أكد عدد من أساتذة وفقهاء القانون أن حكم المحكمة الدستورية بتعديل قانون الانتخابات المقدم من مجلس الشورى والسماح للجيش والشرطة بالمشاركة في الانتخابات يرسم سيناريو كارثيًّا للوطن، ويُدخل البلاد في أتون صراع مرير، مشددين على أن "الدستورية" انحرفت بسلطتها ودخلت دائرة اللامعقول واللاقانوني واللاواقعي أيضًا. قال الفقيه الدستوري د. محمد شحاتة: إن قرار المحكمة الدستورية ليس له سابقة في تاريخ مصر؛ حيث كان دائمًا يحظر على العسكريين التصويت في الانتخابات لحمايتهم من الصراع والنزاع على السلطة. وتساءل شحاتة في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" كيف ستدار الانتخابات داخل تلك المؤسسة التي توجد في كتائب ولواءات في الصحراء، مشيرًا إلى أن الجيش الثاني في السويس معظمه من الصعيد، فهل سيخصص له لجان خاصة وتتحول معسكرات التدريب إلى وحدات انتخابية؟ وهل سيسمح بالدعاية داخل المعسكرات؟!. وأضاف أنه لم يصدر حكم مثل ذلك من القضاء الدستوري أو الإداري في تاريخ مصر، وأن دولاً مثل فرنسا أخذت هذه التجربة وتجرعت مرارة مشاركة الجيش في الانتخابات، وعدلت عن ذلك في النهاية، وحظرت على الجيش التصويت في الانتخابات، لافتًا إلى أنه لا يوجد ذلك في روسيا ولا أمريكا ولا إنجلترا ولا ألمانيا ولا حتى السودان والصومال. وأشار إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت هذا الحكم بقصد، وكانت على علم بمضار هذه الحكم، لافتًا إلى أن حزب الأغلبية في مجلس الشورى "الحرية والعدالة" أعلن التزامه بتوصيات المحكمة الدستورية، فأرادت الأخيرة أن تدخل دائرة اللامعقول واللادستوري واللاواقعي ليتأزم الوضع أكثر. وشدد على أن المحكمة الدستورية أصبحت جزأ من المشكلة في مصر، وطرفًا في الصراع الدائر بين الثورة وأعدائها، وهي بذلك تصنع أزمة دستورية جديدة. وطالب رئيس الجمهورية بالتدخل؛ لأن ذلك يعد انحرافًا من المحكمة الدستورية بسلطتها، كما طالب مجلس الشورى بإقرار الملاحظات الجادة والموضوعية للمحكمة على قانون الانتخابات، وعدم الالتفات إلى ما يضر بأمن الوطن ثم إصدار قانون الانتخابات، لافتًا إلى أن الدستور لم يعط لأحد الرقابة اللاحقة على قانون الانتخابات. من جانبه، قال المستشار أحمد الخطيب بمحكمة الاستئناف أن ما صدر عن الدستورية من مطالبة الشورى بالسماح للعسكريين بالمشاركة في الانتخابات هو أمر يتعارض مع روح القانون ومصالح البلاد. وأضاف الخطيب في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" أن ما استندت عليه الدستورية بشأن المساواة بين المواطنين في حقهم في التصويت أمر يتعارض مع الثوابت القانونية السابقة، والتي كانت تحظر على العسكريين أثناء فترة خدمتهم، مشيرًا إلى أن المساواة نسبية، وهي تختلف باختلاف الظروف، موضحًا أن المرأة لا تتساوى مع الرجل في الخدمة العسكرية ولا الميراث، وذلك بناءً على اختلاف الملابسات. وشدد على أن منح العسكريين والشرطة حق التصويت يضر بالاستقرار السياسي والأمني للبلاد، فهذه الفئات يجب أن يظل ولاؤها لمصر فقط بعيدًا عن الأحزاب أو الأفراد، وما يترتب عليها من الانقسامات سياسية وخلافات حادة قد تعصف بتلك المؤسسات.