"9 قواعد عسكرية".. هى كلمة السر فى بقاء بعض قوات للولايات المتحدةالأمريكية فى أفغانستان بعد الانسحاب المرتقب لقوات حلف الأطلسى "الناتو" فى 2014، وهو انسحاب مشكوك فيه؛ حيث تسعى واشنطن من خلال هذه القواعد للوجود بقوة على الأرض الأفغانية وكأنها لا تريد أن تترك الأرض التى منيت فيها بخسائر فادحة، انتقاما لقواتها. هذه القواعد التى كشف عنها الرئيس الأفغانى حامد كرزاى خلال خطاب له فى جامعة كابل يوم الخميس الماضى -بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيس الجامعة- اعتبرها مراقبون "مسمار" أمريكا فى أفغانستان. وكان كرازى -حليف واشنطن فى المنطقة- قد أكد أن هناك سعيا أمريكيا للاحتفاظ بتسع قواعد عسكرية فى أفغانستان بعد انسحاب قوات الناتو نهاية العام المقبل، مشددا على أنه يؤيد هذا الطلب، معتبرا أن الموافقة على إبقاء تلك القواعد من مصلحة أفغانستان، مشيرا إلى أن القواعد المطلوبة ستكون فى 8 مدن هى: "كابل وباغرام ومزار الشريف وجلال آباد وغارديز وقندهار وهلمند وهراة"، فى إشارة منه إلى أن الأمر قد يكون حُسم وأن الاتفاقيات غير المعلنة تمت بالفعل. حصانة قضائية وجود هذه القوات الأمريكية داخل أراضى أفغانستان تحتاج إلى حصانة قضائية من قبل السلطات الأفغانية حتى يمكنها البقاء بعد مغادرة قوات الناتو والتى تقدر بأكثر من 100 ألف جندى، وهذه الحصانة تحدث عنها من قبل الرئيس الأمريكى باراك أوباما عندما كشف عن نيته الإبقاء على جنود أمريكيين على الأرض الأفغانية بعد انتهاء المهام القتالية لقوات الناتو، "لكن فقط فى حال وافقت كابل على منحهم حصانة قضائية". وربما لا تشكل هذه الحصانة معضلة أمام واشنطن كون كرزاى يسارع وبقوة فى منح هذه القوات الحصانة فى حال طلب أمريكا لها، لكنه خلال خطابه الأخير حاول -متعمدا- عدم التطرق إلى المسألة الشائكة المتعلقة بالحصانة المحتملة للجنود الأمريكيين بعد 2014. ويبدو أن قوات الناتو لا يروق لها الانسحاب بهذا الشكل فى هذا التوقيت؛ كونها حتى الآن فى عداد المنهزم؛ فلا هى جاءت بالديمقراطية لأفغانستان ولا حققت الأمن، وهو ما يجعلها تحاول الانسحاب شكليا أو جزئيا، وهذا ما أعلنه الأمين العام لحلف شمال الأطلسى "أندرس فوغ راسموسن" قائلا: إن الحلف ينوى دعم أفغانستان بعد الانسحاب المرتقب، وإن الحلف سيقف مع أفغانستان حتى انتهاء المرحلة الانتقالية التى يفترض أن تتسلم فى نهايتها القوات الأفغانية إدارة الشأن الأمنى من القوات الأجنبية، مشيرا إلى وجود خطة لتشكيل مهمة جديدة تسمى "الدعم الحازم" للتدريب وتقديم المشورة ومساعدة القوات الأفغانية بعد 2014، وهو ما اعتبره البعض مجرد ذريعة للوجود هناك لأكبر وقت للضغط على حركة طالبان بالحوار مع النظام ومع الولاياتالمتحدة وهو ما ترفضه الحركة. ومن المعروف أن المفاوضات بين الحكومتين الأمريكية والأفغانية بشأن الاتفاقيات الأمنية قد بدأت فى أواخر العام الماضى، وتضمن الاتفاقية الثنائية المثيرة للجدل -فى حالة توقيعها- وجود الجيش الأمريكى فى أفغانستان لعدة سنوات، وهو ما ترفضه الحركات المقاتلة هناك، والذى ربما يتسبب فى حالة حدوثه فى استمرار الاضطراب والعنف من جديد، خاصة بعدما تنخفض أعداد القوات القتالية هناك.