"أول صديق وأخ لى يزف إلى السماوات شهيدا مجاهدا على أرض قوم لا يربطهم به سوى دين الله والإنسانية، سلام ورحمة ونور وبركة عليك أخى محمد محرز وبردا وسلاما وسلوانا ورباطا على قلبك أختى شيماء على وابنتكما النديّة ندى".. لم تكتف الدكتورة داليا يونس، بأن ترثى زميلها الجامعى بهذه الكلمات من خلال مدونتها الخاصة بل ذهبت لأبعد من ذلك حينما فكرت فى إطلاق أول ألبوم غنائى توثيقى عن أول شهيد مصرى فى سوريا. يلا تنام ندى عن هذه التجربة والفكرة تقول داليا يونس: ربطتنى بمحمد محرز علاقة زمالة وأخوة منذ سنوات طويلة، حينما كنت أدرس الطب فى جامعة عين شمس وكان هو يدرس الحقوق فى الجامعة نفسها وكان بيننا الكثير من الأصدقاء المشتركين، لذلك حل خبر استشهاده علىّ كالصاعقة، خاصة أنه عرّفنى على زوجته شيماء وابنته التى لم تكمل عامها الأول قبل وفاته، وكنت أعرف عن قرب مدى تعلقهما به، فتذكرت على الفور أغنية (يلا تنام ريما) للمطربة الكبيرة فيروز لأنها أغنية من التراث الشامى، لكن فيروز أعادت تقديمها بأسلوبها فى فيلم بنت الحارس". وتضيف: "لأننى تركت الطب وأعمل حاليا كاتبة فى مجال الإعلانات فأصبحت لدىّ خبرة كبيرة فى إعادة صياغة الأغنيات كى تعبر عن حدث أو شخص جديد، وقمت بتأليف وتسجيل كلمات أغنية "يلا تنام ندى" بصوتى، وحينما علم أحد الأصدقاء بهذه الفكرة تطوع بأن سمح لى أن أسجل الأغنية فى الاستوديو الخاص به بالمجان، وبالفعل سجلت الأغنية ولم أحتج لإعادة تلحينها؛ لأن لحنها هادئ جدا، فهى تغنى للطفل كى ينام، كما أننى أعدت صياغة كلماتها على طريقة أغنيات التراث الشامى التى تحكى عن أبطال الشام، وبعد إتمام تسجيل الأغنية أرسلتها لزوجة محمد محرز التى فرحت كثيرا بها، ووصفتها بأفضل هدية أتتها بعد استشهاد زوجها". وتقول كلمات الأغنية:" يللا تنام ندى يللا يجيها النوم، يللا تحب الصلاة يللا تحب الصوم، يللا تجيها العوافى كل يوم بيوم، يللا تنام يللا تنام، لادبحلها طير الحمام، روح يا حمام لا تصدق بضحك عاندى تاتنام، ندى حلوة وزغيرة وقصتها قصة كبيرة، بيّها شهيد وإمّها مجدها عم بيشعّل غيرة، يا شيماء احكيلها عن مجد بيّها، جاهد بغزة وبسوريا الغالية، واصطفاه ربه بالمكانة العالية، احكيلها قصة التحرير وقصة الحب الكبير، وكيف بنيتو بيت زغير، عالجنة فيكن راح بيطير، محمد بيضلّو بالبال، بليالينا البرد شال، وراح منحقق اللى قال، ونجيب له بشار فى شوال". ألبوم حواديت تستكمل "داليا" رحلتها مع الألبوم قائلة: بعد نجاح هذه الأغنية تحمست كثيرا لعمل ألبوم غنائى كامل يوثق ويحكى بلغة فنية مرتبة لماذا فكر محرز فى السفر والجهاد بسوريا؟ وكيف عاش حياته هناك وعلى مَن تعرف؟ وكيف استشهد؟ وكلها أسئلة تجيب عنها أغنيات الألبوم بهذا الترتيب نفسه، ولأنه أول ألبوم عن أول شهيد لا بد أن يكون مختلفا وصادقا بكل المقاييس. وتشير إلى أن الألبوم يهدف إلى أن يتعلم الناس ويتعظوا من حياة الشهداء، لذلك سنرفق مع كل أغنية القصة الكاملة وراءها وسبب تقديمها، خاصة أن كل الروايات التى نشرت عن محرز بعد استشهاده تتركز عن حياته كمجاهد مسلم وابتعدت كثيرا عن تفاصيله الإنسانية التى لا يعرفها سوى أقرب المقريين منه . يسهم فى تنفيذ الألبوم مع داليا متطوعتان هما أروى محمود وريم فتح الباب، وبحثت داليا كثيرا فى أغنيات التراث السورية حتى وصلت لخمس أغنيات سيتضمنها الألبوم بعد إعادة صياغتها، وهذه الأغنيات هى: "يا غزيل يا أبو الهيبة، هلا لا لا ليا، ها الأسمر اللون، يا ما مويل الهوا، يا مايلة على الغصون"، لكن فريق العمل المتطوع تواجهه حاليا مشكلة كبيرة، وهى حاجتهم لمتطوعين يجيدون العزف على آلات الكمان والعود وآلة من آلات النفخ ولتكن الناى أو الفلوت، وهى آلات بسيطة جدا، لكن الموسيقيين الشوام اعتمدوا عليها بكثرة فى أغنيات التراث، ووجودها فى تسجيل الأغنيات الجديدة مهم جدا لإضفاء نفس الروح الحماسية والبطولية عليها، لذلك أطلق فريق العمل على مواقع التواصل الاجتماعى إعلانا يطلب فيه عازفين متطوعين للمشاركة فى تنفيذ ألبوم الشهيد . قصة كل أغنية أوضحت داليا فى أول تصريحات لها عن الألبوم ل"الحرية والعدالة" قصة كل أغنية سيضمها الألبوم فقالت: "يا مايلة على الغصون" تعود قصتها لرؤية شاهدتها صديقة شيماء زوجة محرز عن أن محمد يزف لعروس أخرى لكنه يتركها وينزل من الكوشة ليشارك الأطفال اللعب . تتحدث فى أغنية "يا ما مويل الهوا" سوريا الجريحة عن الشهيد الذى ترك وطنه وأسرته ليدافع عنها ويحررها، وكيف مشى على أرضها وكيف دفع روحه راضيا فى سبيل تحريرها. أما أغنية "هلا لا لا ليا" فتحكى سبب نفير محمد محرز للجهاد فى سوريا بعدما جاهد فى غزة حينما شاهد مقطع فيديو لمجاهد سورى اعتقلته شبيحة الأسد وأوسعوه ضربا وتعذيبا، وقبل أن تسلم روحه لبارئها سألوه عن أمنية يطلبها، فقال: أرى زوجتى وأبنائى، فهدده الشبيحة باغتصاب زوجته، فرفض أن ينطق بمكانها، وفضل أن يتوفى دون أن يودّعها هى وأبناءه، وظل يردد "مرتى بنت عمى وتاج راسى"، إلى أن لاقى ربه شهيدا بإذن الله، وتعبر كلمات الأغنية عن وقع مقطع الفيديو هذا فى نفس محرز بكلمات تقول: "سمع الشريف يهتف مرتى تاج راسى، صرخ برأسه النفير هقتلهم وحدى".