أصبحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تأسست عام 1987م معادلة مهمة في القضية الفلسطينية، ورغم نشأتها الدعوية في المساجد، إلا أنها بعد سنوات قليلة استغلت ضعف منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني" وطرحت نفسها بديلا؛ حيث وجد المؤسسون لحماس أن المنظمة لم تعد قادرة على إعادة حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وكان حصد حماس التي استشهد أغلب قادتها التاريخيين أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 نقطة تحول مهمة في تاريخها، إلا أن تجربتها في الحكم لم تحظ برضا كبير لدى الشارع الفلسطيني إذ اتهمت بإقصاء ما دون عناصرها. وتباينت المواقف حول حركة حماس التي تحتفل السبت المقبل بانطلاقتها رقم 25 من جانب الأنظمة العربية والإسلامية فمنهم من دعمها، وهناك من رفضها حتى عندما ترأس أحد قادتها الحكومة الفلسطينية. وقال الدكتور أحمد يوسف القيادي في حماس فى تعليق لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بغزة: إن ربع قرن على تأسيس حركته أوضح أنها كانت الأقرب إلى نبض الشارع الفلسطيني. وأضاف أن حصار قطاع غزة والانقسام الفلسطيني بخلاف حالة الاستقطاب الداخلية اضعف مكانة حركته لدى الشارع الفلسطيني ، إلا انه بعد حرب إسرائيل الأخيرة على غزة استعادت حماس الكثير من شعبيتها. وعن علاقتها بالفصائل الأخرى ، قال يوسف إن حماس أدركت أنها ليست قادرة على إقصاء حركة فتح فكان لابد من عمل قواسم مشتركة. وعن قبول حماس بدولة فلسطينية على حدود 67 رغم إعلانها عدم التخلي عن حدود 48، قال قيادي حماس أنه تم التوافق وطنيا على قاسم مشترك، مضيفا أن حدود 67 هو الحد الأدنى المطلوب في هذه المرحلة مع الحرص على حق عودة اللاجئين. أما الدكتور يحيى رباح مسئول حركة فتح في قطاع غزة، فقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن حركة حماس رغم نشأتها الدعوية في المساجد إلا أنها "كائن سياسي" فهى قادرة على التطور والانسجام مع الواقع حسب الضرورات السياسية. وتابع " كان ذلك واضحا الفترة الأخيرة في التهدئة مع الاحتلال والتعاطي السياسي مع كثير من الأطراف مشيرا إلى استقبال إسماعيل هنية "رئيس حكومة حماس" ل "انطوان زهرا". و"انطوان زهرا نائب عن كتلة القوات اللبنانية واتهم بمشاركة فاعلة في مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982 بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خلال الحرب الأهلية". ويرى الدكتور يحيى رباح مسئول فتح في غزة إن حماس لديها القدرة على اجتياز الخطوط الحمراء وتعتبر أفضل الطرق أن تكون جزءا من المشهد السياسي وهى تراعى قواعد اللعبة. وعن تقييمه لتجربة حكم حماس اكتفى بالقول ، إن سلوك حماس في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة كان أفضل من الحرب عام 2008 ،موضحا انه خلال الحرب الأخيرة التي دامت 8 أيام لم تحدث أزمات على مستوى الغذاء، منبها "أي خروج عن السياق الفلسطيني مدان". ويرى المحلل السياسي الفلسطيني حمزة أبو شنب إن عام 1996 كان علامة فارقة في حركة حماس موضحا أن حماس نفذت خلاله سلسة عمليات داخل إسرائيل ردا على اغتيال المهندس يحيى عياش القائد البارز في كتائب عز الدين القسام الذراع المسلح لحماس ، وتلاها مؤتمر شرم الشيخ بحضور دولي كبير وتم خلاله تصنيف حماس على أنها "منظمة إرهابية" وأصبحت ملاحقة ماليا وسياسيا كما جرت حملة اعتقالات واسعة لعناصرها . وأضاف أبو شنب لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن من العلامات الفارقة أيضا في حماس خوضها عام 2006 الانتخابات التشريعية ببرامج مختلفة ما أدى إلى حصادها اعلي الأصوات الفلسطينية خاصة بعد فشل برنامج التسوية مع إسرائيل ما شكل مرحلة جديدة فى توجهات حماس التي اتسمت برامجها بالمرونة . وتابع " هذه المرونة ظهرت في إعلان حماس قبولها بدولة فلسطينية على حدود عام 67 في الوقت نفسه حافظت على تبنيها لبرنامج المقاومة خاصة المسلح". ونبه إلى إن حماس ما تزال تواجه عقبات في الاتصالات الخارجية رغم أنها نجحت في فرضها نفسها كمعادلة مهمة في الواقع الفلسطيني ، لافتا إلى إنها حافظت على وحدتها بعيدا عن الانشقاقات. وعن تجربتها في الحكم ، رأى أبوشنب أن مستوى الرضا عن أدائها لدى الشارع الفلسطيني يتساوى تقريبا مع عدم الرضا ، موضحا أن الانقسام الفلسطيني خلق جزءا من عدم الرضا تجاهها. وقال المحلل السياسي الفلسطيني حمزة أبو شنب إن الأداء الأمني في قطاع غزة وإنهاء الانفلات ووقف انتشار السلاح قوبل بتأييد وترحاب كبيرين ، وبالمقابل أدى ارتفاع نسبة البطالة وقصر حماس الوظائف على عناصرها خلق نوعا من عدم الرضا تجاهها لدى بعض الفلسطينيين. وأشار المحلل السياسي الفلسطيني أبو شنب إلى أن حكومة حماس تميزت بغياب تهم الفساد عن أعضائها أو مخالفات ادراية حسب قوله. وتمر حركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة بالقوة المسلحة عام 2007 حاليا بعدة متغيرات مهمة حاليا ، أبرزها اغتيال احمد الجعبري القائد الفعلي لذراعها المسلح وعضو مكتبها السياسي ، والذي وصفه إسماعيل هنيه بأنه قائد أركان حماس . ويمتاز الجعبري بعقلية أمنية وعسكرية غير عادية ، فقد نجح حسب مصادر فلسطينية في إحداث تطوير كبير في عمل وتدريب عناصر كتائب القسام ستحمل من يخلفه عبئا كبيرا "تشير تقديرات إلى أن القائد مروان عيسى سيحل محله". كما يترقب كافة عناصر حماس رئيس المكتب السياسي الجديد للحركة بعد إصرار الرئيس الحالي خالد مشغل على مغادرة موقعه ، ومن المقرر اختياره على الأغلب قبل نهاية الشهر الجاري ، وتذهب معظم التوقعات لشغل هذا المنصب نحو نائبه الدكتور موسى أبو مرزوق المقيم في مصر حاليا. وتحافظ حركة حماس على أقصى درجات السرية في شئونها الداخلية ، حتى إن مجلس شورى الحركة الذي يديرها ويضم قدامى مؤسسيها والموزعين ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج غير معروفين لمعظم عناصر الحركة.