوسع والقبض على الشخص المرتكب للفعل وآخرين معه لا علاقة لهم به، وفجأة يقبض عليه رغم أنه لم يقذف طوبة ولا خرطوش وإن لم يدفع الغرامة سيحبس بدل الغرامة، والغرامات فى مصر من لا يدفعها يذهب لمحكمة الجنح ويحبس 3 أشهر، فيحول القانون المواطن من متظاهر سلمى إلى مجرم بغياهب السجون فقط لأنه يريد وطنا حرا! ونبه إلى أنه فيما يخص آلية طلب تصريح أو إذن للتظاهر مفترض مثلا أن مسئول حزب يخطر الداخلية بمجموعة ستخرج لمطلب ما ضد بيع مصانع فيعلم عن مكانها، لكن ليس من حق الداخلية الاطلاع على أسماء المشاركين فيها لأنهم سيتخوفون من القبض على المنظمين لمنع التظاهرة. وأكد عضو مركز القاهرة للدراسات القانونية، أنه لا يجوز فض المظاهرة ولا يجوز أن تستخدم الدولة أى نوع من السلاح أو الهراوات أو غيرها لتفريق مظاهرة سلمية، وثورة يناير ثارت على نظام مبارك وأبناؤها يعلمون أن لديه نيرانا مسلحة ومع ذلك نجح المصريون فى تغييره، لذا يجب على أى نظام ألا يقمعها بأى شكل غير سلمى، فقط يجب على الداخلية القبض على الفرد المعين المستعمل للسلاح أو الذى يقطع الطريق أو يشعل الحريق وليس الباقين، والتعامل بشكل فردى مع المخطئ وليس بشكل جماعى للآخرين السلميين. وحول مسألة "حق الداخلية فى الدفاع الشرعى عن النفس واتخاذ ما تراه مناسبا فى حالة لجوء المشاركين لاستعمال الأسلحة حيث يتم التعامل معهم لرد الاعتداء بوسائل تتناسب مع رد الخطر"، شدد "حنفى" على أن التعامل يكون مع الشخص المسلح الفرد وليس لمن حوله ومحيطه أو يكون ذريعة لفض المظاهرة نفسها، بينما نجد بقانون التظاهر "إذا تواجد شخص مسلح فمن حق الداخلية إطلاق النار" ولم يحدد أنه فقط على حامل السلاح، مما يثير تساؤلا كيف سيطلق النار على واحد وسط مائة أو ألف آخرين، وهل ستطلق النار على المتظاهرين كلهم حتى لا تخرج الجماهير للتظاهر أصلا، وماذا لو اندس شخص مسلح بين المتظاهرين السلميين، فما طريقة التعامل وقتها، محذرا من أن تستغل هذه الثغرة لاستهداف ناشطين ونخب ثورية وثقافية أثناء التظاهر بعد اندساس مسلحين يعطون مبررا لاستعمال الأمن للسلاح وإطلاق النار العشوائى فيقتل من يقتل ويصاب من يصاب ثم يقال إنه كان بينهم مسلحون. وأشار إلى أن هذا القانون يحظر حق الاعتصام وهذا لا يجوز لأنه حق أساسى ولا يجوز فض المظاهرة إذا قررت الاعتصام، وللناس الحق فى الاعتصام المدة التى يرونها، ومصر خلعت مبارك بالاعتصام، فإذا بدأ التظاهر لتحقيق مطالب ولم تلبّ فمن حقهم الاعتصام لحين تحقيقها، فالمجتمع لديه وعى ومكتسب بأن المظاهرة حين لا تؤتى ثمارها تدعو لاعتصام لتحقيق مطالب قانونية وواقعية مثلما حدث أثناء ال18 يوما خلال ثورة يناير. العد التنازلى للانقلاب من جانبه يرى د. حسام عقل -رئيس المكتب السياسى لحزب البديل الحضارى- أنه بلا شك أن استصدار هذا القانون وبهذا العناد والتعجل الذى لا يلقى بالا لاحتقانات القوى الوطنية والسياسية بهذا الامتهان من شأنه أن يصدر لإدارة السلطة الانتقالية والانقلابية مزيدا من الأزمات المتجددة. وقال "عقل": "أكاد أقول إن فى رؤية بعض المحللين قد يعنى الإجهاز الكامل على أى رفض سلمى لسياسات المرحلة، وهو ما يعنى الوجه الآخر للعملة أى التعجيل بالحرب الأهلية، لأن من يراقب الأمور يثق أن نبض الرفض لسياسات النظام الانقلابى يتصاعد أفقيا ورأسيا، وأن مساحة الرافضين لما جرى فى 3 يوليو تتزايد بمتوالية عديدة والنظام لا يمانع أن تحدث عملية اغتيالات فى الشوارع، لكنه يمانع حدوث تظاهرات سلمية لأنها تعنى الطعن فى شرعيته". وحذر من أن شبح الحرب الأهلية يخيم بسبب القمع وسد جميع القنوات السلمية للتعبير، فهناك طرفان الشرطة والجيش وطرف آخر هو جموع الشعب، وفى ضوء هذا القانون من حق الشرطة والجيش أن يستخدما التسليح والرصاص الحى ضد متظاهرين سلميين، وبعد انسداد الأفق السياسى وانسداد كل سبل الاحتجاج السلمى قد يفرز القمع الكامل خروج البعض عن السلمية، مع تصاعد الشهداء والتضحيات. وأضاف رئيس المكتب السياسى لحزب البديل الحضارى، أن السياسات المتبعة بما فيها القانون سدت منابع التغيير السياسى مما يعجل بموجات ثورية تضيف لهدير الموجة الثورية موجة وتصاعدا زلزاليا غير مسبوق قريبا، ومع استصدار القانون بدأ العد التنازلى للانقلاب ودخل فى المراحل الحرجة، ونضيف للقانون مؤشرات أخرى تعبر عن رعب تعيشه سلطة الانقلاب منها الإطاحة بضاحى خلفان دون سبب واضح، واستعداد رئيس تركيا لزيارة روسيا للشأن المصرى، ومصالحة بين السعودية وقطر، وانشقاقات الأسرة المالكة بالسعودية حول الوضع المصرى، والانقلاب يفقد آخر أمتار يقف عليها فى ظل تغيرات إقليمية ودولية ومحلية، ومسألة قطع العلاقات مع تركيا أيضا تعد نوعا من أداء هستيرى وعدم اتزان واستصدار القانون رغم معارضة الجميع له عدم اتزان. ونبه إلى خطورة انعدام التغيير السياسى وموت العملية السياسية، ونتيجة ذلك المتوقعة هى الاحتراب الأهلى، وهذه المعادلة معروفة فى كل الأوطان والدول أن القمع الكامل المتمثل فى استصدار قانون التظاهر مع زيادة جرعات العنف من الشرطة سيؤدى بشريحة للخروج عن السلمية وإدخال البلاد فى نفق مظلم. وكشف "عقل" أن هذا القانون وتداعياته قد يكون آخر مسمار فى نعش السلطة الانقلابية، ويكشف أنها تواجه رعبا أمنيا بالداخل واعتداء على بعض الأماكن وانفلاتا أمنيا ومروريا وتداعى الاقتصاد وانهياره وانهيار أنظمة الدولة وعزلة بالخارج، لافتا إلى أنه بدلا من أن تفكر السلطة الانقلابية فى مصالحات بالداخل قد يؤدى لانفتاح ما لها خارجيا، نجدها تصدر قانونا مضحكا بالمعايير الدستورية، ولا يوجد أبلغ من عبارة د. إبراهيم درويش الفقيه الدستورى وهو من مؤيدى 3 يوليو وصف ما يحدث دستوريا وقانونيا بالمهزلة ولا علاقة لها بالدساتير الحديثة. وفيما يخص تصعيد العقوبات بالقانون قال "عقل" إنه يتضمن غرامات تصل ل200 ألف جنيه وسجن 7 سنوات! وهى عقوبة لا تطبق حتى على جريمة التهرب من التجنيد العسكرى وليس فيها هذه العقوبات، فهذه قوانين لم يصغها حقوقى أو خبير دستورى مصرى بل صيغ بأروقة الداخلية وبالأجهزة الأمنية. وحول مدى تأثير هذا القانون على الحراك الشعبى بالشارع أكد "عقل" أنه لن يؤثر عليه إطلاقا؛ فتجمعات الرافضين للانقلاب تم مواجهتها بالقتل وحرق الجثث وتنظيم البلطجية بعدد 400 ألف بالشوارع وكسح الجثث بالجرافات وزخات الرصاص الحى واستهداف الرؤوس والصدور، فلن يخيفها القانون، ومن غباء النظام الانقلابى استخدام قوة مميتة ومفرطة بشهادة منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، لذلك فالمتظاهرون لن يتراجعوا بنص قانونى يعد حلقة من حلقات حماقة السلطة ويعجل بسقوطها. وفيما يتعلق بمسألة تدرج الفض أشار رئيس المكتب السياسى لحزب البديل الحضارى، إلى أن السلطة الانقلابية لن تلتزم بأى قانون حتى بما تصدره هى نفسها ومثال ذلك فض اعتصامى رابعة والنهضة ادعت أنها ستتدرج بين تنبيه ثم مياه ثم ممرات آمنة، وثبت أن ذلك كذب حيث بدأ بالمجزرة باستهداف الرؤوس والصدور دون أى تدرج! شدد على أنه لا تأثير لهذا القانون على توجهات الكتلة الحرجة؛ لأنه لا يوجد أى تحسن ميدانى عملى على أى صعيد، بل تتفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية اليومية والبوتاجاز والسلع والبضائع، فقد دخلنا فى عشرة أضعاف الأزمة عنها فى وقت حكومة هشام قنديل، واستمرار تدهور الحال سيجعل القانون لن يوقف حالة الغضب الشعبى فى ظل سلطة انقلابية لم تتحرك لاستعادة السلم الأهلى ولا مصالحة ولا لحل سياسى ولا اقتصادى جعل مشهد مصر تحول لفاشية كاملة، وعجز حتى عن دفع رواتب العمال بدليل احتجاجاتهم، لذا فهذا القانون ميدانيا وسياسيا لا يساوى ثمن الحبر الذى كتب به. تقنين القمع أما شيماء بهاء الدين -الباحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية- فتقول إن سلطات الانقلاب أصرت على إصدار قانون التظاهر، رغم ما وجه له من انتقادات طوال الفترة الماضية، سواء من حيث التوقيت أو المضمون، فضلا عن صدوره من رئيس سلطات الانقلاب فى ظل غياب المؤسسات التشريعية المنتخبة من مجلس شعب وشورى، فقد تجاهلت سلطات الانقلاب حتى أصوات داعميها من الأطراف السياسية ممن طالبوا بالتمهل حتى إقرار دستور الانقلاب، انطلاقًا من أن الحق يوجد أولا ثم يُنظم من خلال القوانين. وأضافت "شيماء": لقد كان تبرير الانقلاب بأنه جاء لتأسيس ديمقراطية حقيقية بينما لم تأت سلطاته سوى بتقييد الحريات وحالة الطوارئ، وعليه، فإن سلطات الانقلاب لما وجدت نفسها فى حرج عالمى إزاء هذه الأوضاع كان من المهم تقنين القمع ضد المتظاهرين فى محاولة لتجميل الوجه بذريعة حفظ الأمن، وأيضا يأتى قانون التظاهر مع انتهاء حالة الطوارئ، وكأنه إعادة إنتاج لها فى إطار الوسائل المتاحة لسلطات الانقلاب. وتابعت: القانون فى صورته النهائية وحتى بعد ما وُجه له من انتقادات قبل إصداره جاء مليئا بالألغام على نحوٍ يحقق أهدافه الانقلابية، فنجد على سبيل المثال النص على أنه يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حالة حصول جهات الأمن -وقبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة- على معلومات جدية عن انصراف نية المنظمين أو المشاركين فيها إلى ارتكاب أى من المخالفات المنصوص عليها فى المادة السابعة من القانون أو أى جريمة أخرى- منع الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة، وللمتضرر اللجوء إلى قاضى الأمور الوقتية، ويصدر القاضى أمره مسببًا على وجه السرعة، وهنا يلاحظ غياب معايير ثابتة للحكم على "نوايا" المتظاهرين، أيضًا ماذا يعنى "على وجه السرعة"، فلماذا لا توجد مدة محددة للحكم؟ وقبل هذا وذاك، لماذا لا تلجأ الداخلية للقضاء على نمط مشروع قانون التظاهر الذى اقتُرح فى عهد الرئيس مرسى؟ وأشار إلى أنه أيضا اشتراط أن تكون مدة الإخطار السابقة على المظاهرة "أيام عمل" يؤدى إلى طول المدة بما قد يخل بالهدف من المظاهرة، كما يستثنى القانون عددا كبيرا من المنشآت من التظاهر أمامها، بل لدرجة تجعل الأماكن المتاح التظاهر أمامها أقل من الممنوع فيها التظاهر. ولفتت "شيماء" إلى أن المبالغة فى العقوبات والغرامات مثل النص على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين، وبالغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف الحظر المنصوص عليه فى المادة السابعة من القانون والخاصة بحظر -فى ممارسة الحق فى الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة- الاعتصام أو المبيت بأماكنها، أو الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذاؤهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البرى أو المائى أو الجوى أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أو تعريضها للخطر. وقالت: يلاحظ فى المادة السابعة ذاتها عدم التحديد، كما أنه من المتوقع أن أى تظاهرة ستؤدى إلى تعطيل ولو جزئى للحركة، هذا بخلاف ما وضعه القانون من قيود تحول دون الاعتصام إدراكا من الانقلابيين أن اعتصاما حقيقيا فى تلك اللحظة التى انتهكت فيها كافة حقوق المواطنين ليس فقط السياسية وإنما الاقتصادية أيضًا سيكشف زيف ادعاءاتهم بشأن تحقيق أهداف الثورة. وأضافت: إن رافضى الانقلاب قد انقسمت آراؤهم حول القانون إلى قسمين، كل منهما لا يعترف به ولكن على طريقته: أولهما الرفض التام وعدم الاعتراف بالقانون لصدوره من غير ذى صفة، والثانى كان أقرب إلى السخرية الهادفة إلى فضح عجز قوات الأمن عن تأمين حقيقى للمظاهرات، إذ قيل سنذهب بمظاهرة إلى الأقسام لنقدم طلبات للتظاهر"، مشيرة إلى هذا القانون فضح عددا غير قليل ممن ينادون بالحريات، حيث وافقوا على ما به من عوار قانونى وقيمى، حتى إن هناك من اعترف بأن القانون به مشكلات، ولكن سنقبله فى الوضع الحالى. ونبهت "شيماء" إلى أنه يبقى أن أخطر ما فى هذا القانون هو محاولة ترسيخ مفاهيم خاطئة لدى عموم الناس عن "دولة القانون" و"سيادة القانون" و"حماية الصالح العام" باعتبارها أمورا لا تتحقق سوى بالقتل والقمع مهما كان الثمن، بينما تموت مفاهيم "الإنسان" و"العدل" و"الحرية"!