عند أقرب نقطة لمعبر رفح الحدودى الفاصل بين الأراضى المصرية والفلسطينية، يلفت الأنظار مشهد بيت مبنى بالحوائط الخرسانة لكن حوائطه مشققة ونوافذه مكسورة وتشعر أن البيت مهجور لا يوجد به السكان. اقتربت من هذا المنزل لأجد به شيخا قعيدا فقد زوجته قبل سنوات، ولكنه يعيش مع ابنته وزوجها وطفليهما، سألتهم عن أوضاعهم فى ظل العدوان الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة وكيف يقضون هذه الأيام؟ يقول عامر أبو محمود -صاحب ال(67 عاما)-: دوى القصف الإسرائيلى على القطاع أشعر به وكأنه فى بيتى الذى يبعد مئات الأمتار عن مناطق القصف". ويضيف: "أصعب ما فى القصف الأطفال الصغار الذين يلاقون الأمرين من الرعب، حتى إننا قد نجد الطفل يسقط من سريره، أو يصيبه التبول اللاإرادى مع كل قصف على القطاع"، ويتابع: "فالصهاينة يقصفون بنوع من القنابل يسمى قنابل ارتجاجية، فمع كونها تدمر وتقتل وتصيب، تقوم بخلخلة للمبانى والأراضى التى تقع عليها، فتضرب البنية التحتية لها، وللمناطق والمبانى حولها". ويشير أبو محمود إلى أنه لم يعد يصلح زجاج البيت، ولا التشققات التى تطوله جراء القصف، لأنه يعلم أنها ستحدث مجددا، خاصة أن الصهاينة ليس لهم عهد ولا ذمة، فقد يعلنوا التهدئة فى وقت من الأوقات، وتجدهم بعد أيام قلائل يقومون بالقصف مجددا، ويضيف: "ليس لى مكان آخر أسكن فيه، وأيامى فى الدنيا أصبحت معدودة، فلن أعيش مثلما عشت، ومن ثم سأبقى فى بيتى حتى أموت". أما ابنته أم محمد والتى رزقها الله بطفلين فتقول بصوت ممزوج بالدموع: "نعيش ليالى من الرعب والقلق والخوف، فابنى محمد (7 سنوات) وابنتى هند (4 سنوات)، لا ينامون طوال الليل، ولا يفعلون إلا الصراخ والعويل، حتى وصل بهما الحال أنهما يتبولان بصورة لا إرادية من قوة القصف والرعب الذى يدب فى نفوسهم. وتشير إلى أن الليل هو ملاذ الصهاينة فى الضرب والقصف، وفى ظل سكون الليل قد تصل لنا أصوات القصف فى وسط القطاع، وهو ما يزيد من شدة الرعب لكل من فى البيت، وتضيف: "ليس لنا سوى الله، فهو الذى سينجينا إن حدث شىء، فعلى الرغم من أن البيوت مبنية بالحجارة الخرسانية، إلا أنها تتشقق والزجاج تكسر، ولا ندرى ماذا نفعل".