تكثر شكوى الأمهات من ضعف شهية صغارها للطعام، خاصة فى السن من 3 سنوات حتى 6 سنوات؛ وغالبا ما تدفعهم لتناول طعامهم بالصراخ والأوامر والتهديدات، ثم تبدأ بالتململ والشكوى للغير بأن طعام صغارها غير كاف على الإطلاق، فيظل شغلها الشاغل هو كيف تدفعه لتناول الطعام بشهية. بعضهن يلجأ إلى أدوية فاتحة للشهية، وبعضهن يتبع أساليب فنية لتقديم الطعام، والبعض الآخر يظل صوت الصراخ والتهديدات هو السائد على سفرة الطعام، وما لا نعرفه كأمهات أن شهية أطفالنا هى عنوان رئيسى لنفسيتهم، وربما كانت وسيلة فعالة للحصول على اهتمام الأم وعنايتها به. معركة المائدة وقد يكون فقدان الشهية عرض فسيولوجى، فإصابة الطفل بالتهابات الحلق، اللثة، إصابة الجهاز التنفسى بفيروس ما، والأنيميا، كلها أسباب تفقده شهيته للطعام؛ لكنها تزول مع زوال السبب، وقد يكون نفسيا أيضا فقد الطفل بسبب طريقة تناوله الطعام تشعره بالقلق، وأنه مراقب مما يدفعه إلى الحرص والحذر من تلقى أى نقد. تقول أم عامر: "استغللت حب طفلى لمادة العلوم فطوعت درس أنواع الأغذية فى وجباتنا فمثلاً عند تناول وجبة الغداء نتسابق لأى فئة ينتمى الأرز؟ وطبق السلطة؟ ثم أسأله: هل ترى أن وجبة الغداء اليوم متوازنة صحيا أم ينقصها نوع غذائى معين؟ كذلك أحدثه عن أن البروتين مثلا ينمى العضلات أو أن السبانخ غنية بالحديد والمعادن". بينما فقدت أم عالية الأمل فى أن تتناول طفلتها الطعام كباقى أقرانها فتقول: "مللت ملاحقتها بالطعام، فمنذ صغرها وشهيتها ضعيفة جدا، ولكنى لاحظت أن شهيتها تفتح فى حالة وجودها بمكان رحب وواسع، فتنشغل بمتابعة الناس فتفتح فمها وتمضغ الطعام دون أن تعى تماما بأنها تتناول الغداء، لذلك من وقت لآخر أصحابها للنادى أو أحد المطاعم لتأكل بشكل أفضل". أسباب نفسية تقول صوفى كاركان -صاحبة كتاب 100 قصة لحل مشاكل الأولاد-: "لا تخلطى بين مخاوفك الخاصة فى دورك أمًّا ومشكلة الطعام الحقيقى، ولا تجزعى من مستوى شهية طفلك، فشهية الكبار كذلك ليست على مستوى واحد، قللى حصص الطعام، فكلما كانت حصصهم كبيرة أصابتهم بالفتور ليقول لك (لن أتمكن من تناول كل هذا)، لا تجعلى من الوجبات مناسبة لتصفية الحسابات، ذكريه ببعض القواعد كأن: (هذا جسدك أنت وليس جسدى، ولذلك فعليك أن تأكل لنفسك وليس لى- يجب أن نأكل معا وليس على انفراد- لن تتناول أى طعام بعد مغادرتك للمائدة- يحتاج جسمنا لكل أصناف الطعام حتى نبدو بصحة جيدة - لا أطلب منك أن تحب كل ما قدم لك فمن حقك أن ترفض وأن تحب كل أنواع الطعام". ويوضح د. حمدى شعيب -استشارى أطفال وخبير تربوى- أن "المشكلة أن الوالدين لا يضعان أنفسهما مكان طفلهما الذى يمارسان عليه ضغطا نفسيا كبيرا، لذا دائما ما أسأل الوالدين ماذا لو أجبرتكما على تناول الطعام تحت التهديد أو الصراخ والعصبية؟ ماذا لو أجبرتكم على تناول وجبة لا تحبونها؟ فهل ستعتبرون دعوتى هذه حفاوة وحب لكما؟ بالتأكيد ستكون الإجابة رافضة لذلك السلوك". لذلك ينصح الأمهات "بتفهم نفسية الصغير وأن ترتقى بالثقافة الغذائية، وذلك من خلال المعرفة الجيدة بالاحتياجات الضرورية من الطعام بالنسبة لكل سن من حيث النوع والكمية، وكذلك بالمعرفة الجيدة بمكونات الوجبات الرئيسية، فلا تقدم الأم فى الفطور مكون من مكونات الغداء، كما أن قتل الروتين الغذائى يجدد شهية الطفل بمراعاة التنويع اليومى فى مكونات الوجبات الثلاث، وإشراك الصغار فى الحديث فى أثناء تناول الطعام الذى يحطم الصمت ويقرب المسافات بين أفراد الأسرة، وعلى الأم تجنب الصمت ومتابعة التلفاز التى تدفع للسرحان، كذلك إلزام الطفل بإنهاء طعامه فى وقت محدد، ثم رفعه بعد انتهاء المدة دون عتاب أو توبيخ، ولا أنصح الأمهات بالعقاب أو استخدام العنف حتى لا يثير عناد الأطفال وكراهيتهم للأكل ويربط ذهنهم بين العقاب والأكل، وبالتأكيد أنصح باستخدام الدعم الإيجابى من خلال التشجيع والتقدير والمكافأة الرشيدة للاستجابة". موعد الطعام فرصة للمرح وينصح حمدى شعيب الأمهات بشكل عام تناول أطفالهن وجباتهم دون تمرد باتباع التالى: - حاولى تجاهل متابعة الطفل فى تناول الطعام وراقبيه من بعيد فقط لترصدى شهيته. - لا تجعلى من شهية صغيرك موضوعا للتداول بين أفراد الأسرة، فاحتفظى بخصوصياته فى إطار أسرتك الصغيرة حتى لا يتحول لموضوع سخرية من الجميع. - تحدثى معه بهدوء، وحاولى أن تفهمى سبب رفضه للطعام أو فقدان شهيته، فبعض الصغار يرفضون تناول البازلاء؛ لأنهم يعتقدون أنها ستقف فى حلقهم، وبعضهم يرون أن ذبح الكبار للطيور وحشية، واسأليه عما يحب لتعديه له فى الغد. - حاولى أن تدخلى على الوجبة الألوان المبهجة، كأن تدمجى البسلة مع الجزر بجوار قطعة البانية. - حولى أوامرك لسؤال بسيط: هل شبعت؟ هل ترغب فى المزيد؟ لتشعريه باهتمامك بشكل غير مباشر. - قدمى له وجبات تلبى رغباته، فإن كان يحب البطاطس مثلا، فلا مانع من تقديمها مع حبوب البازلاء والجزر وقطعة لحم صغيرة. - الكثير من الصغار لا يحبذون "السبانخ" مطبوخة؛ لذا فلتدخليها لطعامهم بشكل جديد كأن تكون حشوا للفطائر والمعجنات، كذلك بعضهم يرفض تناول الخضروات لذا فلتزينى بها البيتزا. - يفضل أن يتناول جميع أفراد الأسرة طعامهم معا حتى تحل البركة مع الجماعة بخلاف أنها تضيف جوا حميما وتشجيعا لفتح شهية الصغار. - قدمى للصغير كمية قليلة من الطعام فإن أنهاها تضيفى له المزيد، وبهذا سيشعر أنه أنجز مهمة ومقبل على الأخرى مما تحفزه؛ لأن ينهى طعامه بسرعة. - كونى قدوة لصغيرك، فتناولى وجبتك الصحية دون أن تبقى بطبقك شيئا. - أبدعى فى تقديم طبق الخضراوات الغنى بالفيتامينات والمعادن، وابتعدى عن تقديمه بشكله التقليدى. - حولى طبقه للوحة صغيرة كأن تصنعى من الأرز جبل والخس أعشاب، أو تصنعى وجها ضاحكا بعيون زيتونية وفم من قطعة طماطم. - امنعى تناول الأطعمة المحببة للطفل قبل الوجبة بساعتين تقريبا مثل العصائر، الشيكولاتة، الشيبسى. - قسمى الوجبة لعدة حصص صغيرة موزعة خلال اليوم. - اطلبى من الطفل أن يساعدك فى تحضير الطعام. - اتركى له مساحة يتناول فيها طعامه مع الأصدقاء والأقارب.