"المحتال" أو البهلوان أو "البلياتشو" أو "الأرجواز" مفردات لمعنى واحد هو المهرج، فالمهرج أو البهلوان شخصية تضحك وتكون أضحوكة أيضا، وغالبا ما تمارس هذه الشخصية وظيفتها على المسرح والسيرك أو فى أفلام السينما برامج التليفزيون، ولكن الجديد فى مصر أننا نراها على المسرح السياسى وعلى صفحات الصحف وبرامج "التوك شو" حتى ضاق المهرج الحقيقى لكثرة وتدنى من يلعبون دوره! وإذا كان أقصى حلم المهرج فى السيرك أو على المسرح أن يحصل على جنيهات قليلة يسد بها رمقه، فالمهرجون الجديد فى فضائيات رجال أعمال مبارك قد يحصلون على مبالغ خيالية قد تصل إلى 16 مليون جنيه سنويا! أما مهرجو السياسة فحدث ولا حرج، فمن المكن أن تجد أحدهم يحصل على عطايا تصل لعدة مليارات دولار عند عودته من زيارة خاطفة لدولة تكره الثورات وتكرس الاستبداد ولديها استعداد أن تبدد ثرواتها النفطية على مهرجى السياسة ليس فى مصر فقط بل فى كل دول الربيع العربى. تمويل القائمين بدور "المهرج"، سواء كان مهرجا إعلاميا أو سياسيا، أصبح صناعة ثقيلة تمول من أجله الفضائيات والصحف وتأسس له الأحزاب والائتلافات والحركات، المهم أن يقوم "المهرجون" بدورهم المرسوم لهم، ومن يستطيع أن يكون أكثر "هرجا" وإحداثا للفوضى يحصل على نصيب الأسد من من فاتورة الأموال المنهوبة والمتهربة من الضرائب، ويتم دعوته من دول عربية وأجنبية لرحلات الشتاء والصيف التى يعودون منها بزيادة كبيرة فى أرصدتهم حتى لو كان الثمن خراب وطن بأكمله. وإذا كان المهرج الحقيقى -رغم حصوله على جنيهات قليلة- يهدف للترفيه عن مشاهديه، فمهرجو السياسة والإعلام الذين يحصلون على الملايين لا يتركون مشاهديهم إلا فى حالة نفسية سيئة، فالبعض ينعق بالخراب والإفلاس، والآخرون كل مهمتهم نشر الأكاذيب والتبشير بفشل الثورة، لدرجة أن يطالب بعضهم بالعودة لحكم العسكر لتمهيد الساحة السياسية لعودة مرشح رئاسى خاسر جعلوه منذ خروجه للعمرة فى ولاية "دبى" على خزائن المنح والعطايا لأصحاب الأحزاب والائتلافات والحركات والمؤسسات الإعلامية. مهرج سياسى آخر من زمن مبارك استغل زيارته لإحدى الدول الأوروبية الصناعية الكبرى -وبدلا أن يرد جزءا بسيطا من جميل الوطن عليه مقابل المناصب التى تقلدها بأمر وتزكية من مبارك- يطالب هذه الدولة بعدم الوقوف بجوار مصر؛ كرها فى رأس النظام! مهرج آخر استطاع أن يجمع بين الدورين "مهرج سياسى وإعلامى"، يعنى اثنين فى واحد.. و"الحسابة بتحسب"، فهذا "المهرج" تستعين به قنوات الفلول مقابل مبالغ مالية للظهور فى أحد برامجها ولكنه غالبا ما يخرج عن النص، فبدلا أن يقوم بشيطنة النظام والحكومة والتبشير بالخراب وفشل الثورة فقط كزملائه من المهرجين نجده يركز على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة حتى يصبح "الرئيس"! والحديث حول مهرجى والإعلام لا ينتهى، فالأمر لم يتوقف على مجموعة مهرجى "السى بى سى"، سواء فى برنامجهم الباسم أو برامج ال"توك شو"، التى تشعر وأنت تشاهدها أنك أمام مجموعة من المهرجين الفشلة، الذين لا يصلحون سوى منادين فى مواقف السرفيس، ونهاية بمهرج قناة الحياة "البنى آدم" الذى يصلح "أرجواز شعبى" فى باب الشعرية. أما مهرجو السياسة من أصحاب الأحزاب والائتلافات والجبهات الممولة من أعداء ثورتنا فحدث ولا حرج، فكل سياسى مهرج، مع الاعتذار للمهرجين المحترمين، الذين أدخلوا على نفوسنا البسمة قبل أن نرى وجوها لا تأتى بخير، إنهم "المهرجون الجديد فى السياسة والإعلام".