بعد طول انتظار وتأجيل ومشكلات وأزمات الدواء في مصر ، بدأت لجنة الشئون الصحية بمجلس نواب الانقلاب، مناقشة قانون التنظيم المؤسسي لجهات الدواء والمستحضرات والمستلزمات والأجهزة الطبية، المعروف إعلاميا باسم الهيئة العليا للدواء. من جهتها، تحفظت نقابة الصيادلة، على عدد من المواد بمشروع القانون، خصوصا ما يتعلق باختصاصات هيئات الدواء الثلاثة المسئولة عن إدارة الدواء. وتفاقمت مشكلات وأزمات الدواء بعد تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016، والذي تسبب في ارتفاع تكلفة إنتاج الادوية بشكل غير مسبوق، ومن حينها تضغط شركات الأدوية حتى يجرى تحريك أسعار الدواء. وبالإضافة إلى مشكلة الغلاء، تعاني مصر من نقص في عدد كبير من الأدوية الأساسية مثل: الإنسولين، وأدوية الضغط والسكر، وألبان الأطفال. وكشف مسئولون في شعبة الدواء بالغرفة التجارية، أن نواقص الأدوية تخطت ال1500 صنف، من بينها أكثر من 500 صنف ليس له بديل. ويعدُّ الدواء احد السلع الاستراتيجية التى لا يستغنى عنها مجتمع او دولة . لان الدواء هو الشق الثانى فى المنظومة العلاجية بعد التشخيص او الجراحة، واستقرار سوق الدواء مرهون بقدرة الدولة على توفير الدواء للمريض فى الوقت والمكان المناسبين , وعدم قدرة او التقصير فى ذلك يسبب ازمات عديدة داخل المنظومة الصحية وداخل المجتمع ككل. أزمات دوائية وتعاني مصر بشكل شبه مستمر من ازمات دوائية متتالية ناتجة عن نقص أو اختفاء بعض الادوية الضرورية او الاساسية من السوق، وهذا يعدّ انعكاس طبيعى لحالة انعدام الرؤية وعشوائية التخطيط فى السياسات الدوائية المصرية خصوصا فى عهد الانقلاب العسكري..كما تفاقمت الازمة مع سيطرة رجال الاعمال على وزارة الصحة. وفي كل أزمات نقص الدواء المتتالية والمتكررة يلاحظ عدم انتباه وزارة الصحة لتلك الازمات الا بعد تفاقمها واحداثها لصدى واسع فى المجتمع والاعلام ولكن الأهم من ذلك هو أن تعامل الوزارة مع تلك الأزمات يكون بنظام “المسكنات” بحيث يتم حل تلك الأزمات بشكل مؤقت دون وضع استراتيجية أو خطة لحل المشكلة من جذورها. وما يفاقم الازمة ، أن صناعة الدواء فى مصر تقوم على استيراد المواد الخام الدوائية من الخارج ثم تصنيعها واخراجها فى الشكل الدوائى النهائى وتوفيرها للسوق.ويعتبر حدوث أى خلل في استيراد المواد الخام الدوائية من الخارج – سواء بسبب نقص السيولة المالية او مشاكل عند الموردين – أحد أهم الأسباب لحدوث الأزمات المتكررة لنقص الدواء. ضجة كبيرة كما أن الأدوية المصنعة محليا لا تغطى كافة احتياجات السوق المصرية من الدواء حيث تستورد مصر حوالى 60% من احتياجاتها من الأدوية (فى شكلها النهائى) من الخارج مما يعنى أن أى خلل فى استيراد هذه الأدوية يسبب أيضا أزمة فى سوق الدواء المصرى وهذه تكون أكثر تأثيرا حيث أن معظم الأدوية المستوردة من الخارج هى من نوعية الأدوية الضرورية “مثل الأنسولين وأدوية علاج السرطان والبان الأطفال” والتى تسبب عند نقصها ضجة كبيرة داخل المجتمع المصري غير أن أزمات نقص الأدوية لا تتوقف أسبابها على العوامل الخارجية مثل الاستيراد من الخارج فقط.بل توجد عوامل داخلية كثيرة لا تقل فى قدرتها على احداث أزمات نقص أدوية في السوق المصرى من أهمها الاحتكار ومشاكل تسعير الدواء حيث تتعمد بعض شركات انتاج الأدوية وبعض شركات توزيع الأدوية “تعطيش” السوق من بعض الأدوية كأسلوب ضغط لرفع سعر تلك الأدوية بشكل رسمى من خلال وزارة الصحة أو حتى بشكل غير قانونى ببيعها فى السوق السوداء بأسعار أكثر بكثير من أسعارها الرسمية .