أثارت قرارات مؤتمر أصدقاء سوريا الذى اختتم أعماله فى العاصمة الإيطالية روما الخميس الماضى، غضب المعارضة السورية التى خرجت "خالية الوفاض"، بعد الوعود البراقة التى أعلنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بتقديم مساعدات نوعية للمقاومة، إلا أنها تحطمت على صخرة المخاوف من وصولها إلى أيدى من يستخدمها ضد أهداف غربية أو إسرائيل، أو الغرق فى المستنقع السورى. واكتفى الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة بالإعلان عن تقديم مساعدات عسكرية "غير مميتة" تشمل عربات مدرعة ومعدات عسكرية غير قتالية ومساعدة فنية، بجانب إمدادات غذائية وطبية، و60 مليون دولار فى شكل مساعدة لا تشمل أسلحة متطورة، لدعم جهود المعارضة. ومع انتهاء أعمال المؤتمر -الخميس- قال الاتحاد الأوروبى: إنه عدل حظر توريد السلاح لسوريا؛ ليسمح بتوريد عربات مدرعة ومعدات عسكرية غير فتاكة، كما أعلن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أن بلاده تعتزم لأول مرة تقديم مساعدات "غير مميتة" تشمل إمدادات غذائية وطبية لمقاتلى المعارضة السورية؛ مما خيب آمال المعارضة التى تطالب الغرب بتزويدهم بالسلاح. وقال البيان الختامى للمؤتمر: إن الدول ال11 التى شاركت فى الاجتماع الذى استمر يوما واحدا: "سوف ينسقون جهودهم بشكل وثيق للمساهمة بأفضل السبل لتمكين الشعب السورى ودعم القيادة العسكرية العليا للجيش السورى الحر فى جهودها الرامية لمساعدة الشعب فى الدفاع عن نفسه". إحباط المعارضة الرفض الأمريكى المتواصل لإرسال أسلحة يزيد من شعور المعارضة بالإحباط الذى دفعها إلى أن تعلن الأسبوع الماضى أنها ستقاطع محادثات روما، غير أنها بدلت موقفها عقب الوعود الأمريكية بتقديم مساعدات نوعية، إلا أن النتائج التى صدرت عن المؤتمر، دفعت البعض للقول إن المعارضة عادت ب"خفى حنين" من روما، فى وقت يواصل حلفاء نظام الأسد -روسياوإيران- تقديم مختلف أنواع الدعم للأسد للبقاء فى منصبه. والمساعدات التى أعلن عنها كيرى لم تلب مطالب الثوار بتقديم أسلحة متقدمة مضادة للدبابات والطائرات للمساعدة على تحقيق التوازن فى مواجهة قوات الأسد، كما لم تصل إلى حد تقديم أشكال أخرى من المساعدة غير المميتة مثل الدروع الواقية من الرصاص وحاملات الجند المدرعة وتدريب المقاتلين. وكان كيرى قد قال فى وقت سابق الأسبوع الماضى: إنه لن يترك المعارضة السورية "فى مهب الريح"، بسبب عدم تيقنها من الحصول على الدعم، لكن البيت الأبيض ما زال يقاوم تقديم السلاح للثوار، ويقول: إنه ليس هناك ما يضمن عدم وصولها إلى أيدى المقاتلين الذين ربما يستخدمونها فى نهاية الأمر ضد أهداف غربية أو إسرائيلية. حسابات أمريكية خاصة! ويرى مراقبون أن الموقف الأمريكى يشهد بعض التحول لكنه تحول يأخذ وقتا بسبب جولات التفاوض مع أطراف دولية أخرى كالروس والأوروبيين والفرنسيين، فالمواقف الأوروبية نفسها تبدو منقسمة؛ حيث إن ألمانيا والسويد تعارضان تسليح المعارضة، وبالتالى لا يمكن الاتفاق حول موقف أوروبى موحد؛ وهو ما يطيل أمد هذه المفاوضات. وأشاروا إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية هى ترجمة لموقف مشترك بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض، والرئيس باراك أوباما يرفض تسليح المعارضة؛ لأن الأولوية لديه فى الشرق الأوسط هى لملفات إيران وإسرائيل وفلسطين، كما أنه يرغب فى تفادى الغرق بالمستنقع السورى والتركيز على مشاكل داخلية أمريكية. فالموقف الأمريكى اليوم لا يزال يميزه التذبذب؛ لأن لديه حسابات خاصة، فنجده أحيانا يدعم المعارضة وأحيانا يخفف من دعمه لها، استنادا للعلاقات مع روسيا والدول الأوروبية ومصالح الإسرائيليين، ولا ينبغى انتظار تغيير حاسم فى الموقف الأمريكى من الوضع السورى.