السياسى الفاشل هو الذى يلجأ لأمريكا أو أوروبا للاستقواء بهما على أهل بلده، والذى لا يجد ما يدين به معارضى بلده (من الإسلاميين) أمام أمريكا وإسرائيل، فيتقرب لهم بمزاعم أن الإسلاميين "ينكرون الهولوكوست" –أى المحرقة التى يقول اليهود أن هتلر قام بها لإبادتهم– وأنهم يريدون حظر الموسيقى!!. البرادعى لم يكتف بتحريض أمريكا والغرب على التدخل فى مصر ضد الرئيس مرسى والتيار الإسلامى، ولكنه ذهب أبعد من هذا فى حديثه مع مجلة "ديرشبيجل" الألمانية يوم 26 نوفمبر الجارى، عند ما قال للصحفى (إيريج بورات): إن الرئيس محمد مرسى "أعطى نفسه صلاحيات واسعة واستحوذ على السلطة كاملة لنفسه، وإن الفراعنة أنفسهم لم يمتلكوا تلك السلطة"!. عندما قال له محرر المجلة: إن هذه السلطات التى أعطاها الرئيس لنفسه مدتها شهران فقط لحين تمرير الدستور الجديد، ظل يهدد ويتوعد ويقول: إن الإعلان الدستورى "يعيدنا إلى أحلك فترات العصور الوسطى". وعندما عاد مراسل "ديرشبيجل" ليقول له: إن"الرئيس مرسى انتخب قانونيا والإخوان المسلمون هم أغلبية"، شكك البرادعى فى نتائج الانتخابات، وقال: "إن جماعة الإخوان المسلمين حصلت على تلك الأصوات فى ظروف مشكوك فيها"، وزعم أن "هناك حربا أهلية سوف تندلع فى مصر، وأن الحكومة سوف تدمر الاقتصاد"!. وعند ما سأله: "هل تؤيد تجميد المساعدات الأمريكية لمصر؟" قال: "لا يمكننى أن أتخيل أن شخصا يحمل المبادئ الديمقراطية يمكن أن يدعم مثل هذا النظام"، أى إنه يؤيد قطع المساعدات. للأسف هذه عينة من السياسيين الذين ابتلينا بهم وكنا نحسن الظن بهم يوما ما، ولكن الأيام كشفت حقيقتهم، وارتهانهم للغرب واستنادهم إليه، ومن ثم حرصهم على مصالح الغرب أكثر من بلادهم وشعوبهم. هؤلاء مستعدون للرهان على أى شىء لكراهيتهم للإسلام نفسه وتعاليمه التى يسعى التيار الإسلامى إلى محاولة تطبيقها.. هؤلاء يرون –كما قال البرادعى نفسه فى حوار مع نيويورك تايمز عام 2007-: إن "الدين لم يكن فى حسبانه، وإنه حاور والدته كثيرًا بعد أن ارتدت الحجاب، وإن الإسلام مثله مثل أى دين آخر هو القيم الأساسية التى تجعلنى أشعر كما يشعر المسيحيون بالراحة مع البوذيين واليهود". لكى تعرفوا سر هذا التلميع الأمريكى والغربى لشخصيات معارضة تقف ضد الرئيس مرسى مثل البرادعى أعيدوا قراءة تقرير صدر عن مؤسسة راند RAND Corporationعام 2007 بعنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلةBuilding Moderate Muslim Networks"، حدد بدقة مدهشة صفات هؤلاء "المعتدلين"- بالمواصفات الأمريكية- المطلوب التعاون معهم ووصفهم بأنهم (الليبراليون والعلمانيون الموالون للغرب والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية)!. خطورة هذا التقرير الضخم –217 صفحة– أنه سرد قائمة بمن يعتبرون من المعتدلين من وجهة النظر الغربية فى الدول العربية ودول الخليج (المعروفين بتوجهاتهم العلمانية) فى العالم العربى كأشخاص ومؤسسات مثل: الشاعر السورى "أدونيس" الذى يقول: إن الدين "يجب أن يكون خبرة شخصية وروحية، وكل الأمور المدنية وشئون البشر يجب أن يختص بها القانون والناس"، والدكتور نصر حامد أبو زيد الذى قال: إن "القرآن نص أدبى يخضع للتحليل"، والناشط التونسى "محمد شرفى" الذى يعتبر الشريعة "منتجا تاريخيا"، وغيرهم كثير من نوعية البرادعى وشركائه!.