هل أتاك حديث قيام إيمان أحمد كيلانى المعلمة بمدرسة الحدادين المشتركة التابعة لإدارة القرنة التعليمية بغرب الأقصر بقص شعر تلميذتين بالصف السادس الابتدائى عقابًا لهما على رفضهما ارتداء الحجاب. لقد تحول هذا الحدث الذى ننكره جمعيا وتأسفت عنه المعلمة نفسها بين عشية وضحاها إلى قضية محورية لإعلام الفلول والتليفزيون الصهيونى معا، وأمر فيه النائب العام -فى ظل تراكم آلاف قضايا الفساد وقتل الثوار- بفتح تحقيق فورى فى القضية، وكلف سيادته المحامى العام لنيابات الأقصر بسرعة اتخاذ إجراءات التحقيق، بعد أن تلقى بلاغا من المجلس القومى للطفولة والأمومة يطالبه بالتحقيق فى الواقعة. ومن جانب آخر استُغل الحادث كمنصة للهجوم على الإسلاميين دون أن يحاول الإعلام تقصى الحقائق، بل جرت المبالغة فى القضية لدرجة أن ميرفت التلاوى رئيس المجلس الأعلى للمرأة رغم تقدم سنها ذهبت إلى الأقصر لمساندة التلميذتين ضد وحشية المعلمة، وعند ما فوجئت المناضلة بمظاهرة من زميلات التلميذتين تطالب بعودة المعلمة المعروفة بالتزامها التعليمى والأخلاقى وبأن علاقتها حسنة بكل الطالبات بما فيهن التلميذتان، وأن عملية قص الشعر كانت عبارة عن قص جزء صغير من الشعر على سبيل الحث على الحجاب وليس كما أظهره الإعلام، إلا أن زعيمة المجلس الأعلى للمرأة ردت عليهن قائلة: "مش هتخيل عليا التمثيلت ده". وكان الأجدى من الزعيمة أن تحقق لتكتشف أن الإعلام بصحفه وفضائياته التى يسيطر عليه رجال أعمال مبارك هو الذى ضخم القضية واستغلها فى حربه القذرة ضد الرئيس محمد مرسى الذى يسعى حاليا لإعادة ثروات مصر المنهوبة وأراضيها من هؤلاء وغيرهم، ولذلك فإن محاربة الرئيس الإسلامى لديهم هى حرب مقدسة دفاعا عن الأموال الحرام التى ساعدهم آل مبارك على نهبها من قوت هذا الشعب. لا شك أن هناك مستفيد من تضخيم هذا الحادث وإعادته لبؤرة الأحداث بعد تدخل وزير التربية والتعليم نفسه بمعاقبة المعلمة، حيث اتخذ قرارا بالإخلاء الإدارى الفورى للمعلمة، بالإضافة إلى الإخلاء الإدارى والفورى لمدير المدرسة لعدم اتخاذه الإجراءات الواجبة فى هذ الشأن فور وقوع الحدث. وتمت مجازاة المعلمة المذكورة بخصم شهر من راتبها، فهل المطلوب لكى يهدأ إعلام الفتنة أن تعدم المدرسة فى معبد الأقصر؟!. ألم يكفِ أن يقول الوزير إن ما حدث من المعلمة غير مقبول، وإن ما فعلته يعد اعتداء صارخًا على الحرية الشخصية للتلميذتين. ولكن يبدو أن العداء للتيار الإسلامى قد جمع بين فضائيات رجال أعمال مبارك والتلفزيون الصهيونى الذى لم يفوت الفرصة وبث تقريرًا تناول الحادثة ووجه هجوما حادًا للإسلاميين، وأكد أن تلك المعلمة المنتقبة لم تكن لتجرؤ على القيام بما قامت به إلا وهى على يقين بوجود "قاعدة قوية للإسلاميين فى وزارة التعليم بصورة عامة، ومديرية الأقصر بصورة خاصة". ولكن كان لنقابة المعلمين دور مشرف عند ما أصدر الدكتور أحمد الحلوانى نقيب المعلمين تعليمات مباشرة بتكليف محامى النقابة بالأقصر بالدفاع عن المعلمة المتهمة بقص شعر الطفلتين، وذلك فى حال مثولها للتحقيق أمام النيابة. وقد أكد الحلوانى "أنه على الرغم من أن النقابة لا تقر هذا التصرف غير التربوى من المعلمة، إلا أنها من حقها علينا الدفاع عنها والوقوف بجانبها إلى أبعد مدى، خاصة أنها تعرضت للتحقيق من قبل الوزارة، وعوقبت بالخصم والتحويل للعمل الإدارى وهى عقوبة ليست سهلة، لذا فلا يجب أن تتعرض للعقاب مرتين، وإذا كانت ستُحاسب أمام النيابة فإن النقابة ستطالب الوزارة برفع العقوبة الأولى عنها والتى كانت قد أقرتها الوزارة". لعل توافق التليفزيون الصهيونى مع فضائيات وصحف فلول مبارك ورجال أعمال يكشف لنا أن هناك شيئا ما يدبر ضد مصر وانقلابا ناعما يقوده إعلام الفلول الذى يجب أن يكون للمسئولين وقفة معه حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.