انتفضت خلايا العلمانية فى المنطقة طربا بمظاهرات رفاقهم الهادرة فى تركيا ضد زعيم نهضة تركيا فى العصر الحديث رجب طيب أردوغان. وأخذ إعلام العار يكرر السيناريو الرخيص نفسه الذى يمارسه مع الرئيس محمد مرسى، سعيا لإسقاط نموذج أردوغان العظيم فى قلوب الشعوب العربية، وتبشيرا بسقوطه وإجراء انتخابات يعود بها علمانيو تركيا لحكمها.. هكذا بسهولة لتكون بروفة عملية لتنشيط علمانيى المنطقة العربية لمواصلة التخريب والحرائق كطريق لعودتهم لحكم البلاد.. لكن ذلك كله تبدد كالسراب وخسر بلاطجة السياسة وشبيحة الإعلام الجولة مثلما خسروا بقية الجولات، وستكون خسارتهم فى النهاية أشد وأنكى. لقد باتت مخططات العلمانيين وحركتهم فى المنطقة موحدة ضد خيار الأمة الإسلامى فى مصر وتونس وفلسطين والمغرب، والسبب معروف وهو عداؤهم للتوجه والفكرة الإسلامية عموما، ويبدو أن التيار العلمانى فى العالم العربى مدعوما بالنظام الدولى قد أجمع عدته ووحد صفه لخوض معركة طويلة ومريرة لإسقاط الحكومات الإسلامية التى انتخبتها الشعوب وتواصل حكمها بنجاح. وقد شاهدنا لأول مرة مظاهرات فى الكيان الصهيونى أمام السفارة التركية تطالب بإقالة أردوغان، ولتلك المظاهرات دلالات كثيرة لا تحتاج إلى شرح. كانت مظاهرات إسطنبول هذه المرة هى الأعنف وكان عنفها يعبر عن الوجع الكبير الذى ألحقته بهم تلك الخطوة التاريخية التى خطاها حزب العدالة والتنمية نحو إكمال مسيرة العودة بتركيا لهويتها ودينها وتاريخها التليد، فقد أصدر البرلمان التركى عدة قوانين تصب فى محْق حالة التغريب ومحاولة سلخ تركيا من دينها على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1940م، وكان أبرز تلك القوانين قانون يجرم الزنى ويحظر بيع الخمور بين العاشرة مساء والسادسة صباحا، ويشدد العقوبات قيادة السيارات تحت تأثير الكحول. كما يحظر الدعاية والإعلان لهذه المشروبات، ويمنع فتح البارات ومحلات بيع الخمور ضمن دائرة نصف قطرها 100 متر من المدارس والجوامع. وفى الوقت نفسه، قررت حكومة أردوغان إعادة تنظيم ميدان "تقسيم" الشهير وإعادة بناء ثكنة عسكرية كانت موجودة فى ساحة الميدان منذ العهد العثمانى وكانت ترمز لفتوحات جيش الخلافة فى أسيا وأوروبا، لكن مصطفى كمال هدم ذلك الرمز فى إطار حملة شرسة لمحو الإسلام وهو ما عبر عنه أردوغان فى كلمته القوية فى مواجهة المظاهرات قائلا: "هناك شباب تحت العشرين أو فوقها لا يعرفون ما تعرض له الشعب من حرب على قيمه ومقدساته فى الأربعينيات من القرن الماضى، حيث أُغلقت أبواب المساجد وحُوِّلت إلى متاحف وحظائر للحيوانات، ومُنِع تعليم القرآن من قبل حزب الشعب الجمهورى الحالى.. سنعيد فتح مدارس الأئمة والخطباء التى أغلقوها حتى يعود الناس ليتعلموا القرآن والسيرة النبوية.. وسمحنا لبناتنا المحجبات بدخول المدارس.. ونسعى لإعطاء الشعب كل حقوقه.. إننا نحيى الإنسان حتى تحيا الدولة". إن انتفاض العلمانيين العرب دعما لمظاهرات علمانيى تركيا يؤكد أن العداء ليس لأشخاص فازوا فى الانتخابات، وأن الحرب ليست بين أحزاب تتنافس على حكم البلاد ولكنه صراع مرير طالت معاركه عبر قرون بين المشروع الإسلامى الذى يسعى لإعادة الأمة إلى أحضان إسلامها ومشروع غربى هيمن وسيطر وفرض ثقافته ردحا طويلا من الزمان، لكن الأرض باتت تتزلزل تحت قدميه وأوشكت شمسه على المغيب.. وحتما ستغيب لتشرق شمس الإسلام من جديد.. شمس العدل والرحمة والنهضة والازدهار.