فى لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب الذى تم حله ظلما وعدوانا قلت لوزير الثقافة الأسبق شاكر عبد الحميد: إن صورة وزارة الثقافة فى أذهان شعب مصر سلبية، وإن الشعب يكره هذه الوزارة. ورد الرجل نافيا ما قلته، فتحديته أن يتم إجراء استطلاع علمى للرأى العام عن صورة هذه الوزارة. تذكرت ذلك الحوار وأنا أتابع تمرد من يطلقون على أنفسهم مثقفين على وزير الثقافة الجديد علاء عبد العزيز، والذى تطور إلى استخدام العنف واقتحام مكتب الوزير. وهنا ظهرت أهم سمات الصورة الحقيقية لأولئك الذين اشتراهم فاروق حسنى بالمناصب والأموال والجوائز ودعوات العشاء. إنهم بلطجية أو بلاطجة أو شبيحة يلجئون الآن إلى اقتحام مكتب الوزير باستخدام العنف المادى بعد أن ظلوا سنوات طويلة يستخدمون العنف اللفظى ضد شعب مصر وضد الإسلام. وهم يطلقون على أنفسهم مصطلحا جذابا له سحر الغموض هو المبدعون، وأنا أعترف أنهم بالفعل كذلك.. إنهم حقا مبدعون.. فلا تقترب منهم أو تمسهم بسوء أو تتحدث عنهم بما لا يليق أو تنقدهم، فهم وحدهم يمتلكون حق النقد، وما عليك سوى أن تستمع وإلا فأنت لا تفهم الإبداع، ومن يعارضهم يتم إطلاق عدد من الأوصاف عليه أهمها التخلف والرجعية والسطحية والانكفاء على الذات وعدم القدرة على فهم الإبداع. والإبداع يتطلب كما قال فاروق حسنى يوما أن تقوم بأفعال غير عادية لا يقبلها العقل ولا يستطيع الإنسان العادى أن يستوعبها! وهكذا جمع فاروق حسنى المبدعين على شاكلته فى عزبته التى يطلق عليها وزارة الثقافة، فاحتلوا المناصب، وتقاسموا الغنائم والأموال المنهوبة من شعب مصر، ووزعوا على أنفسهم جوائز الدولة، وتبادلوا عبارات التمجيد والمدح والثناء على أعمال تافهة لا ترقى بأى مقاييس أدبية أو فنية أو علمية للنشر. كان من الطبيعى أن يتوقع الوزير الجديد ما يحدث له الآن، فالدخول إلى الحظيرة له شروط ومقاييس لا تنطبق على الدكتور علاء عبد العزيز. وعندما رأيته يجلس فى الصفوف الأولى فى مسجد رابعة العدوية يوم المسيرة العالمية من أجل القدس، كنت أريد أن أقول له متعجبا ومندهشا: هل تريد منهم أن يقبلوك وزيرا؟!! ألم تكن تتوقع أن يقتحموا مكتبك؟ إنهم يدافعون عن مصالحهم ووجودهم وعن مفهوم الإبداع الذى روجوه وحصلوا به على المناصب والألقاب والأموال وما هو أكثر. فإن اكتفى أولئك المبدعون باقتحام مكتبك فالأمر هين، فأنت أيها الوزير ضد حرية الإبداع، والمبدعون فى الحظيرة سيدافعون عن حريتهم بكل الوسائل، والخيارات أمامهم مفتوحة وربما يصل الأمر إلى حد القتل، وحياتك معرضة بالتأكيد للخطر فهم مبدعون فلا حدود للإبداع كما تعرف، أما صبر شعب مصر فبالتأكيد له حدود. أيها الوزير، أنت ضد حرية الإبداع والدليل على ذلك أنك جلست تصلى فى مسجد رابعة العدوية وصورتك مسجلة، وقنوات التليفزيون نقلت الصورة على الهواء. ومن شروط الحظيرة أن يتمرد المبدع على الإسلام وأن يقول كلاما غامضا يحتمل تأويلات متعددة، فإن تم الإمساك به متلبسا يستطيع أن يصرخ متهما الإسلاميين بالتكفير والعداء للحرية، وأن الدين علاقة بين الفرد وربه ولا يجوز أن يتدخل فيه أحد، ولا يجوز للدين التدخل فى شئون الثقافة أو تقييد حرية الإبداع! ولأنهم يتعالون ويستكبرون على شعب مصر فإنهم يتهمونه بعدم فهم الإبداع، وعدم القدرة على تجديد الخطاب الدينى، والتمسك بأفكار قديمة لا تصلح للعصر. ثم تقام ندوات يتم فيها لطم الخدود والصراخ والعويل على تهديد حرية الإبداع، والردة عن التنوير، والانقلاب على الدولة الحديثة، وانتشار الظلامية. بعد ندوات الصراخ على حرية الإبداع ينتقل المبدع إلى دولة غربية تستقبله بكل الترحيب، وتعينه فى إحدى الجامعات بعد تصويره بأنه مضطهد ويتم منحه حق اللجوء السياسى. وهم يعرفون جيدا أسباب الاسترزاق، ونهب الأموال الحرام، والحصول على ما لذ وطاب من جوائز عربية وعالمية، والإقامة فى الفنادق ذات النجوم الخمس، ولذلك فبمجرد أن يكتب شخص كلاما غامضا ركيكا يهاجم الإسلام وثوابته ورموزه يحمل ذلك الشخص ألقاب المفكر والمبدع والمثقف والأديب والفنان والكاتب الكبير. فيهاجمه بعض الكتاب الإسلاميين فيزداد قدره وتعلو مكانته فى الحظيرة وتنهال عليه الجوائز من هنا وهناك. ولقد سلك ذلك الطريق نجوم الثقافة والأدب والفن بعد أن سيطر على وزارة الثقافة من حولها إلى قلعة للعلمانيين المتغربيين الذين استكبروا على شعب مصر ووجهوا له ولحضارته وثقافته الحقيقية الكثير من الإهانات. وهم يعرفون جيدا أن شعب مصر يكرههم، ويكره وزارة الثقافة، ويتمنى أن يأتى اليوم الذى تتحول فيه وزارة الثقافة إلى وزارة لشعب مصر كله، وليس لمجموعة من المنتفعين المغرورين المتغربين. من حق شعب مصر أن تكون له وزارة ثقافة وأن تعبر هذه الوزارة عن ثقافته الحقيقية، وتحمى هويته وذاتيته الثقافية، وتنشر الأدب والفن المحترم، وتمنح الجوائز لعلماء مصر ومثقفيها الحقيقيين وفقا لمقاييس محترمة وعادلة. فهل تستطيع يا وزير الثقافة أن تفعل ذلك؟ هل يمكن أن تعيد لمصر وزارة ثقافتها المخطوفة وتطهرها من البلطجة الفكرية والأيديولوجية؟ يومئذ سيدافع عنك شعب مصر ويحميك ويحبك وسيلتف حولك المثقفون والعلماء الذين يفتخرون بالانتماء لمصر.