تزوجت منذ عامين، وخلال العامين يصر زوجى على استقطاع حصة من راتبى له، بحجة أنه سمح لى بالعمل وتنازل عن جهدى فى بيته لصالح العمل، وإذا رفضت خاصمنى وهجرنى، والأدهى من ذلك أنه يرى أننى لو لم أكن أعمل ولم يكن لى راتب، وكان لى مصدر دخل آخر كإيجار شقة والدى المتوفى فإن له الحق فيه، ويرفض أن أساعد أهلى بأى مبلغ مالى ولو بسيطا؛ لأنه يرى أن دور أهلى معى انتهى بزواجى وأنه أولى به منهم. وعلى الرغم مما قرأت أن مال الزوجة من حقها شرعا وإن تنازلت عنه كله أو جزء منه فلا بد من رضاها.. إلا أنه يصر أن يحصل على "حصته" وأنا كارهة لأنى أرى أن دخله مناسب لنا، بل إنه يدخر منه أيضا، فى حين أنى أرى أن من واجبى مساعدة أهلى أصحاب الفضل على فى أن أصل إلى ما أنا عليه الآن حتى أشعرهم برد الجميل، خاصة أن المعاش لا يكفى الأدوية والفحوصات... هل راتبى من حقى شرعا؟ وماذا أفعل مع زوجى؟ تجيب عن هذه الاستشارة رغداء بندق -المستشارة الاجتماعية- فتقول: أختى الكريمة أهلا وسهلا بك وندعو الله أن يبارك فيك ويصلح حال زوجك، بخصوص سؤالك عن الحكم الشرعى فى ذمتك المالية، فقد جاء فى فتاوى الدكتور محمد البهى -عميد كلية أصول الدين بالأزهر سابقا-: "إن الزوجة -فى نظر الإسلام- مستقلة فى مالها.. وفى رأيها.. وفى اعتقادها. ولها شخصيتها الخاصة بها التى توافق بها على عقد الزواج. وللزوجات حقوق قِبل الأزواج؛ مثل ما للأزواج من حقوق قِبلهن فقد ذكر الله فى كتابه الكريم فى سورة البقرة فى الآية 228 ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)). ودرجة الأزواج على الزوجات فى الأسرة هى درجة الإنفاق عليها.. ودرجة المواجهة فى الحياة عند تنفيذ الأسرة ما يستقر عليه الرأى فى شئون هذه الحياة بين الزوجة والزوج وبقية أعضاء الأسرة. فالشورى مبدأ أساسى فى صفات المؤمنين كما جاء فى صورة ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)). ولا يلغيها أن للرجال درجة على النساء فى الأسرة. ودليل أن الزوجة مستقلة فى مالها: أن مهرها -وهو منحة من زوجها لها- إذا دخل فى ملكها لا يجوز لزوجها أن يسترد منه شيئًا إلا فى حالتين: فى حالة رضاها هى، كما ذكر الله فى كتابه الكريم ((وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)) أى أعطوهن مهورهن منحة، فإن تنازلت الزوجات عن شىء من مهورهن التى هى منحة من أزواجهن عن طيب خاطر إلى الأزواج.. فليس هناك حرج فى أن يقبله الأزواج؛ إذن هو حلال لهم الآن. ويمكن للزوجة أن تفدى نفسها بمهرها أو ببعض منه لتتخلص من سوء عشرة زوجها لها وعندئذ يجوز للزوج أن يأخذه فى مقابل فراقها منه. كما ذكر فى كتاب الله ((وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ))، أى ليس هناك حرج على الزوجة فى تنازلها عن المهر أو بعضه.. وليس هناك حرج أيضًا على الزوج فى قبول ما تنازلت عنه، إذا تعين ذلك حل لرفع الضرر عن الزوجة من سوء عشرة زوجها. وإذا كان -أختى الكريمة- وضع المهر بين الزوج والزوجة هو على هذا النحو.. فمال الزوجة الخاص بها كالراتب مثلًا لا يجوز قطعًا للزوج أن يأخذ منه شيئًا، إلا برضا الزوجة وطيب نفسها، وأخذ شىء منه كرهًا -سواء أكان هذا الإكراه مقنّعًا أو مكشوفًا- فإنه يعتبر غصبًا. والغصب حرام على المغتصب، ويجب عليه رد المغصوب لمن اغتصب منه. وعقد الزوجية لا يبرر أى ضغط على الزوجة، فى مالها... أو فيما تراه وتعتقده". لذلك وكما هو موضح بالفتوى السابقة إن ما تتقاضينه من راتب شهرى أو أى مصدر مالى لك هو من حقك شرعا ويحق لكى التصرف فيه كما تشائين ولكِ أن تنفقيه على نفسك أو بيتك أو حتى أهلك وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالك أو يأخذه منه إلا بطيب نفس منك وتسامح. لكن اجتماعيا أعتقد أن بالتفاهم والتراضى والحوار الهادئ ستصلين لحلول وسط ترضيكما؛ فلا بأس إن أسهمت بجزء من راتبك فى البيت، أو إن قبلت ورضيت بمنحه جزءا من راتبك فذلك فضل منك، ولتتفقا على طريقة تديران بها ميزانيتكما وراتبك أنت تحديدا ولا تنسى أن تتعاملى بالفضل بكامل رضاك غير مرغمة ولا مكرهة وإن فشلت حواراتكما فى إنتاج حل مرضٍ لكليكما فأنصحك بتدخل طرف من أهلك أو أهله على أن يتسم بالحكمة والإنصاف.