خبراء: الأمل فى الاستقرار ومواجهة الفساد وتحسين المعيشة ضاعفت فرحة الشعب يسرى عبد المحسن: حل مشاكل المصريين وإنهاء مرحلة الفوضى سر الفرحة هاشم بحرى: انتصار على أذناب النظام السابق والدولة العميقة على ليلة: الفوز حال دون انتكاسة الثورة عزة كُريِّم: الكل يشعر بأن الثورة بدأت تتعافى من جديد ثرية عبد الجواد: الإخوان هم أمل المصريين إذا نفذوا مشروعهم ما إن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عن فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة مصر، ليكون أول رئيس مدنى منتخب فى العصر الحديث، حتى خرج المصريون إلى الشوارع والميادين يعبرون عن فرحتهم، وعبر كل منهم عن فرحته بطريقته الخاصة، وكان مشهد السجود لله شكرا الأبرز، فيما زينت السماء بالأنوار والصواريخ والشماريخ والألعاب النارية، وانطلقت الزغاريد من نساء مصر، للتعبير عن فرحتهن. وفى محاولة لرصد أسباب هذه الفرحة الكبيرة، التى اتخذت الاحتفالات أشكالا متعددة لم تشهدها مصر منذ أمد بعيد، التقت "الحرية والعدالة" عددا من الخبراء المتخصصين فى علمى النفس والاجتماع، الذين أكدوا بدورهم أن الخوف من انتكاسة الثورة وعودة الفلول والنظام السابق مرة أخرى بالإضافة إلى الخطاب الذى ألقاه الرئيس محمد مرسى، فضلا عن كونه أول رئيس مدنى منتخب كل ذلك بعث الطمأنينة فى النفوس وأسعد المصريين بهذا الشكل. وأوضحوا أن فرحة المصريين طبيعية ومتوقعة، وهى فرحة يملؤها الحلم والأمل فى الاستقرار والبناء وحل كل المشاكل الخاصة والعامة، وتدل على طبيعة المصريين النقية والصافية، مشيرين إلى أن فوز د. مرسى بالنسبة للمصريين يعد انتصارا على أذناب النظام السابق والدولة العميقة والحكم العسكرى، مما أعطاهم أملا فى ظهور شكل جديد ومختلف على مصر. فرحة طبيعية يقول د. هاشم بحرى -أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر-: إن فرحة المصريين بفوز د. محمد مرسى برئاسة الجمهورية يعتبر استجابة طبيعية ومتوقعة، وتعبر عن مشاعر أكثر من 13 مليون مصرى انتخبوه، ولو نزلوا كل هؤلاء للشوارع، إضافة إلى فرحة المصريين عامة وإحساسهم بأن وجود رئيس للبلاد سيعطى نوعا من الاستقرار والتغيير النسبي. ويضيف أن فوز د. مرسى بالرئاسة أثر على كافة المصريين وأعطاهم الإحساس بالفرحة لأكثر من سبب؛ أولها: أن فوز شفيق كان سيبعث توترا شديدا على الموقف المصرى، ولن تهدأ البلاد وسينزل المصريون كل الميادين، إضافة إلى أن شفيق خرج من رحم النظام السابق وفوز مرسى عليه يعتبر انتصارا على كل أركان هذا النظام السابق والدولة العميقة، والانحياز الدميقراطى الحر، كما أن مرسى هو أول رئيس مدنى منتخب لجمهورية مصر العربية بعد توالى الأنظمة العسكرية على حكم مصر، وكل هذه تعتبر أسبابا كافية لفرحة كل المصريين. ويشير أستاذ الطب النفسى إلى أن طبيعة المصريين هى النقاء والحب وعدم الحقد، وهذا ما ظهر واضحا على جميع المصريين من أنصار مرسى أو أنصار شفيق، فلم نر أحداث عنف أو فوضى كما حذر الإعلام المصرى من حدوث أعمال عنف وفوضى من أنصار مرسى، مثل اقتحام البرلمان ودخول النواب بالقوة، لكن الإخوان دائما ما يثبتون أنهم حكماء وعقلاء، أو رفض النتيجة من أنصار شفيق والاعتداء على أحد من أنصار مرسى، لكن وجدناهم قبلوا بالأمر الواقع وتمنوا لمصر الخير، وهذا لأن المواطن المصرى يحمل جينات حب الوطن مهما كان انتماؤه وهويته وفكره. ويؤكد أنه على مر العصور فى مصر يثبت المصريون أنه فى حدوث أى مناسبات كبيرة وتجمعات وأحداث كحرب 73، وثورة 18 و19 يناير.. وغيرها، يثبت المصريون أنهم يد واحدة، ويقل معدل الفوضى والجريمة، وهذا ما أكده خبراء الأمن أن معدل الجريمة والفوضى انخفض من 38% إلى 15% فور سماع نتيجة فوز د. مرسى عصر الأحد الماضى، ولم ترتكب جرائم بشكل علنى أمام الناس. حلم الاستقرار ويضيف د. يسرى عبد المحسن -أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة- أنه بعد انتظار طويل وتوقعات بطموحات وآمال مستقبلية كثيرة معلقة فى اختيار الرئيس الجديد، كانت فرحة المصريين كبيرة وعارمة، وتأمل فى ظهوره بشكل جديد لا ينتمى للفصيل السابق والحكم البائد، مما أعطاهم شعورا بالأمل، إضافة إلى أنه غير عسكرى، ولن يحكم مصر نظام حكم العسكر بعد الآن. ويشير إلى أن فرحة المصريين المليئة بالبهجة وانتظار الفرج يشاركها حلم بالاستقرار وحل مشاكلهم الخاصة من أزمات اقتصادية وتعليم أبنائهم، مؤكدا أن المصريين أثبتوا للجميع تحضرهم وقبولهم بالرأى والرأى الآخر، وعدم حدوث فوضى أو عنف وتقبل النتيجة، وهذا يدل على طبيعة المصريين الطيبة والمتفائلة والحالمة بغد أفضل. ويقول د. قدرى حفنى -الخبير فى علم النفس السياسى-: إن المصريين كلهم فرحون ليس فقط أنصار مرسى من الإخوان المسلمين، بل على العكس وجدنا شخصيات كثيرة ضد الإخوان المسلمين وعلى خلاف سياسى معهم لكنها كانت تترقب النتيجة وتنتظر إعلان فوز مرسى، وعبرت عن فرحتها، ففرحة المصريين هنا ليست فقط بشخص مرسى ولكن أيضا بأول رئيس منتخب انتخاب حر ونزيه، فرحة برئيس لم يحصل على نتيجة باكتساح كما كان فى عهد النظام السابق. وأضاف: إن انقسام المصريين سياسيا صحى جدا ولا خوف منه، بل على العكس هو شىء جيد ومطلوب، ووصف تصريحات الإعلام وتخويفاتها من حدوث عنف وفوضى فى حال فوز أى من المرشحين أمر مبالغ فيه جدا، ولم يحدث أى عمل فوضوى أو عنفوى، وضربنا للعالم أجمع الذى كان يتهمنا بعد النضج السياسى والديمقراطى بأنه كان خطأ، وأن المصريين جميعا على قلب رجل واحد سيقفون لبناء وطنهم، إضافة إلى أن تصريحات د. مرسى كانت جيدة ومطمئنة، وسببا فى فرحة كل المصريين حتى من غير المؤيدين. إنقاذ الثورة ومن جانبه، يحلل د. على ليلة -أستاذ علم الاجتماع- فرحة الشعب المصرى العارمة بفوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية أن الشعب كان لديه خشية وخوف شديد من انتكاسة الثورة وعودة الفلول والنظام البائد مرة أخرى بشكل أقوى وانتقامى يقتل الفرحة بثورة 25 يناير، فسعد لأن فوزه يعد حفاظاعلى الثورة، ويشير إلى أنها ما زالت مستمرة، ومن ثم تنفس المصريون الصعداء. ويضيف أن من أسباب فرحة المصريين أيضا مجىء رئيس جديد منتخب لأول مرة منذ سبعة آلاف سنة، بعد أن كان يفرض عليهم ليصبح فرعونا، ويتابع قائلا: "إن فوز الرئيس مرسى منح المصريين أملا كبيرا فى أن الثورة بدأت تجنى ثمارها لتقضى على عهد الفساد، ويستطرد قائلا: " أصبح للشعب المصرى آمال وطموحات عالية، وكلما علت تلك الآمال والطموحات كلما زاد العبء على الرئيس". ويوضح ليلة أن خطاب الرئيس محمد مرسى عقب إعلان النتيجة بعث الطمأنينة فى قلوب الناس فسعدوا، ويقول: "أعتقد أن الرئيس مرسى له رؤية واضحة باعتباره أستاذا جامعيا، وأمامه فرصة تاريخية كان يتمناها منافسه الفريق أحمد شفيق ليصلح مصر وينهض بها بعد أن كانت قد أوشكت على السقوط والانهيار، ليسطر له التاريخ ذلك. ويناشد أستاذ الاجتماع الرئيس تطوير بطانته، حيث لا تكون هناك نخبة محيطة به تتحدث باسمه أو تزين له الأمور مثلما حدث مع الرئيس المخلوع مبارك، لافتا إلى أن الشعب لن يسكت ثانية. طمأنة الشارع ومن جانبها، تقول د. عزة كُريِّم -الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- إن الشعب المصرى سعد بفوز الدكتور محمد مرسى بمنصب الرئيس، لأنه شعر خلال الأيام الماضية أن الثورة قد قُتلت وبنجاحه شعر المصريون أنها بدأت تتعافى. وتضيف أن الشعب المصرى كان عليه أن يختار بين النظام السابق الفاسد ود. محمد مرسى، وكان لا بد أن يكون الاختيار حاسما حتى لا تعود مصر إلى الوراء وإلى النظام البائد الذى قامت الثورة للتخلص منه، مشيرة إلى أن ذلك يعد أحد أسباب فرحة المصريين. وتستطرد خبيرة الاجتماع قائلة: "إن اختيار مرسى باعتباره أول رئيس مدنى، وليس له أى انتماءات أو علاقة بالنظام البائد، بالإضافة إلى كونه أول رئيس خارج العسكر، وخطابه الذى بث الطمأنينة فى نفوس الناس كل ذلك من عوامل فرح المصريين بفوز مرسى". وتعلق على خطاب الرئيس محمد مرسى قائلة: "هذا الخطاب بعث الطمأنينة فى قلوب المصريين كافة بما فى ذلك المختلفين معه سياسيا، حيث خاطبهم ببساطة وتواضع وليس بتعال أو تهديد كما كان يفعل شفيق، وشعروا أنه واحد منهم". وتوضح كُريِّم أنه يتعين على الرئيس أن يتلاحم مع الناس ويستقطب الجميع حوله ليحقق مصالح مصر، وأن يكون هناك رسائل طمأنة فى البداية بالقول يعقبها عمل؛ لأن الجميع فى انتظار الأفعال وليس الكلام، مؤكدة أن هناك فقدان ثقة بين الشعب والرئيس أيا كان، موضحة أن المصريين سمعوا كلاما معسولا من الرئيس المخلوع مبارك وكانت حصيلة هذا الكلام وتطبيقه على أرض الواقع صفر. وتطالب الرئيس بضرورة الابتعاد وعدم التعامل مع النظام السابق، محذرة من أن ذلك يثير البلبلة، ودعت وسائل الإعلام إلى عدم استخدام أساليبها المضادة وتنمية المخاوف لدى الناس من الإخوان، مشددة على أن مرسى ليس رئيسا للإخوان فقط أو حزب الحرية والعدالة، وإنما رئيس لكل المصريين. وبدورها تؤكد د. ثرية عبد الجواد -وكيلة كلية الآداب بجامعة المنوفية- أن الفرحة التى انتابت الشعب المصرى قبل الإعلان عن محمد مرسى رئيسا للبلاد هو سلوك طبيعى من جانب الشعب، الذى تخلص من نظام استبده لسنوات طويلة، مشيرة إلى أنها شخصيا فرحت لعدم وصول شفيق للحكم، وبمجرد الإعلان عن مرسى رئيسا وقتها فقط تنفست الصعداء. وتشير أستاذة الاجتماع إلى أن الإخوان عليهم أن يثبتوا حسن النوايا تجاه هذا الشعب، وأن يتحدثوا باسم المصريين، مؤكدة أن بعد أربع سنوات -وهى فترة الرئاسة- من الممكن أن يخسر الإخوان كل شىء إذا لم يحققوا تطلعات الشعب المصرى، أو يكونوا الأمل لسنوات آخرى للأمام، ويكسبوا ثقة الشعب المصرى. وقالت ثرية: يجب علينا أن نعبر تلك المرحلة، وأن نعطى للرئيس متسعا من الوقت لتحقيق مشروعه، ويجب على الشعب المصرى أن يتكاتف من أجل تحقيق ذلك.