ما إن أعلن الرئيس عن تحديد يوم 15 ديسمبر للاستفتاء على الدستور حتى ارتعدت فرائص القوى السياسية التى لا ثقل لها فى الشارع والذين يخشون رأى الشعب والشارع الحقيقى لو احتكموا إليه. عاد التشكيك مرة أخرى فى قدرة المصريين على الاختيار الصحيح من هؤلاء الذين يخشون استطلاع رأى الشعب كله ويتحدثون باسم النخبة فقط.. عاد التشكيك؛ لأنهم لا وجود حقيقيا لهم فى الشارع باستثناء مقاهى وصالونات وفنادق النخبة!. تجربة استفتاء الإعلان الدستورى الأول فى مارس 2011، ثم انتخابات مجلسى الشعب والشورى وانتخابات الرئاسة، أصابت القوى اليسارية والليبرالية التى لفظها الشعب ب"إرتكاريا" مزمنة جعلتهم يهاجمون كل انتخابات وكل استفتاء؛ لأنهم يثقون فى أن نتائجه ليست لصالحهم، بل يسلمون سلفا أن أغلبية الشعب ستختار التيار الإسلامى والشرعية التى تساند الرئيس المنتخب، ولهذا فهم يرفضون من الأصل المشاركة فى أى انتخابات. تعالوا نر معنى تعجيل الرئيس الاستفتاء على الدستور بعيدا عن غوغاء الإعلام المضلل ومزاعم "أنهم يسلقون الدستور" وباقى هذه المعزوفة الخرقاء. فهذا الاستفتاء هو أقصر الطرق لوقف العمل بالإعلان الدستورى الذى يعترضون عليه ويريدون إلغاءه اليوم قبل الغد، ومن ثم إلغاء "تحصين" قرارات الرئيس التى اعترضوا عليها.. فما حجتهم إذن؟ أيضا هذا الاستفتاء معناه انتقال السلطة التشريعية من الرئيس بعد 15 يوما إلى مجلس الشورى (مؤقتا) لحين إجراء انتخابات مجلس الشعب خلال ستة أشهر ثم حل الشورى وإجراء انتخابات جديدة له، ومن ثم فهى ستعنِى أولا نزع السلطة التشريعية من الرئيس، وتقليص قدرته على التدخل فى قرارات القضاء بعد إلغاء كل الإعلانات الدستورية، بل ستحجّم سلطة الرئيس التنفيذية –بموجب الدستور– بنسبة الربع تقريبا.. فلا يصبح لدينا رئيس ديكتاتور كما يزعمون، ولو كان مرسى ديكتاتورا لعطل الدستور وعطل الاستفتاء وقال: "أنا مبسوط كده"!. ثم إن تحديد 15 يوما للاستفتاء على الدستور جاء وفقا للإعلان الدستورى الذى أُعد خلال الحكم العسكرى واستفتى الشعب عليه وليس وفقا لقرار الرئيس، فلماذا يقولون إن الرئيس تعجل فى الاستفتاء على الدستور؟! للأسف دعاة الفوضى يسعون إلى تحريض القضاة بعدم الإشراف على الانتخابات، وحتى لو استجاب لهم بعض القضاة –رغم أنهم بذلك يقعون تحت طائلة القانون الذى يطبقونه– فلن يستجيب لهذه الدعوات الخبيثة جموع القضاة الوطنيين الذين لا يمكن أن يتخلوا عن دورهم الوطنى فى الإشراف على الاستفتاء. الشعب بحاجة ماسّة فى أن يكون لديه دستور دائم وإجراء انتخابات مجلس شعب فى أسرع وقت لينهى المرحلة الانتقالية، ولكن هناك من يخشون الاحتكام للصندوق؛ لأنهم اختبروا أنفسهم فى أربعة انتخابات سابقة واستفتاء منذ ثورة 25 يناير، فلم يفوزوا فى أى منها، فقالوا: إن الشعب لا يفهم الديمقراطية وإن الإسلاميين سقوه "حاجة صفرا" وباقى هذه الخزعبلات المريضة التى يتحجج بها كل البلداء!.