"بأى ذنب قتلوا" كان هذا لسان حال أهالى شهداء مذبحة النصب التذكارى عند لقائنا معهم لأخذ شهاداتهم حول الحادث فقد كانوا فى الميدان من أجل نصرة الحق والدين والشرعية آملين فى حياة أفضل لهم ولأسرهم يحلمون بعدالة اجتماعية لم تتحقق لهم ولا لآبائهم على مدار 60 عاما من حكم العسكر لمصر، لم يحملوا يوما سلاحا أو يعتدوا على أحد لكنهم لم يرضوا أن تنتهك إرادة الشعب ويعتدى على حريته ويقفوا مكتوفى الإيدى كما فعل الكثيرون أو يتحولون مع المتحولين، ولكنهم تمسكوا بالثورة وراحوا ليدافعوا عن حريتها فى الميدان. فى البداية قال الحج شعبان والد الشهيد هانى شعبان سمكرى سيارات متزوج وله طفلتين وزوجته حامل لفظ أنفاسة الأخيرة فجر السبت أمام النصب التذكارى " أولادى الثلاثة فى الميدان من أجل نصرة الحق والدين وشرعية الرئيس المنتخب محمد مرسى الذى أراد ان ينظف البلد من عصابة مبارك. وتابع إن أحد أبنائه يملك عربية "جامبو" وكانوا الثلاثة يملئونها بخزانات المياه ويأتون لسقاية الصائمون فى الميدان، عندما شاهد هانى الضرب توجه إلى المنصة للمساعدة فى نقل الشهداء فأصيب برصاصة فى الرأس أودت بحياته ولم يكن يحمل سلاحا ولا مولوتوفا كل جريمته أنه أراد أن يسقى الناس ويساعدهم. وحمل الحاج شعبان الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووزير داخليته وشيخ الأزهر مسئولية ما حدث أمام النصب التذكرى قائلاً " دم الشهداء فى رقبتهم" ، ووصف شيخ الازهر بالطرطور منتقداً موقفه المتخاذل وتركه للسيسي ووزير الداخليه يذبحون الناس ، مؤكدا ان أهل الأزهر يعرفون حرمة الدماء جيداً. وأكد والد الشهيد أنه كان يعمل سمكرى ومتزوج ولديه طفلتين وزوجته حامل ان أولاده جاءوا الميدان أبتغاء وجه الله تعالى وليس من أجل مرسى أو الإخوان ولكن من أجل الإسلام مردداً والدموع تملأ عينيه " حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين أيديهم سالمين" . أما أشقاء هانى فقد قرروا ألا يتركوا الميدان حتى يأخذوا حق أخيهم ويتحقق القصاص العادل من القتلة الذين قتلوه بدم بارد مؤكدين أن أخوهم لم يحمل ابداً سلاح ولا ملوتوف وانما أراد ان يسقى المعتصمين ولم ينتظر ثواب إلا من الله عز وجل. وفى مأساة إنسانية أخرى يروى والد الشهيد محمد يوسف عبدالنبى خليل والذى يعمل بكلية الهندسة جامعة القاهرة ويسكن فى بئر أم سلطان بالبساتين "ابنى محمد هو وحيدى على 6 بنات تخرج هذا العام من المعهد العالى للغات والترجمة، وكان موجود فى البيت يوم المذبحة يتابع قنوات التلفاز حتى الساعة 6.30 صباحاً ولكن صعب عليه ان يكون فى البيت وهو يرى هؤلاء الشباب يموتون وهو لا يستطيع مساعدتهم، ونزل دون ان يراه احد وكنا نحسبه نائماً حتى جاءنى أتصال الساعة 10 الصبح من رقم لا اعرفه قال لى ان محمد ابنى قبض عليه لأنه كان بيضرب خرطوش على المتظاهرين، وعندما أتصلت بتليفون محمد ردت على سيدة وقالت لى ان التليفون موجود خلف منصة رابعة فقد وجدوه مع المفقودات فى مكان الحادث وبالفعل ذهبت وأخذته ولم اكن اعرف ان ولدى الوحيد أستشهد. ويتابع : ثم ذهبت الى قسم مدينة نصر ثانى وسألت عليه فلم أجد اسمه فى المقبوض عليهم وذهبت الى قسم مدينة نصر أول لم أجده أيضا، فلجئت لزوج ابنتى فاتصل بأحد المعارف فى مديرية الأمن الذى أخبرنا أنه أما يكون فى أمن الدولة أو فى المشرحة فذهبنا الى المشرحة على الفور فوجدناه من ضمن الجثث المجهولة التى لم يستدل عليها لأنه لم يكن معه محفظته. وقال والد الشهيد محمد إنه وجد أبنه مصاب بطلق نارى فى الرقبه وعظامه مكسرة وهو ما يدل على إنه قبض عليه من قبل قوات الأمن وتم الأعتداء عليه بالضرب واخذت محفظته وتم ألقائه فى الشارع مؤكداً انه عندما فتش فى تليفون محمد ابنه لم يجده مسجل رقمه لأنه كان يحفظه مستنتجاً ان الشخص الذى قام بالأتصال به وابلاغه ان ابنه قبض عليه أخذ الرقم من ابنه نفسه ولكن عندما عاود الأتصال بالرقم رد عليه نفس الشخص وقال له ان شخص أخر اخذ منه التليفون لعمل مكالمة وانه لا يعرفه وهو ما يؤكد استنتاجاته محملاً وزير الداخلية مسئولية قتل ابنه، مشيراً ان دعوة الفريق عبد الفتاح السيسي الشعب للنزول لتفويضه فى هذا اليوم هو السبب الرئيسى فى حدوث هذه المجزرة التى راح ضحيتها نجله الوحيد الذى اكد انها كانت المرة الأولى التى ينزل فيها الميدان بعد ان رأى زملائه يقتلون فى الشارع.