أكد الصحفي أيمن الصياد، مستشار الرئيس لملف الإصلاح المؤسسي للإعلام في مصر، أن اختياره كمستشار للرئيس وهو المعروف مقدما باستقلاله وبحرصه على هذا الاستقلال يكفي لمعرفة كم تغيرت مصر، رافضا الهوس التصنيفي الذي أصابنا في فترة ما بعد ثورة يناير، ويكاد أن يقضي على كل ما حققته، بعد أن فرقتها المخاوف والأطماع والشكوك وحسابات الساسة، موضحا أنه لا يعارض الإخوان على طول الخط، وليس منافقا ليكون تأييده غير مشروط، وليست لديه مواقف مسبقة من الإخوان أو من غيرها، معربا عن اعتقاده أن الإخوان يمرون حاليا بمرحلة حاسمة، وأكثر ما يحتاجون إليه اليوم هو معارضة منصفة. وقال أيمن الصياد في حوار مع صحيفة "القبس" نشرته اليوم: إن حزب الحرية والعدالة هو حزب الأغلبية في البرلمان الموقوف، وهذا الحزب يستوفي جميع الشروط القانونية، ولدينا جماعة تحتاج إلى تقنين أوضاعها، والإخوان يسعون لاستمرار الجماعة لأنها في الأساس جماعة دعوية لها تاريخ طويل، وهى الآن تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها، فإما أن تنجح في عبور هذه المرحلة فيكون لها شأن عظيم وإما أن تخفق وتدفع ثمنا غاليا ويدفع معها الوطن كله، موضحا أنه من المبكر جدا الإقرار بأن الإخوان سوف تكون لها الأغلبية في مجلس الشعب المقبل وذلك لأسباب عدة، منها أن لدينا الآن العديد من الأحزاب ذات المرجعية الدينية وذات تنافس قوي فيما بينها، وهذا سيؤثر على اتجاهات التصويت للمواطن العادي. وأوضح أن "أخونة الدولة" تعنى أن الإخوان المسلمين ستحتل مراكز المسئولية في الدولة، وهو وضع طبيعي نتوقعه من أي حزب يتولى السلطة، لكن ما يقلقني هو ما أسميته ب "تأخون الدولة"، بمعنى أن نجد شخصيات أو مؤسسات لم تكن في يوم من الأيام ذات هوى إخواني لكنها فجأة تتحول إلى "ملكية أكثر من الملك" تغازل الإخوان.. هؤلاء الأشخاص كانوا سيتحولون إلى "شفيقيين" إذا كان شفيق هو الذي فاز برئاسة الجمهورية، هذه الثقافة أول من سيتضرر منها هو الإخوان المسلمون أنفسهم. وعن لقائه المبكر بالرئيس مرسي، عشية توليه منصبه، أشار الصحفي أيمن الصياد أن معرفته بالرئيس بدأت بعد نشره مقالا في جريدة "الشروق" وقت أزمة قراره بعودة البرلمان، وفيما يبدو أنه لفت انتباه الرئيس الذي طلب أن يذهب إليه، وقال يومها تناقشنا وتحاورنا وعرفت أنه قد أصبح لدينا رئيس "يقرأ ويسمع"، وهذه ميزة افتقدناها وقت حسني مبارك، الذي كان يكره أن يقرأ ولا يطيق أن يستمع لأحد، أما سبب اختياري مستشارا بالهيئة الاستشارية فأعتقد أنه ربما يرجع لحرصي الدائم على أن أكون مستقل الرأي. وأشار إلى أن القضية ليست في أن ينص في الدستور على وجود مجلس وطني للإعلام المقروء والمسموع والمرئي، فلدينا بالفعل مجلس أعلى للصحافة، ولدينا اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وقوانين الهيئتين من ناحية الشكل تكفي بالغرض، لكن المسألة تستدعي قبل ذلك حوارا مجتمعيا حقيقيا حول حزمة التشريعات اللازمة للإصلاح المؤسسي للإعلام المقروء والمسموع والمرئي، موضحا أن هذه المرحلة الانتقالية ربما تستوجب وجود وزير إعلام تكون مهمته الرئيسية إنهاء الحاجة إلى وجود وزارة إعلام، ففي المجتمعات الحديثة لا توجد مثل هذه الوزارات. وأضاف الصياد، أن المشكلة الأكبر الآن هى في أننا نتعجل ثمار التغيير، الوضع صعب للغاية، ولكل تغيير ثمن، وللديمقراطية ثمن إن لم ندفعه فلن نحصل عليها، وعلى الذين يقلقون من خروج تظاهرة هنا أو اعتصام هناك، أو نشر خبر هنا أو مقال هناك، ويزعجهم الصوت العالي لحرية التعبير، فهذه هي الديمقراطية التي كنا نبحث عنها. وأشار إلى أن من آفات الفكر المصري في الوقت الحالي هو التصنيف القصري للأفراد، بمعنى أن نتعسف في وضع الناس داخل أطر محددة وعليها نصنفهم، هذا ليبرالي وهذا إسلامي، مع أنه في الأساس لا تناقض بين أن تكون داعيا أو مناصرا للحرية، وأن تكون مسلما صحيح الإيمان، كما أنه لا تعارض بين أن تكون من الذين يرون الإسلام إطارا حضاريا وثقافيا وتاريخيا للمجتمع، وأن تكون من أشد المناصرين للحرية والليبرالية، خصوصا أن الباحث المدقق لا بد له أن يكتشف أنه لا إتاحة للحرية أكثر مما أتاحها الإسلام، فالإسلام دين يتيح حتى حرية أن تدين بغيره "لكم دينكم ولى دين"، ولا توجد ليبرالية أكثر من ذلك، فالليبرالية ليست دينا بل هى مفهوم سياسي، والذين يحاولون أن يصنفوا هذه التصنيفات عليهم أن يراجعوا أنفسهم، فليس الأمر "مع أو ضد" وإنما ينبغي أن يكون الإنسان صاحب رؤية حيال قرارات وليس أشخاصا أو جماعات.