تعد مشكلة "الديون" واحدة من الأسباب القوية التى تهدد الاقتصاد المصري، من خلال ارتفاعها بشكل متواصل دون توقف، فى ظل استمرار سلطة الانقلاب العسكرى فى حكم مصر طوال 5 سنوات. في يناير 2013 وقبل الانقلاب العسكري في يوليه 2013، ظهر أحدث تقرير للبنك المركزي المصري، أن نصيب الفرد من الدين الاجمالي لمصر بنهاية سبتمبر 2013، بلغ 17.491 ألف جنيه (باعتبار أن حجم الدين الخارجي كان حينئذ 34.719 مليار دولار، والدين الداخلي 1.331.2 تريليون جنيه. فحين تسلم الرئيس المختطف د. محمد مرسي الحكم، ورث ديون حكم مبارك التي كانت قبل ثورة يناير 2011، نحو 34.9 مليار دولار والدين الداخلي 962.2 مليار جنيه، فنقصت الديون الخارجية قرابة 200 مليون دولار، كما ورث ديون المجلس العسكري الداخلية التي زادت في عام حكم العسكر الأول. وعقب الانقلاب العسكري، تضاعفت الديون منذ 2013 وحتى 2018، 3 مرات من 36 مليار دولار (خارجية) إلى 100 مليار دولار، ومن 1.1 ترليون جنيه (داخلية) إلى قرابة 4 تريليونات جنيه الآن. فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل الدين الخارجي لمصر إلى 102.4 مليار دولار بعد الانتهاء مما يسمى "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، في إطار الاتفاق مع الصندوق ومانحين دوليين آخرين، للحصول على عدد من القروض، لتصل تلك الديون إلى أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي المصري في عام 2020-2021. كم يبلغ دين كل مصري بسبب القروض؟ وبعد عام واحد من اغتصابه السلطة، أصبح كل مصري مديونا ب26 ألف جنيه هي نصيبه من الدين الداخلي، و3500 جنيه من الدين الخارجي أي 29.5 ألف جنيه للفرد، أي أن رب الأسرة المكونة من خمسة أفراد سيكون محملا بما يقارب 147.5 ألف جنيه هي حصته في أعباء ديون مصر. وفقاً لإحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مارس 2017، وبحسب عدد السكان الذي بلغ نحو 93 مليون مصري، كان نصيب كل مواطن مصري من إجمالي الديون الخارجية (60.2 مليار دولار بداية 2017)، نحو 647 دولارا تقريباً، ومن الديون الداخلية (2.758 تريليون جنيه)، نحو 27.720 جنيه (أي أن اجمالي ديون كل مصري بلغ حوالي 40 ألفا. وفي أبريل 2017، أظهر التقرير الشهري للبنك المركزي أن نصيب المواطن المصري من الديون الخارجية والمحلية في 2016 ارتفع 41% وأصبح 691.9 دولار في نهاية ديسمبر 2016 (حوالي 12.6 ألف جنيه)، ونصيب الفرد من الدين الداخلي نحو 31.4 ألف جنيه، أي قرابة 44 ألف جنيه للفرد الواحد. وكشف عدد من الخبراء عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع نصيب الفرد من الدين العام، في محاولة لتفسير السياسة المالية التى تتبعها الدولة خلال المرحلة الحالية. من جانبهم، كشف عدد من الخبراء عن التداعيات الخطيرة التى ستواجه المواطن المصرى بسبب ارتفاع الديون. حيث قال الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش، إن الاعتماد على الديون مؤشر خطير للغاية، ويساهم في زيادة الأعباء المالية على الدولة والمواطنين، كما أنه يرفع من أعباء الدين الذي تسدده الدولة. وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات صحفية، أن الحكومة تعتمد على السندات الدولارية لسد المشاكل المالية التى يتعرض لها الاقتصاد، وهو أمر خطير للغاية، موضحا أن السندات الدولارية تنقسم إلى طويلة الأجل وقصيرة الأجل؛ فالقصيرة الأجل تصل فوائدها نحو 5 إلى 7%، وتسدد على مستوى ثلاثة أشهر، أما الطويلة الأجل فهى التى تسبب مشاكل كبيرة للاقتصاد من خلال ارتفاع فوائد ديونها. وأوضح الدمرادش، أن ارتفاع نصيب المواطن من الدين العام الخارجي والداخلي مؤشر سلبي، ويدل على أن السياسات المالية المتبعة خاطئة، وتحتاج مزيدا من التوضيح، والتخطيط السليم، بالاتجاه نحو التصنيع خلال المراحل المقبلة. وكشف محمد الشواديفي، الخبير الاقتصادي، عن أن نصيب المواطن من الدين العام الداخلي والخارجي وصل نحو 50 ألف جنيه، نتيجة للسياسات السلبية التي تتبعها الحكومة خلال المرحلة الحالية. تأثير الديون على مستقبل شعب مصر ويرى مراقبون وخبراء اقتصاديون واقع مصر الأليم فى ظل حكم الانقلاب، إذ أن تكبيل الانقلاب الشعب بالديون معناه فقدان الإرادة والسيادة الوطنية والتحكم في القرار الوطني، بموجب تعليمات من الصندوق والبنك الدوليين اللذين يحركهما دول كبرى. كما أن الديون تستنزف سنويا قرابة 1.1 مليار دولار، ما يعني تسرب حجم الإنتاج القومي للخارج وعدم استفادة الشعب منه. معلومات عند ديون مصر وشهدت مصر منذ حكم العسكر ارتفاعات فى الدين، حيث جاء فى حكم جمال عبد الناصر، والتى عرفت مصر الديون الخارجية لأول مرة في تاريخ الجمهورية في عهده، بعد حكمه مصر 16 عاما، من 1954 إلى 1970، اتجه فيها للاقتراض الخارجي، ووصلت الديون الخارجية في نهاية عهده إلى 1.7 مليار دولار. فى حين كان الراحل أنور السادات، والذى تولى مقاليد الحُكم في 1970، ارتفع الدين الخارجي في عهده إلى 2.6 مليار دولار، وقيل إن السبب هو خوض حرب أكتوبر، وعقب انتهاء الحرب تضاعفت ديون مصر الخارجية في عهد "سلام كامب ديفيد" أكثر من 8 أضعاف قبل وفاة "السادات" في 6 أكتوبر 1981، ووصلت إلى 22 مليار دولار. أما المخلوع حسنى مبارك، فعلى مدار 30 عاما حكم فيها، ترك الاقتصاد المصري منهكا ومثقلاً بتركة ديون محلية وخارجية ثقيلة، والذي تضاعفت أكثر من مرة في مدد رئاسته الخمس، ووصل الدين الخارجي لمصر في 2011 عند خلع "مبارك" إلى نحو 36.5 مليار دولار، والدين الداخلي 962.2 مليار جنيه. وكان للمجلس العسكري نصيب خلال عام واحد تولى حكم مصر، من 11 فبراير 2011 إلى 30 يونيو 2012، زادت ديون مصر نحو 332 مليار جنيه، لتصبح ديون مصر في نهاية حكمه تريليونا و506 مليارات جنيه. أما "طرطور العسكر" عدلي منصور، والذى حكم ظاهريا في الفترة التي تولى فيها رئيسا مؤقتا يديره المجلس العسكري (في يوليو 2013 إلى 8 يونيو 2014)، تخطى الدين العام المحلي 2 تريليون جنيه لأول مرة، وارتفعت ديون مصر الداخلية والخارجية في نهاية حُكمه إلى 2 تريليون و276 مليار جنيه بزيادة 389 مليار جنيه، وتلقت مصر في عهد منصور دعما ماليا قويا من دول الخليج لا يعرف أين ذهبت. تبعه المنقلب عبد الفتاح السيسي، منذ اغتصابه للسلطة وحتى نهاية فترته الأولى تضاعف الدين الخارجي على مصر 3 مرات من 36 مليار دولار إلى 100 مليار حاليا، كما تضاعف الدين المحلي إلى مستوى خطير قارب 3.1 ترليون جنيه ليشكل إجمالي الدين حوالي 99% من إجمالي الناتج المحلى. وجاءت عمليات الاقتراض غير المسبوقة، على الرغم من حصول مصر على مساعدات خليجية، قدرها السيسي في مايو 2014، بنحو 20 مليار دولار (354 مليار جنيه وفق سعر الصرف حاليًا). السيسي اقترض خلال انقلابه ضعف ديون مصر 50 عامًا واقترض السيسي، منذ اغتصابه الرئاسة في يونيو عام 2014، ضعف الديون المتراكمة على الدولة المصرية طيلة ال50 عامًا الأخيرة، وفق ما أظهرت بيانات رسمية. ووفق بيانات وزارة المالية، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي الماضي فقط 2016 /2017، كان نصيب السنوات الثلاث للسيسي منها 2.3 تريليون جنيه (129.9 مليار دولار)، حيث تسلم الحكم وكانت ديون مصر تبلغ 1.7 تريليون جنيه. ومن المتوقع وصول الدين العام إلى 4.8 تريليونات جنيه وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، الذي ينقضي في نهاية يونيو، وهو الشهر الأخير في الفترة الرئاسية الأولى للسيسي الذي ترشح لفترة ثانية. وبلغت الديون الخارجية فقط من إجمالي الدين العام 82.9 مليار دولار، وفق بيان البنك المركزي الأخير بتاريخ مارس 2018.