يتصاعد الغضب الشعبى السنى فى العراق، فى ظل استمرار سياسات التهميش والقتل على الهوية، وسط رفض رئيس الوزراء نورى المالكى جميع المقترحات التى قدمها السنة، التى كان آخرها الاستقالة وتكليف شخصية شيعية تتمتع ببعض الحيادية لإدارة شئون البلاد، لحين إجراءات الانتخابات الجديدة. إزاء هذا التعنت بدأت الساحة السنية فى خطوات تنسيقية مع الأطراف السياسية وتمثيلية الأممالمتحدة بالعاصمة بغداد، نحو حفظ الحقوق السياسية وعدم الانزلاق فى الصراعات المسلحة التى ينتهجها المالكى الذى يتبع سياسات التفجيرات فى المناطق السنية، وأيضا الشيعية؛ لإثارة الشارع الشيعى ضد أبناء السنة، بما يمكنه من خلق ولاءات طائفية لمشروع الاستبداد والإقصاء ضد عموم العراق. وفى الإطار ذاته، تم تكليف الشيخ عبد الملك السعدى -ممثلاً عن المعتصمين السنة فى الميادين والشوارع- مهمة التفاوض مع حكومة المالكى من خلال الوساطة التى قامت بها الأممالمتحدة، التى لم يلتزم ببنودها الجانب الحكومى، ومن ضمنها (أن تتولى قوات الشرطة تأمين ساحات الاعتصام وانسحاب الجيش وفتح المنافذ الموصلة إلى المدن السنية). وكانت المدن والمحافظات السنية قد شهدت تظاهرات واعتصامات عديدة أمس الأول، تحت شعار "جمعة الخيارات المفتوحة"، كما وسعت القيادات السنية من تواصلها مع أطراف شيعية فى النجف والقيادات الكردية فى أربيل للدفع نحو التوافق السياسى لتنحية المالكى وتجنيب العراق الحرب الأهلية. تصعيد دستورى من جانبها، بدت القائمة العراقية التى يتزعمها إياد علاوى أقرب للقبول بتشكيل إقليم الأنبار فى غرب العراق، ردا على سياسات التهميش والإقصاء، رغم رفض بعض الأطراف السنية التى ترى مخاطر انفراط عقد العراق الذى قد يهدد الجميع. لكن تصاعد المجازر ورفض الحوار من قبل نورى المالكى، واستمرار إغلاق المدن والطرق وحصار المدن السنية واستدعاء قوات الجيش ضد اعتصامات السنة السلمية، يبدو أنه سيجعل المحرم مباحا سياسيا، على حد وصف رافع العيساوى، وزير المالية العراقى المستقيل، القيادى فى ائتلاف العراقية الذى يتزعمه إياد علاوى، خلال تصريحات إعلامية تناقلتها وكالة الأنباء الألمانية، أمس الأول. حيث أكد أن سياسات نورى المالكى، رئيس الحكومة العراقية التى تمارس التهميش والإقصاء للآخرين، ستكون سببًا لدفعنا إلى تشكيل إقليم الأنبار فى غرب العراق، مشيرين إلى أن "موضوع تشكيل أقاليم سنية فى المستقبل لا يزال محل انقسام فى نينوى والأنبار؛ لكن سياسات المالكى وأخطاءه الكبيرة هى التى ستدفع الجميع إلى القبول بالإقليم فى المنطقة الغربية". وحول مشروع إقليم الأنبار، يقول النائب عن القائمة العراقية، أحمد العلوانى، فى تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: "مشروع تشكيل إقليم الأنبار هو مشروعى، وكنت قد جمعت قبل عامين تواقيع لتنفيذه وقد انتقدنى البعض، لكن أهالى الأنبار من علماء دين وشيوخ عشائر وسياسيين يقرون اليوم بأهميته نتيجة ممارسات حكومة المالكى بتهميشنا وحرماننا من الوظائف العامة والإخلال بالتوازن الوطنى وعدم تخصيص الميزانية كما يقرها الدستور". وأشار العلوانى -وهو أحد قادة الاعتصامات فى الرمادى- إلى أن "تشكيل الإقليم مسألة دستورية قانونية، ومن كتب الدستور وسمى العراق دولة اتحادية يقف اليوم ضد تطبيق الدستور، ويزعم أن الفيدرالية تؤدى إلى تقسيم العراق، بينما الصحيح هو أن الفيدراليات تحافظ على البلد من التقسيم". وأضاف أن "الأمور إذا بقيت على هذا الحال فنظام الحكم ذاهب لا محالة نحو ديكتاتورية يقودها حزب الدعوة الذى يتزعمه رئيس الوزراء"، مؤكدا أن الأحداث ستشهد تصعيدا خلال الأيام المقبلة، وسيتم جمع التواقيع للمطالبة بتشكيل إقليم الأنبار؛ لأن أهالى المحافظة لا يريدون أن تتعامل معهم الحكومة كمواطنين من الدرجة الرابعة، ولا يريدون أن يكونوا تحت سيطرة حكومة يترأسها المالكى". تصالح المالكى مع الأكراد على صعيد آخر، أنهى الوزراء الأكراد مقاطعتهم الحكومة يوم الخميس الماضى، بعد قرار رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزانى عودتهم ونواب التحالف الكردستانى إلى اجتماعات مجلسى الوزراء والنواب، بعد تفاهمات أجريت بين بغداد وأربيل بشأن القضايا الخلافية. حيث وقع مع المالكى على اتفاق ينص على "تشكيل لجنة لتعديل قانون الموازنة العراقية العامة للعام الحالى، ولجنة لإعداد قانون للنفط والغاز مع قانون لتوزيع الواردات النفطية فى البلاد وتمريرها فى البرلمان، وتشكيل لجنة لتحديد الحدود الإدارية فى المناطق المتنازع عليها، وهو الأمر الذى يفسره المراقبون على أنه للضغط على السنة". وكان الوزراء والنواب الأكراد قد بدءوا مقاطعة جلسات الحكومة والبرلمان فى فبراير الماضى؛ احتجاجا على عدم إقرار مجموع الأموال التى كانوا يطالبون بها والمخصصة لشركات النفط الأجنبية العاملة فى الإقليم، فى الموازنة العامة للبلاد. يذكر أن الأكراد ممثلون بمجلس الوزراء بنائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية روز نورى شاويس، ووزير الخارجية هوشيار زيبارى، والتجارة خير الله بابكر، والصحة مجيد محمد أمين، ووزارة الهجرة والمهجرين ديندار دوسكى.