يُعتبر العمل الصحفي بمصر في ظل حكم الانقلاب العسكري "مغامرة"، بسبب حالة التخويف والترويع التي فرضتها سلطات الانقلاب على الحالة الصحفية، وما يمكن أن يتعرض له الصحفيون من ملاحقة أمنية، وزج بالسجون، ما يدفع كثيرين منهم إلى استخدام أسماء مستعارة. وكتبت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أنَّ إدارة السجون نقلت المعتقل حمدى مختار الزعيم، الصحفي بجريدة الحياة، من سجن طره تحقيق إلى سجن شديد الحراسة 2 (العقرب2) ؛ لرفضه التوقيع على مبادرة بنبذ العنف . وأضافت أن محامي "الزعيم" أوضح أنه رفَضَ التوقيع على المبادرة لكونه معتقلاً بسبب عمله في الصحافة، بالإضافة إلى أن توقيعه يُعد إقرارًا بأنه كان ينتهج العنف من قبل، فيما استنكر صحفيون وحقوقيون الهجمة الأمنية الشرسة التي يتعرض لها الصحفيون المصريون والتي تعد الأسوأ من نوعها منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013. ووثق المرصد العربي لحرية الإعلام اعتقال 35 صحفيًا وإعلاميًا من بينهم أحمد أبو زيد، وأحمد عبد العزيز، وإسلام فرحات، وغيرهم من العاملين بالصحف والمواقع المحلية أو لهم آراء معارضة لنظام الحكم في مصر . وأعرب صحفيون عن خيبة أملهم من تجاهل نقيب الصحفيين، عبد المحسن سلامة، أزمة الصحفيين خلال لقائه بوزير الداخلية في حكومة الانقلاب، واكتفى النقيب، بالإشادة بدور وتضحيات قوات الأمن في التعامل مع القضايا الأمنية، دون التطرق إلى تضحيات الصحفيين والمراسلين والمصورين الميدانين في نقل الحقائق، والوقائع عبر وسائل الإعلام والصحف المختلفة. وكانت قوات أمن الانقلاب قد ألقت القبض على الصحفي حمدي الزعيم، الصحفي بجريدة الحياة، برفقة "محمد حسن" الصحفي بجريدة النبأ، و"أسامة البشبيشي" الصحفي بوكالة بلدي الإخبارية، في 26 سبتمبر 2016، أثناء تصويرهم تقرير ميداني بمحيط نقابة الصحفيين. ووجهت لهم النيابة اتهامات بنشر أخبار كاذبة وأمرت بحبسهم على ذمة القضية رقم 15060 لسنة 2016 جنح قصر النيل والجدير بالذكر أن مصر تقبع في المرتبة 161 من أصل (180) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة وفقًا لتقرير نشرته "مراسلون بلا حدود" في 2017. ورغم صدور قرار بإخلاء سبيلهم إلا أن النيابة استأنفت؛ ليتم التجديد لهم 45 يومًا جديدة. وكان المرصد العربي لحرية الإعلام قد وثق عدد الصحفيين والإعلاميين والمراسلين القابعين خلف السجون حتى نهاية شهر مارس 2018 إلى 95 صحفياً، وذلك وفق تقرير أصدره المرصد مطلع أبريل الماضي، وقالت الصحفية، والمتحدثة باسم نساء ضد الانقلاب، مي الورداني، إن "النظام العسكري في مصر يمارس القمع بكل أشكاله على كل الفئات بما فيهم الصحفيين". وأضافت أن "نظام السيسي العسكري يخشى من كاميرا وقلم الصحفي، ومن المفارقات أن الاحتلال الصهيوني رغم وحشيته وهمجيته لم يمنع صحفيًا من تغطية الأحداث الأخيرة في الأراضي المحتلة؛ لإنه حق مكفول للجميع في العالم بأسره، لكن في مصر ومنذ اليوم الأول للانقلاب كانت هناك العديد من كاميرات الصحفيين شاهدة على الدماء وجرائم العسكر كحبيبة عبد العزيز ومصعب الشامي". وتوقع منسق المرصد العربي لحرية الإعلام، أبو بكر خلاف، ألا يتحرك نقيب الصحفيين الحالي، عبد المحسن سلامة، لنجدة هؤلاء الصحفيين "فهو أحد المؤيدين بقوة لنظام السيسي، وزادت الانتهاكات في عهده، وتراجع دور النقابة بقوة، كما أن المنظمات الحقوقية داخل مصر لا تملك التحرك ضد الانقلاب، كما لا تملك المنظمات خارج مصر إلا إصدار البيانات وتوثيق جرائم الانقلاب".