حظيت صحة المواطن، خاصة محدود الدخل والفقير، باهتمام كبير فى الدستور الجديد المطروح للاستفتاء حاليا وتستعد 17 محافظة تمثل نصف عدد الناخبين للتصويت عليه بعد غد السبت ليتم حسم الأمر بإقرار دستور الثورة الذى نص على أن الرعاية الصحية حق لكل مواطن وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحى، وفق نظام عادل عالى الجودة، ويكون العلاج بالمجان لغير القادرين، وأن تخصص الدولة نسبة كافية من الناتج القومى للعلاج. وتطرقت المادة "62 " من الدستور إلى توفير نسبة كافية من الناتج القومى لميزانية الصحة بعدما ظلت ميزانية الصحة التى لا تتعدى 3% من الناتج القومى هى الحجة التى يعلق عليها حكومات النظام البائد شماعة الفساد فى تلك المنظومة لكن الدستور الجديد ضمن أن تأخذ كفايتها من الناتج القومى باعتبار أن صحة المواطن هى أغلى ما يمتلك. وألزم الدستور الجديد الدولة بتقديم علاج عالى الجودة وبالمجان لغير القادرين، وأن تلتزم جميع المنشآت الصحية بتقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل مواطن فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، وتشرف الدولة على كافة المنشآت الصحية وتتأكد من جودة خدماتها، وتراقب الحكومة جميع المواد والمنتجات، ووسائل الدعاية المتصلة بالصحة، وتصدر التشريعات وتتخذ كافة التدابير التى تحقق هذه الرقابة. ولم يكتف بذلك فحسب حيث نصت المادة 63 على أن لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة وتلتزم الدولة بصون البيئة وحمايتها من التلوث، واستخدام الموارد الطبيعية؛ بما يكفل عدم الإضرار بالبيئة، والحفاظ على حقوق الأجيال فيها. وجاء بالمادة 64 المتعلقة بالعاملين أن للعامل الحق فى الرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية فى أماكن العمل وفقا للقانون، كما تطرق الدستور إلى العديد من الأمور التى لها انعكاس على صحة المواطن. وتضمنت المادة 68 النص على أن المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحى حقوق مكفولة، كما ورد بالمادة 70 لكل طفل فور ولادته الحق فى تغذية أساسية وخدمات صحية، أما المادة 72 فنصت على أن تلتزم الدولة برعاية ذوى الإعاقة صحيا وتعليميا واقتصاديا واجتماعيا، وتوفر لهم فرص العمل وترتقى بالثقافة الاجتماعية نحوهم، وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم. كما نصت المادة 41 من الدستور على أن لجسد الإنسان حرمة، ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز أن تجرى عليه التجارب الطبية أو العلمية بغير رضاه الحر الموثق، وفقا للأسس المستقرة فى العلوم الطبية وعلى النحو الذى ينظمه القانون. فى البداية، يرى د. خيرى عبد الدايم -نقيب الأطباء- أن الدستور الجديد تناول مواد تفصيلية متعلقة بالصحة على عكس ما كانت عليه فى دستور 71 الذى كان مدونا به: تكفل الدولة خدمات التأمين الصحى والعجز، وهذا هو كل ما كتب عن الصحة فى الدستور السابق. وأضاف عبد الدايم أن المواد المتعلقة بالصحة فى الدستور الجديد تعطى المواطن الحق فى التمتع بصحة جيدة وأن التأمين الصحى هو وسيلة تقديم الخدمة الطبية للناس، وأن تكون الخدمات الصحية مجانية لغير القادرين، موضحا أن الدستور تضمن أن تشرف الدولة على كافة المنشآت الصحية وتراقبها، حتى لا يكون هناك أى غش أو مغالاة كما نص على أن يتم علاج أى حالة طوارئ بالمجان فى كافة المنشآت الصحية الحكومية والخاصة. وأوضح أن الدستور تناول الأدوات الوقائية وبين الأسباب التى تؤدى إلى الإصابة بالمرض، ونص على أن تمنع الدولة أى ملوثات سواء فى الأكل أو الشرب أو هواء، وهذا من شأنه أن يؤثر على حياة وصحة المواطن. وأشار عبد الدايم إلى أن الدستور تناول مادة تحافظ على صحة المواطن فى بيئة العمل، وأن يتم تهيئها بما لا يضر بصحته، موضحا أن كثيرا من العاملين بالدولة ليسوا بصحة جيدة نتيجة بيئة العمل السيئة مثل المطابع ومصانع الكيماويات وغيرها، وهو ما يؤثر بالتبعية على الإنتاج بخلاف الصحة التى لا تقدر بثمن، لافتا إلى أن هناك مادة أخرى مُتعلقة بالنقابات المهنية والخاصة بتنظيم مهنة الطب وأعضائها، تؤكد وضع قواعد أداء يلتزمون بها. وقال: إن المادة الأهم فى الدستور الجديد هى أنه ألزم الدولة بأن تخصص للصحة نسبة كافية من الدخل القومى لإمدادها بكافة ما تحتاجه، وهو ذاته ما حدث فى الدستور فى التعليم والبحث العلمى، مشيرا إلى أن الدستور نص على ضرورة أن تحصل تلك الخدمات الثلاث على كفايتها من الدخل القومى، بعدما ظلت مُهمله لسنوات على الرغم من أن الاهتمام بالصحة والتعليم والبحث العلمى هى الركائز الأساسية للنهوض بأى مجتمع. أما د. يحيى مكية "عضو مجلس نقابة الأطباء، فيوضح أن المواد المتعلقة بالصحة فى مجملها خطوة نحو الأمام؛ حيث إن هناك العديد من الأمور التى تم تأكيدها من خلال هذا الدستور الجديد ولم تكن موجودة من قبل، مثل تقديم خدمات الأمومة بالمجان، وكذلك فى حالة وجود حالات خطرة يتم العلاج بالمجان فوجود مثل هذه النصوص يعطيها القوة عند التطبيق، ورعاية المعاقين صحيا ومن كافة المناحى بعدما ظلوا مُهمشين لسنوات وكل هذا من مكتسبات دستور الثورة. وأضاف أن النص المتُعلق بتقديم العلاج بالمجان لغير القادرين ربما يفتح الباب أو الجدال بأن من هم غير القادرين؟ وما هو تعريفهم؟ ولكن ربما تلك ليست مشكلة كبيرة ويمكن تحديد آلية لها ينظمها القانون، لافتا إلى أن دور الدولة الإشرافى شمل كل المؤسسات الصحية، مؤكدا أنهم يعولون على الدولة خلال الفترة القادمة فى العمل على تطبيق تلك النصوص. من ناحية أخرى، قال عاطف البنا، الفقيه الدستورى، إن محاولات البعض التشكيك فى مواد الصحة التى وردت بالدستور الجديد ما هى إلا محاولات لمغالطة الحقائق، لأن الأساس فى التأمين الصحى هو دفع اشتراكات تمثل 1% من الدخل ونص القانون على أن يكون مجانيا لغير القادرين بمعنى إعفائهم من الاشتراكات. وأوضح البنا أن النصوص المتعلقة بالصحة نصت على الحق فى الحصول على الرعاية الصحية، وتمكين المواطنين من الحصول على رعاية صحية عالية الجودة، وأن تكفل الدولة التأمين الصحى بالمجان لغير القادرين، مضيفا أن كلمة لغير القادرين هى التى دار الخلاف حولها، مشددا على أن ادعاءات البعض بأن المواطنين عليهم أن يقدموا شهادات فقر معلومات ليس لها أساس من الصحة، وما هى إلى محاولات من جانب البعض لتشويه الدستور