ما حدث أمس خلال الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، من محاولة الزملاء المنتمين للتيارات الناصرية والعلمانية اختطاف النقابة وتحويلها لمنبر سياسى لهم؛ يؤكد أن البعض ما زال يتعامل مع نقابتنا جمعيا أنها عزبة خاصة لتيار معين، وإرث تركه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لجموع الناصريين والمناهضين للتيار الإسلامى عموما. فالناصريون يستحضرون القانون 79 لسنة 1970، الذى ما زال يشترط أن يكون المشتغل بمهنة الصحافة عضوا بالاتحاد الاشتراكى!. الزملاء الناصريون قد تناسوا أن هذا الزمن قد ولى لغير رجعة، وأن مصر أصبحت للجميع، ونقابتنا لكل الأطياف، فلم يعد مقبولا بعد ثورة 25 يناير أن تؤمم صحف، أو تمنع تيارات كبيرة أو صغيرة من صحف تعبر عن نفسها، كما كان يحدث فى الحقبة الناصرية والساداتية والمباركية. ما حدث كان دليلا على أن النخب السياسية تريد استغلال أى منبر لمحاولة إيهام الرأى العام أن الجميع ضد قرارات الرئيس مرسى وإعلانه الدستورى الأخير. وسوف أكتفى بذكر ما حدث خلال اجتماع الجمعية العمومية الطارئة الذى كان من المقرر أن يناقش هيكل الأجور العادل، ووضع الصحافة فى الدستور الجديد، والأوضاع فى المؤسسات الصحفية، وتحول الاجتماع إلى "خناقة" بعد أن ردد الناصريون واليساريون والعلمانيون هتافات تنم عن أنهم اعتبروا النقابة عزبتهم الخاصة، مثل: "يا إخوانى اخرج برة"، على الرغم من أن الموجود من الإخوان هم زملاء لهم فى عضوية النقابة، وبدلا أن يتدخل أحد من رموزهم الكبار نجد البعض يهتف معهم "يسقط يسقط حكم المرشد"، فما كان من النقيب الأستاذ ممدوح الولى قبل صعوده لمنصة الاجتماع إلا أن طالبهم بالحديث فى الشأن المهنى، والابتعاد عن تجريح الهيئات والشخصيات، إلا أن أعضاء مجلس النقابة المنتمين للناصريين والحزب الوطنى المنحل حاولوا صنع أزمة، وتعالت أصوات البعض للمطالبة بسحب الثقة من النقيب لأنه إخوانى!. وتصاعد الجدل حول مدى قانونية الاجتماع الطارئ لعدم اكتمال النصاب القانونى حتى 12 ظهرا؛ حيث لم يتجاوز عدد الموقعين فى الكشوف حينها 1000 عضو مشتغل، فقرر سكرتير عام النقابة مد التسجيل لمدة ساعتين بالمخالفة للمادة 35 من قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970. حاول النقيب تحقيق وحدة الصف فى ظل مقاطعة مستمرة من الناصريين، وعلى الرغم من أن النقيب بشَّر جموع الصحفيين أن المفاوضات مع سلطات الدولة الرسمية مستمرة من أجل رفع الأجور، مؤكدا أن هناك زيادة فى البدل والمعاشات خلال الأشهر المقبلة، إلا أن "هتيفة" الناصريين والعلمانيين الذين يعملون فى صحف وفضائيات فلول النظام البائد لا يشعرون بمعاناة زملائهم، فقد جاءوا من أجل تحويل النقابة لمنبر لسب الإخوان، والاعتراض على الإعلان الدستورى، والادعاء أن تأسيسية الدستور تنتهك حرية الصحافة. وفى ظل استمرار الهتافات المطالبة بسحب الثقة من النقيب من بعض السيدات، دحض الولى ادعاءات وكيل النقابة بانتهاك التأسيسية للحريات الصحفية، فأكد أن النقابة تقدمت ب7 مواد فى الدستور، تم إقرار 5 منها، وهى المواد 42 و44 و45 و46 و216 الخاصة بالمجلس الوطنى للإعلام. وقال: إن النقابة طلبت إضافة نص للمادة 45، واعترضت على نص المادة 50 من المسودة. وقبل أن يواصل الولى كلمته قاطعه جمال فهمى، المعروف أنه كان يحلم بأن يكون ممثلا للنقابة فى التأسسية بدلا من الولى، وحاول التداخل فى كلمته إلا أن الولى طالبه باحترام قانون النقابة، قائلا له: يا من ترفضون القانون، اكشفوا أنفسكم أمام الرأى العام، أين جلال عارف وشيوخ المهنة ليطالبوكم باحترام القانون؟"، فخاطب جمال نقيبه قائلا: "يا بتاع القانون انت ليس لك أى حق فى الكلام ده.. تعملوه فى حزبكم ليس هنا". ما حدث فى الجمعية العمومية لنقابتنا يخلص أن هؤلاء يعتبرون مصر وليس النقابة هى عزبتهم التى ورثوها من المخلوع، فعندما جاءت الانتخابات بالإسلاميين فلا بد أن يعاقب الشعب الذى جاء بهم حتى لو أدى الأمر إلى حرق مصر بأكملها، وليس ما تقوم به بعض القوى السياسية حاليا سوى امتداد لمشهد نقابة الصحفيين.