انتهى وفدا حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وحركة التحرير الفلسطينية "فتح"، فى القاهرة نهاية الأسبوع الماضى، من الاتفاق على تفاصيل ملف المصالحة الفلسطينية، وخطوات التنفيذ التى يتعين البدء فيها، والتى من المقرر أن تبدأ نهاية شهر يناير الجارى، بعقد لجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية اجتماعها بالقاهرة يوم 9 فبراير لإقرار قانون انتخابات المجلس الوطنى الفلسطينى، وتشكيل لجنة انتخابات المجلس الوطنى بالخارج. وتكليف لجنة الانتخابات المركزية ببدء التسجيل فى الداخل لانتخابات المجلس الوطنى، وتحديد أماكن إجراء انتخابات المجلس الوطنى بالخارج، على أن تبدأ مشاورات تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة واستئناف لجنة المصالحة المجتمعية عملها فى قطاع غزة والضفة الغربية، ولجنة الحريات العامة تستأنف عملها فى قطاع غزة والضفة الغربية بحد أقصى يوم 30 يناير الجارى، إلا أنه رغم كل ذلك يبقى التساؤل: هل ستنجح تلك الإجراءات فى تحقيق المصالحة، أم أن الخلافات والعقبات الداخلية والخارجية ستحول بينهم وبين أن ترى المصالحة النور؟ وتشير خبرة الفترة الماضية إلى أن العقبات التى تقف فى طريق المصالحة أكبر من أن يتم تجاوزها لعدة أسباب: أهمها غياب الإرادة الحقيقية لدى قيادات حركة فتح فى إتمام ملف المصالحة، وتعاملهم مع الموضوع من منطلق كسب الوقت، فالتغييرات التى شهدتها المنطقة العربية بعد ربيع الثورات، أفقدتهم كثيرا من أوراق الضغط التى كانوا يستخدمونها لإملاء شروطهم على حركات المقاومة الفلسطينية، وليس من مصلحتهم فى هذا الوقت الحساس التى تمر به الأمة، أن يبدو وكأنهم العقبة أمام تحقيق المصالحة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يمثل الكيان الإسرائيلى والحكومة الأمريكية عقبة كبيرة فى طريق المصالحة، إذ يمثل ذلك بالنسبة لهم تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار الإسرائيلى، فضلا عن أن الانقسام الفلسطينى يمثل هدفا وغاية للحكومة الإسرائيلى، بذلت لتحقيقها الكثير من الجهد، وليس من السهل أن تقبل بتحقيق الوحدة الفلسطينية، لذلك ستلجأ لممارسة ضغط شديد على السلطة الفلسطينية لعدم إتمام ملف المصالحة، أو إتمامه بالشكل الذى يمثل مصلحة كبيرة للكيان الإسرائيلى. وقد لاحظنا مؤشرات الانقسام المحتمل فى اشتراط حركة فتح، حل كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس لاستكمال المصالحة، وإن كان نائب المكتب السياسى لحركة حماس موسى أبو مرزوق قد نفى ذلك. يضاف إلى ذلك حالة الشك المتبادل، واختلاف الرؤى والبرامج والتوجهات للطرفين، فحركة فتح والسلطة الفلسطينية، تسعى جاهدة لسلب حماس وحركات المقاومة عناصر قوتها فى قطاع غزة، والضفة الغربية، مما يجعلها لا تتوقف عن عمليات اعتقال النشطاء الفلسطينيين التابعين لحركة حماس فى الضفة الغربية، فضلا عن إجبارها أعضاء الجهاز الإدارى الفلسطينى التوقف عن العمل فى غزة مع إعطائهم مرتباتهم الشهرية دون عمل. كما أنه حتى الآن لم تقم فتح بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين التابعين لحركة حماس فى الضفة الغربية، رغم قيام حماس بإطلاق سراح الكثير من المعتقلين المنتمين لفتح فى سجونها، وتواصل حصار مقرات الحركة وعناصر وتمنعهم من حرية الحركة، حتى تقضى على أى نفوذ وتواجد لحماس فى الضفة الغربية. لذلك لا يتوقع البعض أن يحقق اتفاق المصالحة أهدافه، وأنه لن يكون أكثر من محاولة لكسب المزيد من الوقت من جانب فتح لترتيب الأوراق الداخلية فى حركة فتح، ودفع إسرائيل لتقديم تنازلات للسلطة الفلسطينية، تجعلها تحوز على أرضية واسعة فى الداخل الفلسطينى، تتيح لها إمكانية منافسة حماس فى قطاع غزة، وتحصل على الأغلبية فى أى انتخابات قادمة حتى لا يتكرر سيناريو 2006 مرة أخرى.