- أمريكا تسعى لدعم الإسلام "العلماني" بقوة - الإسراع في هدم الأنفاق يكشف التنسيق الكامل مع "إسرائيل" لمحاصرة حماس فندت الدكتور نادية مصطفي-أستاذ العلوم السياسية- الاتهامات التي يروجها الانقلاب وأعوانه بشأن تعامل مزعوم بين جماعة الإخوان والخارج خاصة الأمريكي، وهو ما يتسبب حتي الآن في عدم الاعتراف الدولي بالنظام الحالي-الانقلابي- في مصر. حيث خلصت-في دراسة لها- إلي كذب هذا الادعاء، واحتواءه علي ما يهدمه من أساسه ويلقي بذات الاتهام علي الانقلابيين أنفسهم. وقالت الدكتورة –نادية- في دراستها التي جاءت تحت عنوان:" القوي الغربية والانقلاب وثنائية المباديء والمصالح" والتي نشرها مركز الحضارة للدراسات السياسية عبر موقعه الإلكتروني- أنه: "ومنذ تولي د.مرسي الرئاسة ولم تنقطع المزايدة عليه بأنه لم يغيّر سياسية مصر الخارجية تجاه الغرب و"إسرائيل"، بل تردد الزعم بأن الولاياتالمتحدة ساندت انتخابه. ومع الانقلاب اتسمت هذه المقولة بالفجاجة، وازداد توظيفها إعلاميا وبصورة ممنهجة، خاصة مع توالي الإدانات الغربية الرسمية والإعلامية والمدنية لأسلوب فض اعتصامي النهضة ورابعة ولقمع وتقييد الحريات. ولقد شهد الأسبوع الأول بعد الأربعاء الدامي في 14 أغسطس تلازم تكرار هذه المقولة إعلاميا مع الحملة الرسمية المتجهة للخارج لمواجهة النقد والإدانة للقمع وحالة الطوارئ". وبتحليلها لهذا الافتراض ذكرت د.نادية أن: "هذه المقولة تحمل في طياتها بذور تهافتها، و أن هناك فجوة بينها وبين توجه السياسية الخارجية المصرية الانقلابية كما تعكسه خطابات السلطة الانقلابية (الخارجية المصرية، رئيس الوزراء، الفريق السيسي)؛ حيث لا تقدم جديدا بالنسبة لاستقلال السياسة الخارجية المأمولة، عن الغرب وعن" إسرائيل"، كما أن مواقف القوي الخارجية لا تعكس هجوما على الانقلاب أو تحركا ضده، كما لا تقدم مساندة للإخوان، بل هي مواقف تدير إشكالية العلاقة بين المصالح/والمبادئ بصعوبة؛ نظرا لعدم تمكن الانقلاب -حتى الآن- واستمرار مقاومته". كما أشارت إلي أن جزءا من إشاعة تلك المقولة هو الإعلام بضيوفه ذوي التوجهات المحددة الليبرايلة والعلمانية، ومن يدعمهم من الإعلاميين من ذوي نفس التوجه، خاصة من وصل منهم إلي السلطة فوق دبابات العسكر. وأوضحت أن الفكرة تعتمد علي استثمار الوجدان الشعبي الرافض للغرب والناظر له دائما باعتباره صاحب التاريخ الاستعماري في بلاده، والتأكيد علي أن هذا الغرب لصيق الصلة بقوي الإرهاب الداخلية، والتي يمثلها هنا "الإخوان" بحسب هذا الزعم. وبذكر التاريخ السياسي للقضية أوضحت الدراسة:أن التقارير العالمية تشير إلي أن "الإسلام المعتدل" والذي تسعي أمريكيا لدعمه ليس هو"الإخوان المسلمين"-كما يدعي الآن عتاة الناصريين القدامي- وإنما يقصد به ما يسمي ب"الإسلام العلماني"، والذي يقتصر علي الحياة الخاصة والسلوكيات الفردية دون ما عداه من دعائم شريعة الإسلام والثقافة الإسلامية والنموذج الحضاري الإسلامي العمراني والجهادي. ووضعت د.نادية العديد من الأسئلة الاستنكارية التي تؤيد كذب تلك المقولة، والتي من بينها: كيف نصدق تقارب "أمريكي-إخواني-إسرائيلي" و"إسرائيل" لا تقبل كل من الراديكاليين أو المعتدلين الإسلاميين على حد سواء؟ وكان مبارك بالنسبة لها كنزا استراتيجيا، وما زالت "إسرائيل" تعلن تأييدها للانقلاب وحرصها علي استقرار مصر والجيش المصري! بل وتبذل جهودا لدى أوروبا والولاياتالمتحدة لتخفيف حدة إدانة دموية الانقلاب وعدم فرض عقوبات أو قطع المعونات عن مصر؟وكيف يتم اتهام مرسي بالتخابر مع حماس، وفي نفس الوقت اتهام الإخوان بالتآمر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، و"إسرائيل" أعداء حماس؟ وكيف يتم شيطنة حماس وشيطنة السفيرة الأمريكية آن باترسون في نفس الوقت؟. ومن جانبها أضافت د.نادية مؤكدة أن موقف د.مرسي والإخوان -ولاعتبارات داخلية بالأساس- اتسم بعدم الصدام المباشر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية و"إسرائيل" منذ البداية، ولهذا تعرضوا لمزايدة و انتقاد المعارضين، في حين أن ذلك الموقف بحسب الدراسة- ليس تآمرا ولكنه للاستعداد الداخلي أولا وبناء عناصر القوة اللازمة، دون اندفاع في معارك وطنية زائفة، لا تملك من أوراق الاستقلال إلا الخطابات والشعارات. وقالت د. نادية أن : اتهام الإخوان بالعمالة هو الوجه الثاني لتصفية وشيطنة الإخوان، أما الوجه الأول فهو اتهامهم بالإرهاب والعنف وبذل كل الجهد الإعلامي لإثبات التهمة وترسيخها في أذهان العوام. الانقلاب والخارج وفي السياق نفسه حاولت د.نادية كشف حقيقة العلاقة الرسمية لسلطات الانقلاب في مصر مع هذا الخارج الذي تتهم الإخوان بالعمالة له، فذكرت أنه ورغم أن الانقلاب في خطاباته أخذ يؤكد رفضه للتدخل الخارجي في شئون البلاد وتأكيده علي المؤامرات الخارجية التي تحاك بها، في حين أنه وعلي وجهه الآخر، اجتهد في إيجاد الظهير الشعبي والإعلامي والديني بل والإقليمي الذي يساعده في تجميل وجهه بالخارج خاصة مع استمرار عدم الاعتراف بأن ما حدث ثورة شعبية وكذلك الإدانة للمجازر التي حدثت خاصة مجازر الفض. أردفت: أنه يجب تسجيل التناقض الواضح بين محتوى الحملة الإعلامية ضد المؤامرة الإخوانية مع "إسرائيل" والولاياتالمتحدةالأمريكية-كما هو الزعم- وبين توجه السياسة المصرية بعد الانقلاب تجاه القضية الفلسطينية والعلاقة مع "إسرائيل"؛ حيث إن الإسارع في هدم الانفاق والذي وصل إلى هدم منازل الفلسطينيين في رفح المصرية 1سبتمبر 2013، يبين درجة التنسيق مع "إسرائيل" لإحكام الحصار من جديد على حماس؛ حيث أن "إسرائيل" تشرع في نفس العمل على الجانب الآخر، ويهدف الطرفان المصري و"الإسرائيلي" إلى إنشاء منطقة عازلة على الجانب الحدود تحيي ما كان قد بدأ تنفيذه في نهاية عصر مبارك. وكشفت الدراسة عن وجود فجوة هائلة بين حملة تشويه الإخوان بحجة تآمرها مع الخارج وبين الموقف الرسمي للانقلاب والذي لم يتعامل مع هذا الخارج الذي يتهمه بأي شدة بل علي العكس :"وبدلا من تكشير الأنياب لأمريكا و"إسرائيل" –كما يحدث تجاه تركيا وقطر- لا نجد إلا مزيدا من التنسيق مع" إسرائيل" وأمريكا حول أمن سيناء من ناحية، ومحاولة مستميتة من ناحية أخرى لتحسين صورة الانقلابيين لدى "الغرب"، وذلك بمساندة وفود الدبلوماسية الشعبية. والتي بادرت وبسرعة نحو الغرب وبقيادة من يسموا أنفسهم الليبراليين وأصحاب المصالح الرأسمالية العالمية الذين يرتبطون بالغرب روحا وجسدا بروابط متعددة ابتداء من اتخاذ "الغرب" نموذجا للاحتذاء أو مرجعية لقياس صلاحية غيرها من المرجعيات وصولا إلى شبكة مصالح اقتصادية ومالية ممتدة. المواقف الغربية من المجازر وفي سياق الدراسة نفسها وفي الجزء الذي أعده الباحث-أمجد جبريل- تحت عنوان- المواقف الرسمية الغربية من المشهد المصري بعد مذبحتي رابعة والنهضة- قال-جبريل- أن إدانة الدول لما حدث في مصر من مجازر لا يجب تفسيره آليا بأنه اعتراض على الانقلاب في حد ذاته، أو تغير جذري في موقف هذه الدولة أو تلك، وإنما هي إدانة جزئية متعلقة بسلوك السلطات في فض الاعتصامين، مما يرجح مقولة أن أغلب الدول الغربية تؤيد "انقلابا نظيفا" بأقل قدر من الانتهاكات، وليس عبر سفك الدماء أو الاستخدام المفرط للقوة. فرغم أنه كان واضحا أن ثمة قرارا رسميا قد اتخذ بفض الاعتصامين استنادا إلى مسارعة الرئاسة المصرية بالإعلان عن فشل جهود الوساطة الأجنبية في الأزمة، فإن دور القوى الغربية لم يتجاوز التحذير من مثل هذه الخطوة نظرا لأضرارها على مصر. وأضاف-جبريل- أنه باستثناء تأجيل واشنطن تسليم طائرات إف- 16 لمصر، وتصريحات عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي "جون ماكين" و "لينزي غراهام" أثناء زيارتهما لمصر، يلاحظ أن القوى الغربية لم تلجأ إلى استخدام أوراق الضغط المتاحة لديها لمنع مذبحة رابعة قبل وقوعها، وليس إدانة العنف بعد فوات الأوان وسقوط مئات التقلى و آلاف الجرحى. بل ويلاحظ أن المواقف الأوروبية عبرت عن الانقسامات الأوروبية المعتادة، ولم تتخذ إلا بعد بيان الرئيس أوباما منتصف أغسطس فغاب عنها عنصرا المبادرة والفعالية، وكشفت عن العيوب التقليدية في السياسات الأوروبية، ومنها تفضيل الانتظار لرؤية مآلات الأمور قبل اتخاذ موقف، والتوجس المستمر من حكم الإخوان في بعض دول المنطقة، والاستمرار في دعم النظم السلطوية الصديقة في الدول العربية على حساب دعم الديمقراطية أو حقوق الإنسان. وأردفت الدراسة: أن تفسير هذا المسلك الأوروبي –الأمريكي يؤيد بالفعل-رغبتهم- في إزاحة تيار الإخوان المسلمين عن مركز القرار على الصعيدين المصري والإقليمي، لكن دون عنف كبير، مع حرص على بقاء الإسلاميين في إطار تجميل المشهد أو الديكور ليس إلا. وأشار–جبريل- كذلك إلي دخول المحور "الإسرائيلي"-السعودي وتأثيره في نطاق الأزمة المصرية، حيث أبدي تعجبه من تلاقي المصلحتين فقال:" أنه ورغم غرابة أن تتوافق السياستان السعودية و"الإسرائيلية" على الموقف من الانقلاب في مصر، لكن تفسير ذلك قد يكمن في أن كلتا الدولتين تجد لها مصلحة في إقصاء تيار الإخوان المسلمين من المشهد المصري، كل لأسبابه الخاصة. واختتم –جبريل- بتأكيده علي أن الجدل حول قدرة الولاياتالمتحدة على التأثير في المشهد المصري بعد مذبحتي رابعة والنهضة لا يزال مستمرا، خصوصا حول جدوى استخدام أدوات عقابية ضد مصر في هذا السياق. بيد أن الاتجاه الغالب على التقييمات الاستراتيجية والعسكرية الأمريكية ينصحهم باستمرار دعم الجيش المصري.