* أحمّل الداعين للجمعة الأخيرة مسئولية الاعتداء على طاقم القناة * المتظاهرون الحقيقيون غابوا عن التحرير فانتشر التحرش والبلطجة * البلطجية استولوا على الأجهزة ثم تركوها مقابل 3500 جنيه * بعض القنوات تستخدم أدواتها للتلاعب.. ومتظاهرو الميدان لم يتجاوزوا ال500 * الإعلاميون فى حاجة إلى نقابة وحزمة تشريعات لحمايتهم خلال أداء عملهم "مصور مراسل.. أنا بردو نازل نازل".. شعار رفعه طاقم قناة "مصر 25"، منذ عام مضى، حينما تم اعتقال 6 من مراسليها ومصوريها خلال أحداث العباسية، وأعادوا رفعه خلال الأحداث الجارية، وكرره أحمد عبد العليم "مراسل القناة" بعد الاعتداء عليه وملاحقته وإرهابه خلال أحداث الجمعة الأخيرة التى دعت إليها ما تسمى إعلاميا ب"جبهة الإنقاذ". ورغم قلة الإمكانات مقارنة بالقنوات الأخرى، إلا أن عبد العليم وزملاءه أصروا على نقل الحقيقة فكانت النتيجة هجوم البلطجية بميدان التحرير على طاقم القناة، والاعتداء عليهم، والاستيلاء على أجهزة البث... "الحرية والعدالة" التقت عبد العليم عقب الاعتداء عليه، وأجرت معه هذا الحوار.. * بداية.. كيف تم الاعتداء عليك وعلى طاقم القناة؟ الواقعة حدثت عصر الجمعة، تحديدا فى تمام الساعة الثالثة، عندما كنت على الهواء مباشرة، حيث فوجئت ب"الساوند مان" أحد أفراد الطاقم، يلفت نظرى لوجود 3 بلطجية وجهوا حديثهم لى مباشرة، قائلين: "انت بتاع مصر 25؟.. انزلوا يلا معانا"، وأود أن ألفت الانتباه إلى أنهم كانوا مدركين تماما ما يقومون به، فجذبوا المايك بعناية وتجنبوا الظهور فى "الكادر". * وهل كنتم بوسط الميدان أم أين تحديدا؟ "لو كنا نزلنا الميدان مكناش طلعنا منه تانى".. لكننا قررنا الخروج على الهواء من أحد الفنادق المطلة على الميدان، وموظفو الاستقبال أخبرونا أن كل جمعة يأتى مجهولون للسؤال عن طاقم القناة، وبناء على ذلك حجزنا أول أمس على سطح الفندق حتى نستطيع العمل دون تشويش أو هجوم محتمل. * وماذا حدث عقب قطع الهواء؟ حاولنا النزول من الفندق وجمع معداتنا، إلا أن البلطجية ال3 منعونا استدعوا أقرانهم من الميدان، إلا أننى تمكنت من النزول بمعاونة الزميل عبد الهادى حريبة "النيل للأخبار" بعد أن ركلونى فى قدمى، ثم جريت من السلم الخلفى بصحبة طاقم القناة، لكن البلطجية استولوا على جهاز البث المباشر الذى يبلغ ثمنه 150 ألف جنيه، وأخذوا تلك الأجهزة بالإضافة لهاتفى وجهاز "الأيباد" واختفوا بين متظاهرى الميدان. وجاء وسيط لباسم الجيزاوى "مدير الإنتاج بالقناة" يطرح التواصل مع البلطجية لإعادة الأجهزة مقابل تسليمى لهم، غير أنه رفض بالطبع، فكان البديل إعادة الأجهزة مقابل مبلغ 3 آلاف جنيه و500 جنيه للوسيط. وبالمناسبة، من هاجمونا قالوا فى وسط حديثهم إنهم عرفوا مقر مكتب قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وسيذهبون إليهم لمهاجمتهم. * من هؤلاء؟ ولمن تحمل مسئولية ما حدث لك؟ يُسأل عنهم من دعا للمليونية وليس من يقومون بأداء واجبهم، وأذكر جيدا ما تداوله البعض من مزاعم حول إرسال الإخوان لمتحرشين خلال الجمعتين الماضيتين لفض المظاهرات، وأقول لهم: كان الأولى أن يفعل ذلك مبارك ونظامه إلا أنه لم يستطع نظرا لوجود رجال حقيقيين فى بداية الثورة بالميدان. فلماذا لم يقم الداعون للمظاهرة والموجودون فى الميدان بحماية الفتيات والإعلاميين وغيرهم باعتبارهم مسئولين عن فعاليتهم التى دعوا إليها؟ فالمجموعة التى هاجمتنا كانت متكاملة وتعرف جيدا ما تقوم بفعله وسط غياب أمنى تام أو حتى تأمين من قبل اللجان الشعبية للمتظاهرين لمداخل ومخارج الميدان، فالأمر يعود لثقافة مجتمع استفحل فيه البلطجة وثقافة الانفلات والعنف، ونحتاج إلى تغيير المنظومة الأخلاقية بكاملها. * ولماذا اختاروا طاقم مصر 25 للاعتداء عليه دون القنوات الأخرى؟ لأن "مصر 25" -رغم ضعف تمويلها وإمكاناتها المحدودة- تعتمد على الأخبار بشكل كبير، وهو أمر قليل ضمن "نافورة القنوات" التى اهتمت بتحليل المواقف أكثر من التركيز على الأخبار، وهو ما دفع باسم يوسف للسخرية من القناة خلال نصف حلقاته، الذى أعتبره من المشاركين فى التحريض ضدنا. * وكيف تتوقع شكل التعامل الإعلامى لو تم الاعتداء على مراسل قناة أخرى فى مليونية دعا إليها الإسلاميون؟ بالطبع كان سيتم التركيز على الواقعة وتضخيمها، وسيخرج علينا من يتساءلون: أين حرية الإعلام؟ وأين أصحاب القلم الحر؟ والإسلاميون خائفون علشان "منكشفش بلاويهم"، وهى التساؤلات نفسها التى أرددها لمنظمى مليونية الجمعة الماضية عما حدث لطاقم "مصر 25". "منكشفش بلاويهم".. مربط الفرس ومفتاح السر فيما حدث لطاقم القناة الجمعة، فمن فى الميدان حاليا لديهم تخوف من أى كاميرا. * وقبيل الاعتداء على طاقم القناة.. ماذا كانت أبرز المشاهدات التى رصدتموها؟ من أصعب المشاهدات عدم وجود أى لافتات تُدين الإفراج عن صفوت الشريف، فأذكر جيدا حينما كانت تتظاهر القوى السياسية الحقيقية فى الميدان كانت من أولى أولوياتها إدانة مهرجان البراءات، وأتعجب من عدم شعور الثوار بذلك، فمطالب الثورة تحولت لمطالب مجموعة تحاول الحفاظ على مصالحها، وأؤكد أن "لهم مصالحهم.. ولنا ثورتنا". * كنت أحد ضحايا أحداث العباسية العام الماضى وتم القبض عليك وترحيلك لطره، والجمعة الماضية تمت ملاحقتك من البلطجية.. كيف تقرأ المشهد ما بين الحدثين؟ فى أحداث العباسية كنا القناة الوحيدة التى تم القبض على طاقم القناة بأكمله خلالها، أما الجمعة الماضية هناك مجموعة من مصلحتها عدم نقل حوادث التحرش وحقيقة ما يدور فى الميدان للرأى العام. ورسالة الإعلامى الصادق إدراك أن هناك أعداء للحقيقة يتربصون به لمنعه من نقل الواقع بشفافية تضر من يسعى إلى تكميمه، وأؤكد أن حملات النيل لن ترهبنا أو تمنعنا عن نقل الحقيقة، فسنظل متابعين لرسالتنا مستخدمين فى ذلك أدواتنا "الكاميرا والمايك". * وبم تنصح زملاءك الإعلاميين والمراسلين؟ أقول لهم "لا تخشوا إلا الله"، فهو شاهد عليكم فى نقل الحدث، فأى استسلام للتهديدات أو الضغوط أو الانحيازات ستتسبب فى نقل رأى عام مخالف للواقع، ويتحمل المراسل والإعلامى حينها جزءا كبيرا من نتائج ذلك فى مرحلة خطيرة تمر بها البلاد.. فالإعلام رسالة إما نؤديها بأمانة أو نخونها، وحينها لن نحترم أنفسنا، ولن يحترمنا المشاهد. * من خلال جولاتكم الميدانية.. هل حقيقة الأحداث الحالية تتفق مع ما تصوره القنوات الخاصة؟ رصد المشاهد ونقلها يختلف من قناة لأخرى بحسب السياسة التحريرية والإعلامية لها، وبعض القنوات استخدمت أدواتها مثل ال"zoom in" للتلاعب فى حجم الكادر وإظهار الأعداد بصورة أكبر وخدمة أهدافها، فعلى سبيل المثال لم يتجاوز عدد المتظاهرين بالميدان الجمعة الماضية 500 فرد، غير أن البعض قال إنهم آلاف أو عشرات الآلاف. ومن خلال جولات القناة الميدانية رصدنا وجود حالة سخط من عدم اتخاذ الحكومة الإجراءات من شأنها فض حالة الفوضى، فغضب الشارع من الرئيس ليس بسبب عدم تنحيه عن الحكم بحسب ما يردده بعض الإعلاميين ولكن لرغبة المواطنين فى إجراءات أكثر حسما للحفاظ على الشرعية. وقمت بتغطية الأحداث فى محافظة السويس يوم قرار الرئيس بفرض حظر التجول، ورصدت حالة من السعادة فى عموم شوارع السويس حقنا للدماء، ولكن بعض وسائل الإعلام لم تنقل سوى البعض ممن تظاهروا وقت الحظر، ولم يلتفتوا لسعادة باقى المواطنين فى أنحاء المحافظة باستعادة الأمن جزئيا. * ختاما.. ما الضمانات اللازمة لتوفير الحماية للصحفى والإعلامى؟ نحتاج إلى قوانين صارمة لحماية الصحفى والإعلامى فى نقل الحدث ومعاقبة من يعتدى عليه، ونعانى كمراسلين من عدم وجود نقابة تمثلنا كإعلاميين، وأذكر فى ذلك ما حدث مع عبير سعدى وكيل نقابة الصحفيين -التى سارعت بالاطمئنان على طاقم القناة بعد أحداث الجمعة الماضية- خلال محاولتها التدخل للإفراج عنى عقب أحداث العباسية العام الماضى، وقيل لها إننا لسنا صحفيين أو أعضاء نقابة. كما نحتاج إلى حملات توعية بدور الإعلامى وكيفية مساندته، ولكنها ستكون طويلة المدى وعقب انتهاء حالة الاستقطاب الحالية.