يقضى بانتخاب نواب كل مذهب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ووفق النظام النسبى "المستقبل": "يوم أسود" والرئيس يرفضه وعون ل"الكتائب" والقوات: "زواج مارونى" فى خطوة سياسية يصفها المحللون بأنها انطلقت من حسابات طائفية قد تدفع بلبنان نحو مزيد من الصراعات السياسية، صوّت أكثرية أعضاء اللجان النيابية المشتركة بمجلس النواب الثلاثاء الماضى بالموافقة على مشروع قانون "اللقاء الأرثوذكسى" الذى يقضى بانتخاب نواب كل مذهب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ووفق النظام النسبى. وقد انسحب نواب كتلة "المستقبل" و«جبهة النضال الوطنى» والمسيحيون المستقلون وأحد نواب «الكتائب» ونائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت، من جلسة اللجان احتجاجا على عدم الأخذ باقتراحهم تأجيل الاجتماع 48 ساعة من أجل البحث فى مشروع توافقى مختلط يدمج بين النظامين الأكثرى والنسبى.. فيما أيده تكتلا «التغيير والإصلاح» و«التيار الوطنى الحر» اللذان يتزعمهما العماد ميشال عون، و«أمل» و«حزب الله» و«القوات اللبنانية» باستثناء نائب واحد، و«الكتائب» باستثناء نائبين. ردود فعل غاضبة وأثار تصويت أكثرية اللجان النيابية المشتركة على المشروع ردود فعل غاضبة، فعدّه زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريرى «يوما أسود فى تاريخ التشريع اللبنانى»، كما عدت كتلة نواب المستقبل برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، التصويت على «ما سمى خطأ المشروع الأرثوذكسى أدخل لبنان فى منزلق خطير يهدد بتدمير ما سبق أن عرفه من قيم وطنية وعيش مشترك واعتدال". وأعلنت كتلة «المستقبل» أنها لن تحضر الجلسات بعد الآن، فيما علق نواب «جبهة النضال» حضورهم لها إلى أن يعود البحث بالمشاريع الأخرى التى سبق أن طرحت ومنها مشروع «تيار المستقبل» ومشروع «الحزب الاشتراكى» حول اعتماد مشروع مختلط بين النسبى والأكثرى. كما أثار التصويت حفيظة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذى سبق أن عده مخالفا للدستور، ملمحا إلى أنه سيطعن فى دستوريته، مبديا استعداده للعب دور من أجل حصول التوافق على مشروع بديل من "الأرثوذكسى"، مشيرا إلى أن الطعن على عدم دستورية القانون الأرثوذكسى فى حال إقراره فى الجلسة العامة للبرلمان لاحقا، سيقبل من المجلس الدستورى المختص بالنظر بدستورية القوانين. كما انسحب ممثل الجماعة الإسلامية النائب عماد الحوت من جلسة اللجان المشتركة اعتراضا على الإصرار على التصويت بالمخالفة للمادة 36 من النظام الداخلى والتى تنظم أعمال اللجان المشتركة، معلنا تعليق مشاركته فى اجتماع اللجان المشتركة حتى عودة أعمالها إلى ما يتوافق مع النظام الداخلى القاضى بطرح كافة الآراء والاستماع لمقترحات جميع النواب. فيما تظاهر مساء الثلاثاء الماضى أمام المجلس النيابى ناشطون فى «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات»، وأغلقوا الطريق أكثر من ساعة فى وسط بيروت، احتجاجا على التصويت. زواج مارونى وفى المقابل، عدّ العماد ميشيل عون -رئيس التيار الوطنى الحر- أن التصويت فى اللجان النيابية لصالح المشروع هو «اليوم الأنصع بياضا» فى رد مباشر على تعليق الحريرى عليه. واتصل عون بكل من رئيس «حزب الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية والأمين العام لحزب «الطاشناق» هوفيك مخاتريان، مثمنا دعمهم المشروع، معتبرا إياه إنجازا. واستبعد عون أن يتغير الموقف فى الجلسة العامة للبرلمان؛ حيث يفترض أن يحصل المشروع على الأكثرية فى حال التصويت عليه. ووصف تأييد «الكتائب» و«القوات» له بأنه «عقد زواج مارونى». وفسر العماد عون موقفه بأن اللجان النيابية غير الهيئة العامة وأنه كان ملزما باتباع مسار التصويت فيها بعدما جرى الاتفاق على أن يطرح المشروع الذى حظى بأوسع توافق من قبل فى آلية عمل اللجان، وأنه سيطرح المشاريع الأخرى بما فيها مشروع الحكومة لاحقا. الأمر الذى استنكرته كتلة «المستقبل» قائلة إنها تشك فى وعد نبيه برى -رئيس مجلس النواب- بالبحث عن مشروع توافقى «لأنه هو الذى دعا نواب عون إلى استعجال التصويت على المشروع الأرثوذكسى، وهو على ما يبدو غير قادر إلا على مراعاة ما يريده عون وحزب الله على أساس أنه كان وعدا بعدم التصويت على المشروع، وباعتماد نصاب اجتماع اللجان النيابية على أساس النصف + واحد، لكنه احتسبه على أساس عدد الحضور، وحديثه عن البحث عن بدائل فى الأيام العشرة التى علّق فيها الاجتماعات النيابية قبل دعوة الهيئة العامة ليس التزاما بذلك، بل مجرد إبداء حسن نيات قد تنتهى بدعوتنا للعودة عن مقاطعتنا للهيئة العامة نحن وجبهة النضال تمهيدا لطرح الأرثوذكسى على التصويت وإقراره.. وإذا كانت الموافقة النهائية على "الاقتراح الأرثوذكسى" منوطة بالهيئة العامة لمجلس النواب، إلا أن إقراره فى اللجان المشتركة سيمهد الطريق أمامه لإقراره فى جلسة تشريعية سيدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه برى قريبا، لأن النصاب القانونى سيكون متوافرا من جانب نواب "8 آذار" ومعهم نواب "الكتائب" و"القوات". بلقنة لبنان ومع قرب إقرار القانون الانتخابى، تبقى لبنان مفتوحة على مستقبل تحكمه الطائفية ويعود بها إلى تاريخ ما قبل الحرب الأهلية، الأمر الذى يخشاه قطاع واسع من اللبنانيين، الذين يتخوفون من أن يؤدى الاقتراح إلى تفتت لبنان الموحد إلى طوائف ومذاهب ويكرس فيدرالية الطوائف -بحسب النائب عن كتلة المستقبل محمد القبانى فى تصريحات صحفية- وأنه خطوة كبيرة فى مشروع انتحار جماعى، يشكل بداية النهاية للبنان الموحد وخطوة على طريق تقسيم لبنان، بدءا من نظام سياسى يعتمد فدرالية المذاهب وصولا إلى أن يحصل فى يوم من الأيام عملية تقسيم لبنان جغرافيا إلى كانتونات مذهبية".