بالأسماء.. حركة تغييرات واسعة ب«ديوان الإسكندرية» تشمل 10 قيادات بينهم 6 سيدات    محافظ القليوبية و«نائب وزير التعليم» يحضران طابور الصباح في أول يوم دراسي    أفلام معهد السينما في برنامج ندوات مهرجان الغردقة.. اليوم    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    طبيبة: مزاج الشخص يسوء بعد تناوله أطعمة معينة    مدير أمن البحر الأحمر يتفقد الحالة الأمنية والمرورية بالغردقة مع بدء العام الدراسي الجديد    رفع درجة الاستعداد بالموانئ بسبب ارتفاع الأمواج    اليوم، انعقاد الجمعية العمومية للمحاكم الإدارية العليا    25 مليون طالبًا وطالبة ينتظمون بجميع مدارس الجمهورية اليوم    "قصات الشعر الغريبة والبناطيل المقطعة"، التعليم تحذر الطلاب في ثاني أيام الدراسة    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    بالصور| أول يوم مدارس.. بين رهبة البداية وحماس اللقاء    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    موعد مباراة ميلان ضد إنتر في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    أحداث الحلقة 1 من مسلسل «تيتا زوزو».. إسعاد يونس تتعرض لحادث سير مُدبَّر    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة المصري البورسعيدي والهلال الليبي في الكونفدرالية    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    عبد العاطي يلتقي السكرتيرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة إسكوا    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    أسعار اللحوم والدواجن اليوم الأحد 22 سبتمبر    النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم يضر بالكل.. وطرح مليون وحدة مغلقة سيخفض الإيجارات    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    نيكول سابا ومصطفى حجاج يتألقان في حفلهما الجديد    قوته 6 درجات، زلزال يضرب منطقة سان لويس بالأرجنتين    صحيفة: هجمات ترامب على تايلور سويفت تثير قلق مستشاريه    والدها مغربي وأمها جزائرية.. من هي رشيدة داتي وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية؟    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    اليوم.. محاكمة 9 طلاب في قضية «ولاية الدلتا الإرهابية»    الإعلان عن نتيجة تنسيق جامعة الأزهر.. اليوم    قبل فتح باب حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الأوراق المطلوبة والشروط    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    لماذا ارتفعت أسعار البيض للضعف بعد انتهاء أزمة الأعلاف؟ رئيس الشعبة يجيب    كلاسيكو السعودية.. الهلال يضرب الاتحاد بثلاثية معتادة    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    سعر الذهب الآن في السودان وعيار 21 اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    أخبار × 24 ساعة.. طرح لحوم مجمدة ب195 جنيها للكيلو بالمجمعات الاستهلاكية    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري وموعد انطلاق الموسم الجديد    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوجة د. باسم عودة ل"الحرية والعدالة": ضحى بوقته وراحته وصحته حتى يسهم فى حل مشكلات البسطاء

كل يوم يثبت الانقلاب العسكرى الدموى فشله الكبير فى حل مشكلات المواطنين لتزداد معاناة البسطاء من أبناء هذا الوطن وتتفاقم فى ظل ارتفاع الأسعار واختفاء أنبوبة الغاز التى وصل سعرها فى بعض المناطق إلى 70 جنيها، وعاد رغيف الخبر إلى عهده القديم لا يؤكل، كما عادت أزمة الوقود والسولار لتطل برأسها من جديد، وفى هذه الأثناء أقدمت ميليشيات الانقلاب العسكرى على اختطاف واعتقال من كان يسعى لأن يعيش المواطن بكرامة، تأتيه خدماته واحتياجاته بعزة واحترام، ويظن الانقلاب أنه باختطاف دكتور باسم عودة -وزير التموين الشرعى- سوف يسرق الحلم من قلوب الناس؛ فطيلة ستة أشهر من توليه الوزارة عرف المصريون أن لهم حقوقًا وأن كرامتهم فى الحصول عليها ليست برفاهية بل حق أصيل، ولذا استحق هذا الوزير الشاب لقب "وزير الغلابة" عن جدارة.
فى حديثها ل"الحرية والعدالة"، أكدت د. حنان توفيق -زوجة د. باسم عودة وأم أولاده- أن اختيار الرئيس مرسى لزوجها لم يكن إلا بعد نشاطه وسعيه فى حل مشكلات الشعب من قبل، كما أشارت إلى أنهم كانوا يتحملون معه وعنه غيابه المتصل لثقتهم أنها تضحية مهمة يحتاجها الوطن من خيرة أبنائه.
وأضافت زوجة "وزير الغلابة" كيف أن الانقلاب قد عرض على زوجها البقاء فى منصبه ولكنه رفض حتى الرد على اتصالهم بمكتبه، كما حكت كيف أمضت هى كل تلك المدة منذ الانقلاب وحتى الآن، وكيف شاركت فى المسيرات المؤيدة للشرعية، ورأت بعينها الكثير من الاعتداءات والمذابح الوحشية من ميليشيات الانقلاب بحق الشعب المصرى الأبى... وإلى تفاصيل الحوار..
* بداية عرفينا بأسرة "وزير الغلابة"؟
حنان توفيق ثابت، بكالوريوس طب بيطرى دفعة 1992، دبلوم التحاليل الطبية، ولا أعمل لمراعاة البيت والأولاد، وقد تزوجنا من 16 عاما، ولدينا من الأبناء أربعة، بنتان وولدان، إيمان فى الصف الأول الإعدادى، وأحمد فى الصف الخامس الابتدائى، وإسلام فى الثانى الابتدائى، وشروق أولى حضانة.
* ما أهم مميزات الدكتور باسم التى هيئته للإنجاز السريع فى تلك المدة القصيرة؟
على المستوى الشخصى، فهو إنسان كريم، وعطوف للغاية، ودود واجتماعى بدرجة عالية؛ بحيث يحبه ويألفه كل من يتعامل معه، متفائل جدا وطموح لدرجة كبيرة، يعطى كل من حوله الأمل؛ يساعد الجميع على النجاح والقيام من كبواتهم، والتخطيط الجيد للأفضل. كما أنه بار جدا بوالديه وإخوته وخاصة والدته، ويحرص على صلة الرحم بمعناها الواسع، ومع أولاده عطوف جدا، حتى إنهم يعتبرونه هو الطرف الأحن والأطيب وليس أنا، فمنهجه هو اللين والتربية بالقدوة. وقد ورث الأولاد منه تفوقه وجميعهم من الأوائل بفضل الله.
هو شخص متفوق فى كل شىء، بداية من الثانوية العامة، ثم التحاقه بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وتخرجه فيها بتفوق، ومن ثم تعيينه معيدا فيها، كذلك فهو متقن فى عمله ومخلص فيه جدا، فلا يقوم بعمل ما بإهمال أو دون تركيز، ولا يقوم بمهامه من باب تأدية الواجب وانتهى الأمر، بل يتبع سنة النبى -صلى الله عليه وسلم- "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". وكل هذه الأمور يشهد بها الجميع وليس أنا فقط، وهى الميزات التى صحبته حتى توليه الوزارة.
ومن أهم صفاته أيضًا حبه الشديد لبلده وعدم رغبته فى الغربة مهما حدث، ولذا حرص على أن يبقى فى بلده فى كافة مراحل تعليمه وعمله، وفرصة السفر الوحيدة التى وافق عليها وقبِلها كانت إلى المملكة العربية السعودية، كمحاضر فى جامعة الملك سعود بالرياض، عام 2003، وذلك فقط من أجل إتمام فريضة الحج.
* ماذا كان موقفه إبان ثورة 25 يناير؟
فى الأيام الأولى لاندلاع الثورة كان فى سفر سريع للاتفاق على أجهزة طبية لمستشفى، وعاد فى يوم 28 يناير، وفى اليوم التالى ذهب لصلاة الجنازة على الشهيد "مصطفى الصاوى" -الذى ارتقى إثر إصابته أعلى كوبرى قصر النيل بالرصاص المطاطى بأكثر من 25 طلقة فى جسمه- ومن هناك ذهب إلى ميدان التحرير مباشرة، وظل هناك حتى أكرمنا الله تعالى بتنحى المخلوع مبارك، ولم يكن يأتى إلى المنزل سوى وقت قليل لأخذ ما يحتاج إليه أو الراحة لفترة قصيرة فى مطلع النهار؛ حيث لم تكن هناك أحداث مهمة تجرى حينها، وكنت من آن لآخر أذهب أنا إليه مع أحد أبنائنا وخاصة فى أيام المليونيات؛ رغم أنى لم أكن أتقابل معه إلا بصعوبة بالغة لشدة ازدحام الميدان، ولم أجلس معه فى الميدان إلا بعد علمى بإصابته فى يوم موقعة الجمل، وفى هذا اليوم علمت بما يحدث من التليفزيون وطلب منى بعض من حولى الاتصال به ليعود إلى المنزل، فرفضت بالطبع، كما أنى كنت على يقين أنى حتى لو طلبت منه لن يفعل، ثم فوجئت به وقد أصيب بحجر فى رأسه أدى إلى جرح فى الجبهة استدعى 12 غرزة.
* ما نشاطاته وأعماله بعد الثورة وقبل توليه مسئولية وزارة التموين؟
بدأت مع ثورة يناير فكرة اللجان الشعبية، لتأمين المنازل والمحال، ضد اللصوص والبلطجية، ولكن الدكتور باسم طورها بعد ذلك بحيث جعلها خدمية وليست أمنية فقط، والتفت حينها إلى أهم قضيتين تواجه الناس خاصة البسطاء منهم -رغيف الخبز، وأنبوبة البوتاجاز- فقد اتفق مع أصدقاء له على أن يجمعوا أصحاب المخابز يوم الجمعة فى لقاءات لمناقشة مشكلات الناس، والتى كانت تتلخص فى الجودة والكمية، بحيث يصلوا إلى حلول وسط وتفاهمات تقريبية بشكل ودى. وكذلك بدأ يتصل بمستودعات الأنابيب ليجلب بين يوم وآخر عربة مليئة بالأنابيب للحى ثمن الواحدة منها خمسة جنيهات، وبذلك يوفر على الناس ليس فقط فروق السعر، ولكن أيضا وقفتهم الطويلة فى الطوابير التى لا تنتهى، وهو بذلك كان يعرض نفسه للمخاطر؛ حيث كانت عربة الأنابيب معرضة للسطو عليها من قبل "بلطجية" أو من قبل المنتفعين من بقاء السعر مرتفعا. ومن بين المواقف معركة حامية بال"المطاوى" فى المنطقة لرغبة البعض فى الاستيلاء على العربة ليبيعوها هم للناس، وفى إحدى تلك المعارك ألقى أحدهم الأنبوبة على قدم الدكتور باسم وظلّ يعانى من أثر ذلك لفترة.
ثم قام بتطوير تلك الفكرة وبدأ فى توسيع دائرتها على مستوى محافظة الجيزة كلها، وهذا كله جعلهم يكتشفون كم الفساد الذى كان مخيما على من بيدهم تلك الأمور الغاية فى الحساسية والأهمية للبسطاء، فمثلا اكتشفوا أن أصحاب المستودعات لم يكونوا ليحصلوا على تصاريح فتحها أو العمل بها إلا لعلاقتهم بالحزب الوطنى المنحل وهكذا فى دائرة متصلة من الفساد المستشرى.
وتلك الأنشطة جعلته مع غيره يفكرون فى تأسيس "ائتلاف اللجان الشعبية بالجيزة"، وبعد إجراء أول انتخابات لهذا الائتلاف تم اختيار الدكتور باسم ليكون مسئولا عنه، وبالمناسبة هنا أنه كان يرفض أن يقوم بكل هذه الأعمال من داخل حزب الحرية والعدالة بعد تأسيسه رغم أنه كان مسئول ملف التنمية فيه، ولكنه كان يرى أن يفتح أبوابا للتواصل والعمل مع كافة الأطياف والتى قد تبعدها الانتماءات الحزبية، فى حين أنه كان ينظر إلى أن القضية ملك للجميع ولا بد من التكاتف لحل مشكلات بلادنا. ومن ناحيته هو فقد بدأ يشعر بالمسئولية الشديدة عن الجيزة كلها، حتى إنه كان يهتم بنفسه بملف النظافة، وكان يعتبر أن أى حملة نظافة من التى كانت تقام كثيرا فى تلك الأثناء، كان يرى أنه مسئولا عن المشاركة فيها، حتى وإن كانت فى أى مركز بعيد من مراكز الجيزة كلها. و فى رمضان قبل الماضى -وكل ذلك قبل توليه الوزارة- كان يجلس فى المحافظة للتحضير لحملة النظافة كل يوم تقريبا من بعد العشاء وحتى السحور.
وبعدها تم ترشيح د. باسم لمسئولية ملف الغاز -ضمن الخمسة ملفات التى وعد بها الرئيس الدكتور محمد مرسى- وذلك نظرا لنشاطه السابق، وبدأ ينتقل بأنشطته من محافظة الجيزة إلى الجمهورية كلها، وبدأ ينتقل من محافظة لأخرى لمتابعة حل مشكلات الأنابيب، وأتذكر مرة ذهب إلى المنيا لحل الأزمة هناك؛ حيث كان سعر الأنبوبة قد وصل إلى مائة جنيه، وقبل عودته نجح فى توفير الأنابيب هناك بسعر الواحدة 7 جنيهات فقط.
وكل ذلك إنما يثبت أنه لم يصبح وزيرا بشكل مفاجئ، ولكن تم ذلك بالتدريج، وتبعا لنشاطه وللمهام التى كان يضطلع بها. وهذا يدحض كل زعم بأن الرئيس مرسى كان يختار أعضاء حزبه أو جماعته، فعلى العكس تماما فقد اختار الدكتور باسم لكفاءته ونشاطه وإطراء الناس عليه.
* برأيك لماذا استطاع فى فترة وجيزة أن يترك كل تلك البصمة، وما كان تأثير ذلك على حياتكم الأسرية؟
يتميز باسم بأنه يجمع الإرادة مع التخطيط والتنفيذ، فغياب عنصر من هؤلاء كفيل بتضييع أى عمل، كذلك كان لديه إحساس شديد بالمسئولية، وكان يستعين بالله تعالى عليها، ويوقن أن اختياره سبحانه وتعالى له لا بد أن يكون لحكمة، ولا بد من تأدية حق ذلك الاختيار.
ورغم أنى بالطبع كنت قلقة جدا من هذا التكليف لأنه سيضاعف أعباءه وسيحرمنا منه لفترات أطول، خاصة أنه كان مشغولا ولا نراه إلا قليلا، حتى إنه أبلغنى خبر تكليفه بالوزارة فى الهاتف ولم يكن لديه وقت للمجئ إلى البيت. وتأثير الأمر كان فى الأخذ من صحته ووقته هو أولا؛ فمثلا وهو أستاذ جامعى فقط كان يختار أن يكون جدول محاضراته فى وقت متأخر قليلا ليس قبل الحادية عشر صباحا، حتى يستطيع أن يسهر لإنهاء بعض الأعمال ليلا، ولكن بعد أن تولى الوزارة كان يخرج فى السابعة صباحا كل يوم، ويظل بالخارج حتى الحادية أو الثانية عشرة من منتصف الليل، ورغم أنى كنت ألح عليه أن يأتى ولو لنصف ساعة فقط لتناول الغداء معنا ولكى يرى الأولاد، فكانت إجابته الدائمة لى: "وهل هناك وزير يستريح!!"، فقد كان يلومنى ويعاتبنى لمجرد أن أذكر له كلمة الراحة. وبالنسبة للأولاد فقد جاء الأمر لهم بالتدريج، ولم يبعد عنهم فجأة فمنذ ثورة يناير وحياته انشغال دائم، ولكن بعد الوزارة لم يعد الأولاد يرونه تقريبا، فقد كان يأتى بعد نومهم، وأحيانا فى الصباح يقابلهم فى مدخل البيت عند عودته من صلاة الفجر. ولذا فخروجه معنا انتهى تقريبا، وانتهت معه أية زيارات أو لقاءات أسرية أو عائلية، ومن قبل ذلك وفى أثناء توليه ملف الغاز، كان يذهب معنا فى لقاءات أسرية نادرة، لرؤية إخوته أو والدته، ولكنه كان يرضى ضميره فقط بالجلوس إلى أمه ورؤيتها حتى وإن لم يجد الفرصة للحديث إليها. وهذا بالضبط ما كان يحدث معى شخصيا، فلم أكن أبدأ معه الحديث فى أى شىء وينتهى أبدا، ولذا فقد بدأت الاعتماد على نفسى وأخذ قرارات أسرتنا بمفردى، رغم أن ذلك لم يكن من عادتنا، بل كنا نتشارك فى أى أمر، فضلا عن تحمله النصيب الأكبر عند التنفيذ، ولكن منذ ملف الغاز تقريبا وقد بدأ يترك لى تلك المهام الأسرية جميعها.
وهذا بالطبع ليس من قبيل الشكوى منه، ولكن ليعلم الجميع حقيقة الرجل الذى اختطفه الانقلاب العسكرى وغيبه فى السجون، وهو الذى ضحى بوقته وبراحته حتى يسهم فى حل مشكلات المواطنين البسطاء، فيكفى أنه لم يكن يأكل وجبة واحدة مع أولاده، ومن المؤكد أنه كان يفتقدهم كما كانوا يفتقدونه.
* هل حكى لك عن صعوبات معينة كانت تواجهه فى الوزارة؟
الحقيقة لم يكن لديه وقت ليحكى لى عن شىء، بل كنت أتابعه فى الإعلام مثلى مثل غيرى، فالساعة التى كان يأتيها ليلا قبيل النوم، كان يتناول فيها طعامه وفى الوقت نفسه يتابع العمل بالهاتف. ومع ذلك لم أكن متضررة على الإطلاق، بل كنت سعيدة وفخورة به، لأنه يؤدى خدمة لبلده.
وأتذكر أنه تعرض للكثير من المخاطر وليس فقط لصعوبات، خاصة فى أثناء مروره للتفتيش على محطات البنزين، والتى كان بعضها يخفى البنزين ويدعى عدم وجوده، وفى إحدى المرات همّوا بالتعدى عليه، وكذلك حدث الأمر نفسه فى مخبز للعيش؛ حيث اكتشف مخالفات هناك ودوّنها فى محاضر رسمية، وقد هاج عليه أصحاب المخبز بال"مطاوى" فضلا عن الشتائم والألفاظ النابية. وتدخل هناك الحرس وأدخلوه فى مكان آخر، هذا بخلاف الحملات الإعلامية والادعاءات الكاذبة التى كان يشنها عليه أصحاب المصالح، ولكننا دائما كنا على يقين أن محاربة الفساد ليست سهلة، وأن الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.
* هل صحيح أن الدكتور باسم لم يكن يقبل الحوافز أو أى شىء آخر بخلاف راتبه؟
نعم، كان لا يقبل أى مكافآت أو حوافز فوق راتبه، وحين وجد أن له مبلغا كبيرا يأتى للوزير كمكافأة فى مطلع كل عام، وضع هذا المبلغ فى الوزارة، ولم يأخذ منه مليما واحدا، وكان دائما يقول إنه لو كان يستطيع أن يترك راتبه أيضا لفعل، ولكنه كان مضطرا لأخذه بعد إجازته من عمله الجامعى دون راتب، ومن ثم كان لا بد لنا من دخل بديل. كذلك لم يكن يقبل أن ننتفع بعربة الوزارة تماما، وكان يرفض أن تأتى لنا فى أى أمر شخصى، رغم أنه من المتعارف عليه أن لكل وزير عربة له وأخرى لأسرته، ولكنه كان يرفض ذلك بشدة.
* ما الشىء الذى أبكى الدكتور باسم بعد توليه الوزارة أو أثّر فيه بشدة؟
بداية أبكاه فى ثورة يناير فيديو السيدة البسيطة التى كانت تسير وتوزع "قرص مخبوزة" على مجندى الجيش، وتقول لهم: "ما تضربوش اخواتكوا، اوعوا تضربوهم"، فقد أبكته تلك الكلمات حينها. وبعد الوزارة فقد أثرت فيه سيدة بسيطة جاءت تشكو له فى إحدى جولاته على المخابز فقالت: "يا بنى صاحب المخبز بيتأمّر عليا علشان بجنيه عيش". آلمته تلك الكلمات بشدة، وقال لها: "معلش يا ماما بكره هو اللى حايتحايل عليكى علشان تاخدى منه العيش". فقد كانت منظومته التطويرية أن يكون الدعم على الرغيف وليس على الدقيق، ومن ثم يتبارى أصحاب المخابز فى البيع، فتحدث منافسة بينهم لمن يجيد صناعة الرغيف حجما وشكلا.
* هل تلمسين الآن أثر ما كان يفعله الدكتور باسم فى البسطاء من الناس؟
بالطبع ألمس ذلك وبقوة، فحتى الآن يأتينى من يدعو له من البسطاء الواقفين على طوابير الخبز الطويلة التى عادت بعد الانقلاب، فقد شعروا بالفارق سريعا، وهذا الدعاء هو من أكثر ما يربط على قلبى الآن ويطمئنى عليه.
* ماذا فعلتم بعد الانقلاب؟
مثلنا مثل الجماهير المؤيدة للشرعية؛ بدأنا النزول فى ميادين الاعتصام، وفى البداية كان د. باسم ينزل معنا بميدان النهضة، ثم انتقل إلى ميدان رابعة وحده، وبقينا نحن -أنا والأبناء- نذهب للنهضة، ومن يومها تقريبا وقد كنا فى الثلث الأول من رمضان، لم نره إلا لمرات قليلة ولأوقات معدودة، حتى الآن، والحقيقة أن وجود الناس مجتمعين فى الميادين كان به نوع من المساندة والدعم لبعضنا البعض، وقد كان هذا بالفعل ما يفعله د. باسم هناك، فقد كانت الناس تفرح للقائه وتستبشر وتأمل حينما تراه بينها، وكان ذلك سببا فى عداء الانقلابيين وحنقهم أكثر عليه. وقد تعرض للموت بشكل مباشر فى إحدى المسيرات المؤيدة للشرعية بالجيزة وفى منطقة شارع البحر الأعظم فى رمضان بعد صلاة التراويح؛ حيث خرج عليهم "البلطجية" وميليشيات الانقلاب بزى مدنى تطلق على المشاركين السلميين النار من كل جانب، وقد كان الرصاص يندفع بالقرب الشديد منه، ولكن الله تعالى كتب له النجاة.
* هل صحيح أن الانقلاب عرض على الدكتور باسم الاستمرار فى الوزارة؟
نعم، فى اليوم التالى للانقلاب مباشرة، اتصلت به الوزارة وأبلغته بأن المسيطرين على مجلس الوزراء يومها، اتصلوا بهم وأخبروهم برغبتهم فى بقاء الدكتور باسم فى موقعه، ولكن من جانبه رفض ذلك العرض بشدة، ولم يعره أى اهتمام، حتى إنه لم يجب عليهم من الأساس.
* وأين كنتم يوم الفض؟
بالنسبة له هو، كان فى ميدان رابعة، وحتى تلك اللحظة لا أعلم ماذا جرى له يومها، وكيف أنجاه الله تعالى، وبالنسبة لى والأبناء كنت ليلتها فى مسيرة مؤيدة للشرعية بمنطقة فيصل ووصلنا إلى ميدان النهضة الذى كنا ندخله وكأنه بيتنا الذى نشعر فيه بالأمان ثم تركت الميدان ليلا، وذهب للمبيت فى المنزل، وفى الصباح استيقظنا كغيرنا على الفاجعة، فاتجهت على الفور مع كثيرين إلى ميدان مصطفى محمود، وهناك كانت مجزرة أخرى تحدث، وكان ضرب النار حولى من كل جانب ولا أعرف من أين قد يأتينى بالضبط، ولأنى كنت على تخوم الميدان؛ لعدم تمكنى من الدخول نظرا لإغلاقه التام من قبل قوات الانقلاب، ومع ذلك فقد نصحنا البعض بالتحصن بإحدى العمارات المرتفعة فى المنطقة، ولكن وبعد قليل، سقط أمامنا شخص جاءته ضربة فى ظهره، وكان جسمه ينزف ولا يستطيع الوقوف، وهذا الشخص هو الذى أخبرنا أن القناصة موجودون فى أعلى تلك العمارة، ولا أعرف ماذا حدث لهذا الشخص بعدها.
* منذ ذلك الوقت هل حدث فى العائلة أمر مهم كان يستتبع وجود الدكتور باسم بينكم ولكنه لم يستطع؟
بالطبع، من هذه الأحداث رُزق أخيه بطفل، وكان يريد تسميته "باسم"، ثم تراجع وقال لدينا "باسم" واحد فقط، ومما أثر فينا بشدة، دخول "شروق" ابنتنا الصغرى المدرسة فى ظل غياب أبيها، فمن عادتنا الاحتفال بالأطفال فى أول يوم للدراسة، وهذا ما فعلناه مع الأبناء الثلاثة، خاصة أن لهذا اليوم بهجته فى كافة البيوت، ولكن مرّ علينا اليوم مؤلما لعدم وجوده بيننا، خاصة أن تلك الابنة بالذات لها معنا قصة، فقد رزقنا الله تعالى بها بعد انتخابات 2010 المزورة، وكان الوضع فى البلاد حالكا، ولذا فقد أسماها أباها "شروق" لتصبح "شروق باسم" ليصنع منها أملا جديدا فى الحياة كلها، ولذا فهى الآن تبدى بعض التأثر لغياب أبيها وأحيانا تستيقظ ليلا لتنادى "بابا. بابا"... أما بقية الأبناء فبفضل الله لهم نصيب كبير من الثبات والتجلد، بل إجادة الرد على من يثير حنقهم من زملائهم فى المدرسة، وقد وفرّ على د. باسم فى ذلك الكثير؛ حيث جلس معهم من قبل فى أثناء الأحداث ليؤهلهم نفسيا لأمر كهذا، ويؤكد لهم أن اختطافه لن يكون إلا لعمله فى سبيل الخير والحق، ولذا فرغم حزنهم وتأثرهم لغيابه، إلا أنهم أبطال فى الثبات بحق. وهذا لم يمنعهم من البكاء عند علمهم بنبأ اختطافه واعتقاله. خاصة أن اليوم التالى كان لديهم اختبارات "نصف التيرم" بالمدرسة، وبالطبع كان من الصعب علينا جميعا هل نذاكر أم نتصبر أم نتابع الأحداث، أم نرد على الهاتف الذى لا يكف!
* كانت هناك من فترة شائعة بوفاة والدته؟
نفينا هذه الشائعة بعدها مباشرة، فوالدته بصحة جيدة والحمد لله فيما عدا بعض أمراض السن العادية، وقد يكون الانقلاب قد روّج لتلك الشائعة حينها، حتى يثير قلق د. بسام، فيضطر للسؤال عن والدته فيقومون باختطافه حينها. ولذا فقد قاموا بالتفتيش والبحث عنه ليس فى منزلنا فقط، بل عند والديه فى قرية الشهداء بالمنوفية، وحينها قاموا بسرقة أموال لأخيه لا أعلم كم كانت بالضبط، وكذلك سرقوا ذهبا لأخته.
* هل ما زلت تشاركين فى مظاهرات التأييد للشرعية حتى الآن؟
نعم بالطبع، أشارك وسأظل، ومن أصعب المواقف التى واجهتها كانت يوم 6 أكتوبر الماضى؛ حيث كنت وابنتى بمنطقة الدقى، وقد رأينا بأعيننا شخصا قُنص فى قلبه أمامنا، وكذلك رأينا الشهيد الذى قُنص بطريقة وآلية أخرجت مخه تماما خارج جسده، هذا بخلاف الإصابات الأخرى العديدة، فقد كانت مجزرة بمعنى الكلمة.
* هل استطعت أن تزورى د. باسم بعد اختطاف ميليشيات الانقلاب له؟
حتى الآن لا، ولكن ذهب إليه المحامى، وطمأننا عليه، وأخبرنا أن معنوياته مرتفعة، وحمل لنا منه السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.