الهدف الرئيسى للتعليم المفتوح المحلق بجامعات الدول المتقدمة هو إعطاء الفرصة للعديد من الطلبة -خاصة الذين فاتتهم فرص الالتحاق بالتعليم التقليدى مثل العاملين وربات البيوت- لاستكمال تعليمهم العالى. وقد وفّر التعليم المفتوح بالفعل الفرصة لعديد من الشرائح الاجتماعية لإكمال تعليمها، وأصبح من حق الجميع الوصول إلى مختلف المؤهلات حاليا، خاصة بعد ظهور العديد من التطبيقات والأنظمة التى تتوافق مع التعلم الذاتى مثل التعلم عبر استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة. وكثير من الجامعات العريقة أصبحت تستخدم أنظمة تعليم تشجع على التعلم المفتوح، فبعض الجامعات تمارس التعليم المفتوح إلى جانب التعليم التقليدى، والهدف من ذلك هو دعم التوجه العالمى لدعم التعليم العالى، فالعديد من الدول المتقدمة تضع بين أهدافها الأساسية رفع نسبة التعليم العالى إلى 50% وهذا يعنى أن عدد الطلبة الملتحقين بالتعليم العالى مقارنة مع الفئة العمرية 18-24 عاما تزيد عن 50%. ولذلك حرصت الدول المتقدمة على تشجيع الالتحاق بالتعليم وفق أنظمة التعلم المفتوح، ولكن بضوابط صارمة تضمن جوده نوعية هذا التعليم. ولذلك لا بد من وضع ضوابط لضمان نجاح الطلبة الملتحقين، وهذا يتطلب وسائل تدريس من نوع آخر لا تمارس حاليا فى البرامج التقليدية ويتطلب تأهيل أساتذة بشكل آخر، ويتطلب أيضا تحسينا فى الخطط الدراسية والمحتوى العلمى لهذه المناهج، وهنا يمكن للتعليم أن يؤدى مسئوليته الاجتماعية تجاه فئات ذوى الاحتياجات الخاصة أو تجاه الفئات الفقيرة، فالتعليم المفتوح يوفر على الطالب أموالا مقارنة بالانتظام فى مؤسسة تعليم عالٍ. وأعتقد أن هذه المقدمة ضرورية بمناسبة بدء فعاليات أول مؤتمر حول تقييم نظام التعليم المفتوح فى الجامعات المصرية بحضور وزير التعليم العالى الدكتور مصطفى مسعد وبمشاركة المتخصصين والخبراء وقيادات النقابات المهنية. لقد تأخر تقييم هذه التجربة التعليمية طويلا، حيث عرفت مصر التعليم المفتوح عندما أسست جامعة القاهرة أول مركز للتعليم المفتوح عام 1991، فلا بد من تقييم نموذج التعليم المفتوح فى الجامعات المصرية من كافة أبعادها التعليمية والاجتماعية. نأمل أن يضع هذا المؤتمر إطارا لتقييم شامل لتجربة نظام التعليم المفتوح ووظائفه وكيفية تطويره وتفعيل دوره فى التعليم والتدريب وإتاحة التعليم العالى لطلابه فى سياق الجودة التعليمية والتدريب المناسب بما يحقق الأهداف المنتظرة من هذا النمط التعليمى الهام. فإذا كان الهدف من التعليم المفتوح هو إعادة تأهيل العاملين بالشركات والمؤسسات وليس فقط منحهم مؤهلا عاليا لتسوية وضعه الوظيفى فيجب أن تراعى جامعاتنا التى لها مراكز للتعليم المفتوح أن لا تتحول هذه المراكز لمجرد أماكن للحصول على شهادات جامعية مقابل فوائد أخرى ليس من بينها الارتقاء بالمستوى المهنى. لا بد أن نعترف أن التعليم المفتوح تحول فى أغلب جامعاتنا لبيزنس يدر دخلا محترما على الأساتذة وموارد إضافية للجامعة، لدرجة أن جامعة القاهرة على سبيل المثال تحصل على أرباح سنوية من مركزها للتعليم المفتوح تفوق 100 مليون جنيه، ونحن لسنا ضد أن يكون هناك إرباح من هذه النوع من التعليم الذى يدعم بشكل أو بآخر الجامعات الحكومية، ولكن ذلك يجب ألّا يكون بأى حال من الأحوال على حساب سمعة التعليم الجامعى المصرى؛ لأن شهادات التعليم المفتوح تكون فى النهاية محسوبة على التعليم الجامعى المصرى، وأى تساهل فى منح هذه الشهادات مقابل المزايا الماديه للأستاذ وجامعته يخصم من الرصيد الأكاديمى للأستاذ والجامعة؟ ولا بد أن يبحث مؤتمر اليوم تطوير الهيكل التنظيمى لنظام التعليم المفتوح، وأساليب وطرق التدريس المقدمة للطلاب، وتوظيف تكنولوجيا التعليم ونظم الاختبارات والتقييم فى التعليم المفتوح، ويجب أن يبحث هذا المؤتمر ملاءمة سوق العمل لخريجيه، ودور النقابات المهنية فى تدعيم خريجى التعليم المفتوح واستراتيجيات تطوير إدارة العملية التعليمية بنظام التعليم المفتوح. وأخيرا لا بد أن يكون هذ المؤتمر بداية حقيقية لدور التعليم المفتوح فى بناء نهضة مصر بعد الثورة، حتى لا يتحول هذا النوع من التعليم إلى مجرد بيزنس للجامعات الحكومية وسبوبة للأساتذة.